الأربعاء، 04 أغسطس 2021 - 08:43 م

عرف المصرى القديم البحر والنهر، ونقل خلالهما البضائع خلال التجارة مع بلاد بنط والحبشة، وفى عهد سنوسرت الثالث حفر أول قناة تربط بين نهر النيل والبحر الأحمر، وبمرور الزمن تطورت الفكرة فربط المصريون بين البحرين الأحمر والمتوسط فى عهد الخديو سعيد باشا، وفى السويس التى يحمل أهم ممر ملاحى فى العالم اسمها يحتفظ بتاريخ القناة التى حفرها الفراعنة، وقناة السويس التى حفرها المصريون قبل 162 عاما.

داخل متحف السويس القومى كان فى استقبالنا دينا السيد مدير المتحف، حدثتنا عن تاريخ القناة وهى تصحبنا فى جولة داخل القاعات التى تقع بالدور الأول فى المتحف، والتى تتصل ببعضها فى تصميم معمارى وهندسى رائع يسلب اللب وكأنك تتنقل بين صفحات التاريخ.كانت القاعة الأولى لقناة السويس القديمة التى حفرها الفراعنة، وتعرض فى تسلسل زمنى ما جرى عبر التاريخ، تقع عيناك على صور وخرائط وقطع أثرية وتماثيل تمضى بعقلك قدما نحو براعة وعبقرية المصرى القديم، على يسار مدخل القاعة ترى خريطة رمادية اللون، توضح الأفرع السبعة للنيل، من بينها الفرع الديلوزى، حيث خرجت أول فكرة لحفر القناة التى تربط بين البحر الأحمر ونهر النيل، وبالتالى البحر المتوسط الذى يصب فيه النيل، وأطلق عليها قناة سيزوتريس والتى حفرت فى عهد سنوسرت الثالث عام 1883 قبل الميلاد.

لوحات متعددة بينها لوحة «دارا الأول» وهى لوحة كبريتية تشرح إعادة حفر قناة السويس، ثم لوحة بطليموس الثاني، كما تضمنت قاعة القناة القديمة قطعا حجرية لجزء من معبد الإله حابى إله النيل عند المصريين القدماء، وعليه «فرشوش» ملكى ونقوش للملك خنتو الثانى من الأسرة الثلاثين، وعثر على تلك القطع الحجرية بمنطقة أولاد موسى التى تقع على مسافة 1 كيلو شمال شرق السويس، قرب قرية عامر والتى من المرجح أنها كانت ميناء على القناة القديمة.
تقودك قدماك فى خط يميل يسارا إلى القاعة الثانية تخبرنا مديرة المتحف بأنها قاعة «الملاحة والتجارة» وتضم نماذج لأشكال المراكب خلال العصور القديمة، إذ جرى وضع مجسمات المراكب والبحارة فى ناموس زجاجى كبير فى نصف القاعة، وتضمن نماذج لمركب من البوص والبردى. أما آخر قاعة قبل خروجك من المكان مخصصة لقناة السويس الحديثة- والتى باتت قديمة بعد حفر القناة الجديدة فى 2014- هنا مقتنيات القناة التى بدأ المصريون حفرها فى عهد الخديو سعيد عام 1859، عندما جاء فريدينالد ديليسبس إلى مصر وعرض على الخديو سعيد فكرة حفر قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط فوافق عليها ولم يحالف الحظ الخديو ليرى نتائج قراره، فتوفى قبل انتهاء الحفر.

وتقول دينا السيد إن الحفر بدأ 1859 وانتهى عام 1969، وجرى افتتاح قناة السويس فى عهد الخديوى إسماعيل، إذ نظم احتفالية ضخمة لافتتاح القناة ودعا لحضوره معظم ملوك وأمراء العالم فى ذلك الوقت، وحضرت الإمبراطورة أوجينى زوجة نابليون الثالث وأمير بروسيا وملك الدنمارك والعديد من ملوك العالم.

وتتضمن قاعة قناة السويس الحديثة صورة لعقد امتياز حفر قناة السويس، وتلسكوبات وأدوات تم استخدامها فى الرفع المساحى خلال الحفر، والعديد من الميداليات التذكارية التى خصصها الخديو إسماعيل لذكرى الافتتاح.
من ضمن المقتنيات أيضا هناك خريطة لأقدم ثانى خط سكة حديد فى العالم، وجرى تدشينه فى السويس عام 1882، ولوحة بورتريه بألوان الزيت للخديو سعيد، وتمثال من البرونز للخديو إسماعيل.
أكثر ما يلفت انتباه زوار القاعة، العربة الأثرية «العربة الكلش»، واحدة من العربات السبع الفاخرة والفارهة التى استقلها المدعوون لحضور افتتاح القناة.