الروائى الكبير نجيب محفوظ
الروائى الكبير نجيب محفوظ


بدايات الكاتب الكبير مع كرة القدم.. الرياضة فى حياة محفوظ

عاطف النمر

الأربعاء، 04 أغسطس 2021 - 10:03 م

يقول الروائى الكبير نجيب محفوظ الحائزعلى جائزة نوبل عن علاقته بالرياضة: « ترجع علاقتى بالكرة إلى الفترة التى انتقلنا فيها إلى العباسية، كنت آنذاك قد التحقت بالمدرسة الابتدائية ، وكانت فى ذلك الوقت لا تلتزم بسن محددة للالتحاق بها ، كنت تجد إلى جانب الأطفال فى سن الثامنة أو التاسعة شباباً تجاوزوا العشرين ولهم شوارب كبيرة ، واصطحبنى شقيقى ذات يوم لزيارة صديق حميم له من عائلة الديوانى ، وهى عائلة معروفة ، ومن أبنائها أطباء ومستشارون ، كان بيت هذا الصديق يطل على محطة السكة الحديد، وعندما فرغنا من تناول الغداء اقترح أن يصطحبنا لمشاهدة مباراة فى كرة القدم بين فريق مصرى وآخر إنجليزى ، وكم كانت دهشتى كبيرة عندما فاز الفريق المصرى ، كنت أعتقد حتى ذلك الوقت أن الإنجليز لا ينهزمون حتى فى الرياضة ».


كانت الكرة هى الميدان الوحيد الذى يمكن للمصريين آنذاك أن يضربوا فيه الإنجليز من دون أن يتمكن هؤلاء من ضربهم بالنار، ويقول نجيب محفوظ عن هذا : « كثيراً ما كنا نسحقهم سحقاً ، وكان قلب الدفاع فى الفريق المصرى هو المرحوم على حسنى ، وكان من فتوات بولاق ، وكان يضرب الإنجليز كل كتف وكتف دون أن يُضرب بالرصاص ، فيتدحرج الانجليزى على الأرض ، ولم تكن ضربة الكتف تعتبر « فاولاً» فى ذلك الوقت ، كنا نجابه الإنجليز فى الكرة بلا خوف ، وكانت النتائج تفرح الشعب كما تفرحه اليوم عندما يفوز فريقنا القومى ، ولكن فى الماضى كنا ننتصر على « الإنجليز»، أما اليوم فنحن ننتصر على « أحزاننا» .


وإلى جانب على حسنى الذى مات ولم يكن فى حوزته ثمن علاجه بعد المجد الذى حققه ، يتذكر محفوظ بقية اللاعبين العظماء فى الفريق المصرى ومنهم «السوالم «، وكانا شقيقين أحمد ومحمد سالم ، وكانا يشكلان الدفاع الحقيقى للفريق المصري، كان أحدهما الظهير الأيمن والآخر الظهير الأيسر للفريق ، وكان من بينهم حسين حجازى ومرعى حارس المرمى ، الذى كان عملاقاً ، وكانوا يضربون عليه الكرة عالية فيلتقطها بيده من دون أن يقفز، ولكنهم كانوا فى بعض الأحيان يفلحون فى تهريب الكرة من تحت رجليه ، هؤلاء جميعاً كان المصريون يقرأون أسماءهم فى جريدة «التايمز « البريطانية التى كانت تغطى مباريات الانجليز فى مصر، واختلف عدد كبير من هؤلاء اللاعبين مع النادى «الأهلي» فخرج منه حسين حجازى والسوالم وأباظة ومرعى وذهبوا إلى «فريق المختلط «، وفى أول مباراة لهم ضد فريق الأهلى ذهب محفوظ إلى الملعب مع شقيقه الأكبر محمد ، ويقول عن هذه المباراة : « كانت مباراة العمر، كنا جميعاً نتابعها بأعصابنا قبل عيوننا ، وكنت أخشى أن ينهزم حسين حجازى من الأهلى فى هذه المباراة بالذات ، وأعترف أننى من شدة انفعالى كان يمكن أن أموت لو حدثت الهزيمة ، فالحزن يميت فى مثل هذه الحالات ، كذلك الفرح ، لذلك لم أدهش كثيراً حين علمت فى أحد الأيام أن أحد المشجعين المتحمسين تُوفى من الفرح بعد فوز مصر بالكأس الإفريقية «.


فى اليوم الذى هزم فيه فريقنا المصرى الفريق الإنجليزى عاد الصبى نجيب محفوظ إلى البيت وذهنه معلق بكرة القدم ، وبأسماء لاعبى الفريق المصرى، خصوصاً كابتن الفريق حسين حجازى نجم مصر ، ويقول عن هذا اليوم : « طلبت من والدى أن يشترى لى كرة ، وألححت عليه حتى وافق ، وبدأت أمضى وقتاً طويلًا فى فناء المنزل ألعب الكرة بمفردى ، ومحاولاً تقليد ما شاهدته فى تلك المباراة التى خلبت عقلى ، وبسرعة شديدة استطعت أن أتقن المبادئ الأساسية للعبة كرة القدم « ، وانطلق محفوظ يلعب الكرة فى الشارع ، ويقول عن هذا : « كنت أشهر لاعب كرة قدم فى شوارع العباسية ، وكان فريقنا اسمه « قلب الأسد»، وكنت لاعباً حريفاً كما يقولون»، ثم لعبت فى فريق الصغار بالمدرسة ، ويذكر أن فريق الكبار ضمّ ممدوح مختار الذى كان يلعب بين صفوف الفريق الأول فى النادى «الأهلى «، وهو من عائلة صقر التى اشتهر منها كل من الكابتن عبد الكريم والكابتن يحيى صقر، وكنت ضمن فريق الشارع فى حينا القديم بالعباسية، وكنا نلاعب فرق الشوارع الأخرى بشكل دورى ، وظللت سنوات ألعب الكرة إلى أن دخلت الجامعة ، وعرضوا عليَّ أن أشارك فى فريق الكلية ، لكنى كنت قد عرفت طريق المكتبة بالجامعة فأخذتنى القراءة من الكرة، ربما لو استمرت بى الحال فى مجال الكرة لكنت لاعباً مشهوراً فى أحد النوادى الكبرى .


من « حوارمع نجيب محفوظ »

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة