وسط ترحيب شعبى الرئيس قيس سعيد اثناء تجوله فى شارع الحبيب بورقيبة
وسط ترحيب شعبى الرئيس قيس سعيد اثناء تجوله فى شارع الحبيب بورقيبة


بعد قرارات ٢٥ يوليو الماضى.. خطوات مهمة للرئيس قيس سعيد لإنهاء الأزمة فى تونس

حسام عبدالعليم

السبت، 07 أغسطس 2021 - 09:33 م

تعيش تونس حراكًا سياسيًا وسط حالة ممزوجة بالرضا التام وترقب بالمصير، منذ  إصدار الرئيس التونسى قيس سعيد قرارات استثنائية، فى 25 يوليو الماضى، بموجب المادة 80 من الدستور، فى سياق تسمح لرئيس الجمهورية حالة «الخطر الداهم لكيان وأمن البلاد واستقلالها» .  

 القرارات الشجاعة التى اتخذها الرئيس سعيد، ووصفها الكثير بـ»الثورية «، وقابلها التونسيون بترحيب كبير، جاءت نتيجة حالة الاحتقان السياسى، والركود الاقتصادى، وصعوبة الأوضاع الاجتماعية والصحية التى تعيشها البلاد، ومن أجل إنقاذ تونس من النخب الجشعة التى أساءت إدارتها منذ ثورة الياسمين2011، وفى مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، نتيجة لتعنتها وتعطيلها للمسارات الديمقراطية، مستغلةً مظلة البرلمان والحصانة،  ليشهد عدد من المدن التونسية مظاهرات تعتبر الأضخم على الإطلاق، خلال السنوات الأخيرة، مناهضةً لحكومة المشيشى ولحركة النهضة التى تدعمها. 


وأعلن الرئيس التونسى توليه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يختار هو رئيسها، وتوليه رئاسة النيابة العمومية؛ للوقوف على الجرائم المرتكبة فى حق تونس، وشدد على تطبيق القانون على الجميع فى ظل الظروف التى وصفها بأدق اللحظات فى تاريخ تونس، وأكد على أن من يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلًا من الرصاص وعدم السكوت عن أى شخص يتطاول على الدولة ورموزها. 


ويبدو أن الرئيس سعيد يُسارع الزمن للانتهاء من وضع ملامح المرحلة الانتقالية التى أتاحها له الدستور، وتستغرق شهرًا، خاصةً أن الدعوة إلى خارطة الطريق كانت مطلبًا لمعظم المنظمات المهنية والعمالية والمجتمع المدنى.. ويمكن رصد بعص الخطوات التى اتخذها الرئيس، خلال الفترة الماضية، فيما يلى:
أولًا مقاومة الفساد : ففى خطوة جريئة، أعلن الرئيس التونسى أن ما يقرب من 460 شخصًا متورطين فى ملفات فساد ورشوة ونهب للمال العام، قائلًا: إنه تمت سرقة نحو 5 مليارات دولار من شعب البلاد، ودعا «كل من تورطوا فى ملفات فساد إلى عقد صلح جزائى، والتعهد بالقيام بمشاريع تنموية فى المناطق الفقيرة»، وشرع بالفعل فى اتخاذ إجراءات ملموسة؛ لمحاسبة المتورطين والفاسدين من نواب البرلمان المتجمد الأعضاء بحركة النهضة، حيث ألقت السلطات الأمنية، الأسبوع الماضى، القبض على ياسين العيارى، الذى اتهم الرئيس بقيادة» انقلاب»، وقرر القضاء العسكرى حبسه بموجب حكم صادر بحقه قبل ثلاث سنوات للتشهير بالجيش، وذلك بعد سقوط الحصانة البرلمانية بعد تجميد البرلمان. كما اعتقلت السلطات الأمنية النائب ماهر زيد لتنفيذ حكم صادر ضده عام 2018، لإدانته بالإساءة إلى الناس على وسائل التواصل الاجتماعى وإهانة الرئيس. 


  ثانيًا: إجراء بعض التعديلات فى المناصب الوزارية انتظارًا  للانتهاء من الإعلان عن اسم رئيس الوزراء والتشكيل الوزارى، لكنه انتهى حتى الاَن من تغيير عدد من الوزراء، حيث أصدر قرارًا بإقالة وزراء الوزارات السيادية (إبراهيم البرتاجى، وزير الدفاع الوطنى، وحسناء بن سليمان، وزيرة العدل بالنيابة، إلى جانب هشام المشيشى، الذى كان يشغل وزارة الداخلية)، كما  كلف مستشار الرئاسة السابق للأمن القومى رضا غرسلاوى بتسيير وزارة الداخلية، وأعفى كلًا من وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، ووزير تكنولوجيات الاتصال، الذى يتولى أيضًا منصب وزير الفلاحة والصيد البحرى والموارد المائية بالنيابة من منصبيهما، وكلف سهام البوغديرى لتسيير شئون وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، ونزار بن ناجى لتسيير وزارة تكنولوجيات الاتصال وعلى مرابطا مكلفًا بتسيير وزارة الصحة. وفى ذات السياق، أقال سعيد عددًا من الحكام الإداريين لولايات تونسية. 


 ثالثًا: اشراك المنظمات المهنية والنقابية فى الحوار حول المرحلة الانتقالية، حيث التقى الرئيس سعيد رئيس الاتحاد العام التونسى للشغل، وممثلى المنظمات التونسية الكبرى (الأعراف والعمال والمحامين والمزارعين)؛ لبحث التطورات الأخيرة وخارطة طريق لما بعد القرارات الاستثنائية. فيما وصف التيار الشعبى فى تونس قرارات سعيد بأنها ليست خروجًا على الشرعية، بل إنقاذٌ لها من الطمغة الحاكمة ومافيا الفساد التى هددت أركان الدولة، محددًا فيما وصفه بأولويات المرحلة المقبلة بالإسراع فى تشكيل حكومة مصغرة تتولى مهمة إنقاذ الاقتصاد الوطنى من الانهيار.


ويضع مراقبون سيناريوهات محتملة مستقبلًا للأزمة التونسية؛ من بينها سيناريو التصعيد، من خلال اتخاذ الرئيس سعيد إجراءات أكثر صرامةً ضد حركة النهضة وحلفائها، باعتقال عدد من النواب الذين تتعلق بهم قضايا فساد وإرهاب، وفتح الملفات القضائية المسكوت عنها منذ سنوات، فى المقابل يمكن أن تنجرف حركة النهضة نحو التصعيد الشعبى؛ من خلال دعوة أنصارها للنزول إلى الشوارع والعصيان المدنى.


والسيناريو الثانى، فيتعلق بإجراء حوار وتوافق وطنى يمكن أن يُنهى الأزمة، عن طريق تغييرات جذرية تطال النظام السياسى من وضع تعديلات على الدستور وإجراء استفتاء على الأمر، فضلًا عن النظام الانتخابى الحالى، وتحويل الحكم فى البلاد إلى نظام رئاسى ويتضاءل دور البرلمان، خاصةً بعد رفض سعيد، خلال تصريحات له الخميس الماضى، ردًا على دعوات لإجراء محادثات بشأن الأزمة، قائلاً: لا حوار إلا مع الصادقين، ولا يمكن الحوار مع الخلايا السرطانية»، فى إشارة إلى من وصفوا سيطرته على السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان بالانقلاب.


 وعلى الرغم من مرور أسبوعين على أحداث ٢٥ يوليو، فإن الرئيس التونسى لم يعلن عن خارطة طريق واضحة بعد للمسار السياسى خلال المرحلة القادمة، لا سيما وسط الفراغ الحكومى الذى تشهده البلاد، خاصةً أن الوضع الحالى لا يتطلب سياسة الرجل الواحد، لكن يحتاج إلى خلق لغة حوار وصيغة تشاركية بين الرئيس والقوى المدنية والسياسية فى البلاد، وهو ما قد يُبرر تأخر الإعلان عن خارطة الطريق، على أن تظهر الأيام القادمة خطوات وقرارات حاسمة ينتظرها الشعب التونسى، خاصةً إعلان اسم رئيس الحكومة الجديد.  

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة