الإثنين، 09 أغسطس 2021 - 07:55 م

بليغ البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، يقول إن «الشيخوخة ليست تجاعيد الوجه، وإنما هى تجاعيد العقل».
لفتنى التعبير «تجاعيد العقل»، أعرف تجاعيد الوجه التى هى جزء طبيعى من التشيُّخ، وتكون أكثر ظهورًا على أجزاء الجلد المكشوفة مثل الوجه والرقبة واليَدَين والساعدّين.

فماذا عن تجاعيد العقل، تتركز تجاعيد العقل فى مراكز الإدراك والتفكير واتخاذ القرار، وخطورة التجاعيد أنها تؤثر على نظرة البشر للحياة، وأحكامهم، ورؤيتهم لأنفسهم وللناس، تحرف المنطق، وتخل بالفكرة، وتصدر أحكاما مشوشة، فتخلف آثارا سلبية، تحتاج إلى علاجات موضوعية، مثل كريمات الوجه المغذية والمرطبة.

تجاعيد العقل ما يعانيه خلق كثير لا علاقة له بالشيخوخة والتشيخ، وأخطر أسبابها، التنميط، والحفظ، والصم، والتوحد، وتسلط مدرسة النقل الشفاهى على العقل أصابه بتجاعيد تؤثر على سلامة الإدراك العام لمختلف القضايا الفكرية، سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيا.
التمترس حول فكرة بعينها ثبت عدم صحتها صار من تجاعيد العقل، اعتقال العقل الجمعى فى سجن الفكرة الواحدة أخطر الأسباب، يخلف تشوها عقليا يرتسم تجاعيد، بات ظاهرة مرضية.

سيل المعلومات المكذوبة التى تضخها وَسَائِل التواصل الاجتماعى المصنعة من فتات المعلومات وبقايا الأخبار، تسهم فى تجاعيد العقل، تجعله مشوشا، قلقا، يشوبه عدم الاستقرار، مخلفا لا منطقية فى التعاطى مع الأفكار رفضا أو قبولا.
انسحاب المفكرين وأصحاب العقول المنتجة من الحوار العام، أصاب العقل الجمعى بالتجاعيد، الساحة خلوا لأصحاب الوصفات الشعبية، تسود شعبوية فكرية تخاصم العقل والمنطق، وتحارب الإبداع، وتستأسد على المجموع بزعم امتلاك الحقيقة المطلقة.

العقل الجمعى بات يخشى، يعانى رهابا من روح خفية تغلق عليه أبواب الحرية العقلية، العقل الجمعى بات مسجونا فى سجن الفكرة الواحدة المهيمنة المسيطرة التى لا تقبل حوارا، لا نقول اختلافا، الخلاف فى الرأى بات مفسدا للود، تحول إلى احتراب، ويخلف ثارات رهيبة نعيش فى آثارها طويلا.

ينصح أطباء «مايو كلينك» الأمريكية، إذا كانت التجاعيد تزعجك، فلديك الآن خيارات أكثر من أى وقت مضى تساعدك على جعلها ملساء بقدر أكبر وتعمل على اختفائها.. وتتصدّر الأدوية وتقنيات تغطية التجاعيد (تجديد سطح البشرة) والحشوات والجراحة.
أخشى فى أمس الحاجة إلى روشتة طبية لعلاج التجاعيد العقلية، خيارات تجعلها ملساء، تجدد خلايا التفكير، وتفتح المسام العقلية، وتنشط التفكير العقلانى، أخشى أن نحتاج إلى قائمة علاجات فعالة لمُعالجة التجاعيد العقلية أكثر من أى وقت مضى.