إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى


أما قبل

ميداليات للبيع !

الأخبار

الخميس، 05 أغسطس 2021 - 05:56 م

لايمكن، بأى حال، أن تقبل روح الفرنسى النبيل البارون بيار دى كوبرتان فى مرقده ما آلت إليه أوضاع الحركة الأوليمبية ومنافساتها التى قاد بريق الميداليات فيها دولا غنية لخطف واستنزاف ثروات الدول الفقيرة وتحول مبادئ الحركة الأوليمبية السامية لميداليات للبيع فى سوق النخاسة الأوليمبية!
دى كوبرتان هذا المصلح الاجتماعى الفرنسى الذى آمن بقيمة الرياضة وأهدافها ونادى بمبادئ السلام والعدالة لحد قوله «أن الرياضة والدراسة يجب أن تكونا فى متناول الجميع» والذى منذ أن اجتمع به نخبة من النبلاء بباريس فى ٢٣ يونيو ١٨٩٤ لتشكيل أول لجنة أوليمبية تقوم بإحياء هذه الأهداف الأوليمبية السامية وتحرير هذه الألعاب الحديثة من التميز العنصرى والطبقى والدينى واختاروا للانطلاقة الأولى اليونان التى كانت مهد الألعاب القديمة وما حفلت به من أشكال التميز التى ثار عليها البارون دى كوبرتان وأصحابه، هذا البارون لا يمكن أن يقبل أبدا بما قاد إليه الصراع الرياضى والسعى وراء الميداليات لحد شراء الرياضيين الأفذاذ بميدالياتهم ومهاراتهم وأحلامهم.. كله للبيع يا خواجة!!
لم يعد مفاجئا لكل متابع للأحداث الأوليمبية مع كل دورة ان يجد الرياضى فلانا والذى كان للتو يحمل علم وحلم بلاده يقف على منصة التتويج حاليا رافعا علم دولة أخرى ويقف تقديرا وتوقيرا للسلام الوطنى لدولته الجديدة التى ربما لا يحفظ لون علمها ولا يعرف لغتها وثقافتها.. فقط جابوه بفلوسهم ليقف لهم هنا على المنصة ويمنحهم الميدالية والفرحة .. وسلم لى على كوبرتان!!
الأمر لا يتوقف على دولة بعينها، فالواضح أن الطريق أصبح سهلا ومعروفا للكثيرين من الدول ذات الثراء المادى والفقر البشرى وهى ترمى شباكها نحو دول فقيرة ماديا لكنها غنية بابنائها الذين تغريهم وأهليهم الملايين والعروض المغرية بحياة جديدة مختلفة.. ولا تنس تسلم لى على روح الغالى دى كوبرتان ودعوته ضد التمييز الطبقي!!
اللجان الأوليمبية بالدول التى تعانى من مثل هذا السطو على مخزونها البشرى أو تلك التى يحتمل تعرضها لمثل هذه الأفعال مدعوة أمام ضميرها الانسانى وتاريخها للتحرك من أجل ايقاظ الضمير الأوليمبى باللجنة الدولية والعمل بجدية من اجل وضع حد وتشريعات حاكمة ومانعة لعمليات سطو الدول الغنية على أبطال ومواهب الدول الأخرى .. لابد من قوانين مانعة ومحددة للتمثيل الأوليمبى وليكن هذا مشترطا تمتع اللاعب بجنسية الدولة التى يمثلها اوليمبيا لسنوات عدة يتم إثباتها من خلال مشاركته دوليا ضمن منتخبات هذه الدولة لسنوات قبل أن يتواجد تحت العلم الأوليمبى لها..
راجعوا الجنسيات الأصلية للابطال الامريكان الجدد وربما الإنجليز أيضا وبقية من حققوا ميداليات لدول غنية بطوكيو تدركون مدى اتساع سوق النخاسة الأوليمبى وكيف صارت حتى الأوطان للبيع!
هذه الدول التى اشترت أبطالا جاهزين بميدالياتهم عليها أن تخجل أنها لم تنجب أو تعد بطلا ولم تخلق مناخا رياضيا ينجب لها أبطالا من ظهرها .. فقط هى اشترت كل شىء .. وشراء البطل ولا تربيته!!
وربما كان من عبث الأقدار الأوليمبية أن فرنسا التى تعلم فيها البارون هذه المبادئ والقيم السامية هى نفسها فرنسا التى يضم منتخبها الكروى مثلا أبناء جنسيات مختلفة ومتعددة الألوان والعرق والثقافات.. نام أحسن ياخواجة!!
أنقذوا ثروات الدول الفقيرة وحافظوا على ما تدعونه من قيم رياضية وأوليمبية.. وحياة رحمة البارون دى كوبرتان!!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة