فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي
فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي


«معونة الله» في خواطر الإمام الشعراوي

ضياء أبوالصفا

الخميس، 05 أغسطس 2021 - 07:36 م

 

«كأن الحق سبحانه وتعالى يريد من الضعيف أنْ يتجه إلى المعونة، وحين يتجه إليها فلن يفعل هو، إنما سيفعل الله له»

يقول الحق فى الآية 24 من سورة القصص:» ثُمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير» ، فكان موسى عليه السلام طوال رحلته إلى مَدْين مسافراً بلا زاد حتى أجهده الجوع، وأصابه الهزال حتى صار جِلْداً على عظم، وأكل من بقل الأرض، وبعد أن سقى للمرأتين تولَّى إلى ظلِّ شجرة ليستريح، وعندها لَهَج بهذا الدعاء :»رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير». كأن الحق سبحانه وتعالى يريد من الضعيف أنْ يتجه إلى المعونة، وحين يتجه إليها فلن يفعل هو، إنما سيفعل الله له؛ لذلك نلحظ أن موسى فى ندائه قال «رَبِّ» واختار صفة الربوبية، ولم يقُلْ يا الله؛ لأن الألوهية تقتضى معبوداً، له أوامر ونواهٍ، أمّا الرب فهو المتولِّى للتربية والرعاية، فقال: يا رب أنا عبدك، وقد جئتَ بى إلى هذا الكون، وأنا جائع أريد أن آكل..

ومعنى «أَنزَلْتَ» أن الخير منك فى الحقيقة، وإنْ جاءنى على يد عبد مثلي؛ ذلك لأنك حين تُسلسل أيَّ خير فى الدنيا لابد أن ينتهى إلى الله المنعِم الأول، وضربنا لذلك مثلاً برغيف العيش الذى تأكله، بدايته نبتة لولا عناية الله ما نبتتْ. لذلك يقولون في (الحمد لله) صيغة العموم فى العموم، حتى إنْ حمدتَ إنساناً على جميل أسداه إليك، فأنت فى الحقيقة تحمد الله حيث ينتهى إليه كُلُّ جميل..

إذن: فحمْد الناس من باطن حمد الله، والحمد بكل صوره وبكل توجهاته، حتى ولو كانت الأسباب عائدة على الله تعالى، حتى يقول بعضهم: لا تحمد الله حتى تحمد الناس، ذلك لأن أَزِمّة الأمور بيده تعالى، وإنْ جعل الأسباب فى أيدينا، وهو سبحانه القادر وحده على تعطيل الأسباب.


هذا معنى» رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» فالخير منك يا رب، وإنْ سُقْته إليَّ على يد عبد من عبيدك، وفقرى لا يكون إلا إليك، وسؤالى لا يكون إلا لك.

ولم يكَدْ موسى عليه السلام ينتهى من مناجاته لربه حتى جاءه الفرج:» فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» قوله: «إِحْدَاهُمَا» أي: إحدى المرأتين «تَمْشِى عَلَى استحيآء» يعني: مُستحية فى مجيئها، مُستحية فى مِشْيتها»قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا».

لما جاءتْه هذه الدعوة لم يتردد فى قبولها، وانتهز هذه الفرصة، فهو يعلم أنها استجابة سريعة من ربه حين دعاه وهى سبب من الأسباب يَمدُّه الله له، وما كان له أنْ يردَّ أسباب الله، فلم يتأبَّ، ولم يرفض دعوة الأب. فَلَمَّا جَآءَهُ أي: سيدنا شعيب عليه السلام» وَقَصَّ عَلَيْهِ القصص» أي: ما كان بينه وبين القبطى «قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين» يعني: طمأنه وهدَّأ من رَوْعه.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة