سبحان الله أن تتوارد الخواطر بين الأقلام وأفاجأ أن الموضوع الذي اخترته لمقالي الأسبوعي أجد من سبقني ونشره في صحيفة الأهرام، فقد شاركني صديقي وزميلي في الدراسة الكاتب الصحفي وشاعرنا الموهوب الأستاذ فاروق جويدة من خلال عموده اليومي بالصفحة الأخيرة بالأهرام وكتب في نفس القضية التي هيأت نفسي للكتابة فيها بعد حالة الغيظ التي فقعت مرارتي من سلبيات رجال الأعمال في الاستجابة الكاملة لدعوة الرئيس في دعم صندوق « تحيا مصر « من خلال المساهمات الضعيفة التي لا تخزي العين عن المكاسب التي حصدوها في عصر مبارك.. فقد كانوا في هذا العصر يمتلكون الأرض وما عليها من البشر، حتي تضخمت كروشهم وامتلأت خزائنهم وازدادت ودائعهم بالدولار والاسترليني، وقد آلمني أن يخاطبهم السيسي وكأنه يستعطفهم.. ومع ذلك لم يفقد الرئيس الأمل فيهم وراح يزرع فيهم الأمان ويمنحهم وعد الرجال ويضع مصر أمانة في رقابهم لكي يمدوا أيديهم ويضاعفوا من مساهماتهم للصندوق..
- لقد اكتشفت أن ما يدور في خاطري حول لقاءات الرئيس برجال الأعمال يدور في خاطر زميلي وصديقي الكاتب الكبير فاروق جويدة.. فقد كانت كلماته في المقال طلقات رصاص في صدور رجال الأعمال الذين خذلونا في دعم صندوق « تحيا مصر» مع أنهم لو تابعوا ما يحققه هذا الصندوق لمصر ما كانوا يبخلون ولا يتهربون.. يكفي تطوير العشوائيات.. وتشغيل الشباب.. وإقامة مجتمعات جديدة..
- أتمني أن يطلع كل واحد من هؤلاء علي هذا المقال علهم يفيقون ويعون أن مصر تنتظر الوفاء من الأوفياء منهم.. صحيح أن من بين هؤلاء من كان عظيما فوقف موقف الرجال.. ومنهم من استحق فعلا كل ما جاء في هذا المقال.. لذلك يقول كاتبنا في مقاله..
«اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رجال الأعمال المصريين مرات عديدة.. في المرات الأولي كان الرجل صريحا ودودا ومجاملا إلي أبعد الحدود، وحاول أن يشركهم في كل الظروف التي تعيشها مصر، وتوقع أن تمتد أيديهم معه في رحلة البناء.. ولكن هذا لم يحدث، فلم تتجاوز الأموال التي وصلت صندوق « تحيا مصر» مبلغ 6 مليارات جنيه وكان المتوقع أن يصل الرقم إلي 100 مليار جنيه وبعد ذلك تمت اجتماعات كثيرة ولكن لم تتحرك المياه الراكدة لأن رجال الأعمال لم تتغير مواقفهم في الوقت الذي كانت الأزمات الاقتصادية تزداد عنفا، لقد أكد الرئيس السيسي أكثر من مرة أنه لا تأميمات ولا مصادرات ولا إجراءات ضد رجال الأعمال في أي صورة من الصور وعليهم أن يقدموا كل ما لديهم من جهد للوطن الذي منحهم كل شئ.. ولكن الغريب أن مواقف رجال الأعمال لم تتغير، لقد انفقوا مئات الملايين كرشاوي للناخبين من أجل شراء مجلس النواب ولم تتغير سلوكياتهم في الحفلات والولائم والبذخ وبقيت أسواق المضاربات في كل شئ تزداد كل يوم حدة وصراعا، وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة تقدم لهم كل الضمانات كانت المضاربات الدامية حول سعر الدولار الذي ارتفع بنسب غير مسبوقة حتي اقترب من تسعة جنيهات في حين كان يتجاوز الجنيهات الستة بقليل..
إن الكثير من رجال الأعمال مدينون للبنوك بمبالغ رهيبة ولم تبخل عليهم الدولة بالأراضي والأموال والصفقات.. علي جانب آخر كان رجال الأعمال يحشدون قنواتهم الفضائية وصحفهم الخاصة في مواجهة مع الحكومة وهي تعيش ظروفا صعبة.. فماذا يريد رجال الأعمال؟ إن صفقات العهد البائد المريبة لن تعود وأرباح ومكاسب الأراضي وبيع القطاع العام وتجارة العملة لن تعود.. والحزب الوطني بتراثه الأسود لن يعود ووزراء السنوات العجاف انتهت أدوارهم وعلينا أن ننظر إلي المستقبل بعيون أخري نري فيها حشود الشعب الغلبان والمجاري التي طفحت والمياه التي تلوثت والمساكن التي انهارت والمشروعات التي توقفت والطبقات الفقيرة التي أكلتها نيران الأسعار..
لقد شارك رجال الأعمال في الماضي في كل هذه المشروعات الخاسرة والفاشلة والآن لا يمدون أيديهم للوطن..
- وإلي هنا وينتهي المقال.. وقد كانت سطوره رسالة صادقة إلي رجال الأعمال.. صحيح أنها تحمل عتابا لبعضهم الذين ضنوا علي هذا الوطن مع أنه هو الذي صنع من أسمائهم نجوما.. ومن بين هؤلاء الرجال أصحاب المال الذين ينهشون في لحم هذا الوطن، أو الذين استخدموا المال السياسي في شراء الأصوات في الانتخابات، أو الذين تآمروا علي الجنيه المصري فكانوا سببا في موجة الغلاء بعد ارتفاع قيمة الدولار.. هؤلاء هم المكروهون..
- السيسي لن يستخدم معهم أدوات العنف لأنه لا يعرف طريقها لذلك تراه يتجاهلهم ويتركهم لضمائرهم لعلهم يفيقون يوم أن يروا الغرباء يدخلون بالاستثمارات يفتحون فرصا لتشغيل المصريين.. لذلك أقول لرجال الأعمال انتبهوا إن الشعب لن يغفر لكم ما جمعتموه في عصر مبارك، فقد كنتم تضعون أيديكم علي متر الأرض في التجمعات الجديدة بــ ٦٠٠ جنيه في الوقت الذي كنتم تتاجرون فيه ووصل سعره ما بين ٦٠٠٠ إلي ٨٠٠٠ جنيه للمتر.. لم تحاسبكم الدولة عن ضرائب هذه الفروق.. أليس من حق الغلابة أن يكونوا شركاء لكم في هذه الفروق؟..