امرأة هزمت
امرأة هزمت


رفعت الجلسة | امرأة هزمت «الخبيثين»

جودت عيد

الخميس، 05 أغسطس 2021 - 08:44 م

لخصت  مأساتها  فى تساؤل .. قالت «من قال لكم إن الزوج  سند؟ ثم أجابت من وجهة نظرها «أنه كائن يحمل من الأنانية ما يشبع مواطن الحقد والكراهية فى نفوس النساء، وما يقود العقل والجسد إلى الانتحار دون تفكير أو مراجعة. بعدها اختتمت حديثها بجملة واحدة قالت: «ولكم عبرة فى حوادث القتل بين الأزواج مؤخرا».

عند حديثها كانت تبكى كلما تذكرت من كان يوما من الأيام زوجها، ومن أصبح الآن خصيمها فى المحاكم، فالثأر بينهما كبير، وأسباب الانتقام كثيرة، أما العفو عند المقدرة فقد اختفى من قاموس حياتها.


كانت المعاناة التى مرت بها هذه الزوجة فى تسعة أشهر كافية للانتقام من هذا الزوج الذى تخلى عنها وقت ضعفها.


لقد تركها جثة هامدة، جسد لا يقوى على الحركة، روحا فاقدة للحياة، غير قادرة على التشبث بأمل البقاء.


لذلك قررت الانتقام من زوجها لكن بطريقتها الخاصة.


كان زواجهما مبنيا على الثقة والحب، فهى ابنة الريف «الجوانى» بالشرقية الحاصلة على مؤهل عالي.


عشقت ابن مدينة الزقازيق، وكونت معه حلم الأسرة السعيدة، بعد أن تحدت أهلها فى الزواج منه.


لم تمر أشهر على الزواج، حتى شعرت الزوجة بألم شديد، تعرضت فجأة لفقدان الوعى، وعدم قدرة على الحركة، بدأ جسدها فى التكاسل، لم تستطع قدماها حملها، سوى أمتار معدودة.


أسرعت الزوجة إلى المستشفى للكشف عن أسباب هذه الأعراض المفاجأة التى جعلتها قعيدة الفراش.


طلب الطبيب أشعة وتحاليل، بعدها كانت الفاجعة، مرض لعين سكن جزءا من جسدها.


نزل الخبر كالصاعقة على تلك الفتاة الجميلة التى لم تهنأ بزواجها بعد، كان كل ما يهمها هو زوجها، كيف سيستقبل هذا الخبر؟.


هدأت من نفسها وطمأنتها.. كانت تؤمن أنها قادرة على تجاوز هذا السرطان مهما طالت مدته وكثرت جلسات علاجه.


لكن على الجانب الآخر كان للزوج رأى آخر، لقد تغيرت ملامح وجهه عندما أخبرته بمرضها، كانت شفتاه تريد أن تقول كلمات محددة وجارحة.
التقطت الزوجة تعبيرات وجه الزوج وكأنه كان يخاطبها بهذا التساؤل «هل خدعتينى، وكنت تعلمين بمرضك؟


تناست الزوجة هذه التعبيرات بسرعة، التمست لزوجها العذر، فالأمر جلل، لكن تصرفاته أكدتها، وهروبه من المنزل والجلوس عند والدته برهنت على خسته ونذالته.


قررت الزوجة مواجهة زوجها، تحدثت معه، أرادت تطمينه، أخبرته أنها لم تخدعه، وأنها اكتشفت مرضها بعد الزواج به، لكنه لم يتغير، كان التجاهل سمة علاقته مع زوجته، لم يسألها فى يوم من الأيام عن مرضها، تركها بمفردها تواجه مصيرها مع هذا المرض اللعين.


أصبحت الزوجة فى حيرة من أمرها، المرض يشتد عليها، والطبيب يطالب بالإسراع بالعلاج، ومازال الزوج يتجاهل الجميع.


وسط كل هذه الظروف الصعبة، كان مطلوبا من الزوجة تحد آخر، لقد اكتشف الطبيب أن هناك جنينا بدأ يتكون فى جسد الأم، كان عليه أن يقدم لها نصيحة بحكم ضميره.


أخبرها أنها تحتاج إلى جلسات علاج مكثف للشفاء من هذا المرض اللعين، لكن ذلك يتطلب تضحية من الأم بالاستغناء عن ذلك الجنين، وأى قرار آخر يتم اتخاذه قد يطيل من أمد العلاج ويؤثر على الطفل وصحتها معا.


كاد التفكير يشل عقل الزوجة، المرض يشتد، والزوج يرفض التدخل.


لكنها اخيرا اختارت، قررت المجازفة والتضحية بالجنين، على أمل أن تشفى من هذا السرطان اللعين.


بدأت الزوجة جلسات العلاج.. 9 أشهر كاملة لم يحضر الزوج معها سوى مرة واحدة، بعدها تركها، وتجاهلها.


لقد تخلى عنها فعليا، لم ينفق عليها.. وبعد أيام من العلاج قام بتطليقها، وسط معاناتها من المرض.


تماسكت الزوجة وتركت كل مشاكلها خلفها، ركزت على صحتها، وألقت بأمل الحياة أمام عينيها.


حتى انتهت أشهر العلاج، وأصبح الجميع فى انتظار نتائج التحاليل.


كان هذا اليوم صعبا على الجميع، مليئا بالتوتر، دقائق وستعلم الزوجة مصيرها فى الدنيا، هل مازال يسيطر المرض، أم نجح الأمل.


قبل كل ذلك كانت قد تخلصت من كل مشاكلها، ألقتها خلف ظهرها، ابتسمت للحياة، لتنال أخيرا شرف العيش فيها، بعد أن بشرها الطبيب أنها شفيت تماما من السرطان.


كادت الزوجة تصاب بالجنون بعد إعلان الطبيب نتيجة التحاليل، ألقت بأوراق التحاليل والأشعة فى العيادة، سجدت وهى تبكى وكأنها ولدت من جديد، احتضنت كل من كان بجوارها، خرجت مسرعة إلى الشارع تغمرها السعادة، كانت تسرع من خطواتها، تنظر إلى كل مكان تمر عليه، وكأنها تراه لأول مرة فى حياتها.


لم تصدق الزوجة أخيرا انها ولدت من جديد، لقد أصبحت حرة، التحاليل أثبتت شفاءها ١٠٠٪، وأنه لا جلسات أو معاناة بعد اليوم.


أعادت الزوجة ترتيب أوراقها، جلست وحيدة فى منزلها تراجع شريط حياتها ومعاناتها مع هذا الزوج وأسرته.


تذكرت من تخلى عنها، وكيف حاربتها حماتها، لم تنس رفض زوجها الإنفاق على علاجها، ومحاولته طردها من الشقة.


كل هذه المعاناة جعلتها لا ترتضى أن تكون من العافين عند المقدرة، استبدلت أوراق العلاج، بمذكرات القضاء، صممت على الانتقام ممن ظلمها وتخلى عنها وقت مرضها، أقامت الزوجة 7 دعاوى قضائية فى محاكم الأسرة ضد زوجها.. ومازالت متداولة حتى الآن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة