كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

عودة الروح

كرم جبر

الثلاثاء، 10 أغسطس 2021 - 08:06 م

البشر هم الأرواح التى تسكن الأماكن، وتملؤها حيوية ونشاطاً، والأماكن بدون بشر تتحول إلى أطلال باكية، يعبث فيها الفراغ والألم، فالإنسان سر الحياة وبدونه لا معنى للحياة.
راودتنى تلك المشاعر أثناء أداء العمرة منذ أربعة شهور، عندما رأيت شوارع مكة المؤدية إلى الحرم خالية من البشر، الفنادق والمطاعم والمولات الشهيرة والسوبر ماركت والباعة الذين يفترشون الأرض.. كلهم غائبون.
والأكثر ألماً غياب ضيوف الرحمن الذين يقضون أجمل أيام العمر فى زيارة بيت الله الحرام والاستمتاع بالصلاة والمكوث أمام الكعبة، والمتعة الروحية التى لا يعلوها أى شيء.
شتان بين الشوارع الخالية والأخرى المليئة بالحجاج والمعتمرين بملابسهم البيضاء، وأيديهم التى ترتفع بالدعاء، شتان بين الحياة واللا حياة وبين الشفاه الناطقة بالدعاء وبين الصمت الذى يخيم على المكان.
حتى الطواف حول الكعبة تزداد متعته بالآلاف الذين يتدافعون نحو الحجر الأسود ليظفرون بلمسه، ثم يتزاحمون جلوساً لأداء الصلاة.. متعة الاستئناس الجماعى بضيوف الرحمن الذين جاءوا من كل فج عميق.
دعونا الله أن يرفع عنا البلاء والوباء، وأن تعود الأيام الطيبة المباركة، فالأماكن المقدسة تزداد روعتها بالآلاف الذين يؤدون المناسك، وتدب فيها الحياة.
ودعونا الله أن تكون الأنباء السارة الآتية من السلطات السعودية بداية لزوال الغمة، وفتح المجال تدريجياً لضيوف الرحمن لأداء العمرة والحج، وأن يكون الدرس من كورونا دافعاً وحافزاً لتطهير القلوب والعقول، وبداية مرحلة جديدة قوامها الصفاء والمحبة والسلام.
قلوب العاشقين تهفو إلى مكة والطواف بالكعبة المشرفة والسعى بين الصفا والمروة، أيام هى الأفضل فى العمر كله، حين يرتدى الإنسان ملابس الإحرام، ويرمى كل شيء وراء ظهره إلا التضرع إلى المولى عز وجل أن يشملنا بواسع رحمته.
ما أجمل أن تكون قريباً من الله فى بيت الله، نرجوه العفو والمغفرة، والستر فى الدنيا والآخرة، تشكو إليه ويعلو صوتك بالدعاء، فما أجمل أن تستغنى عن مغريات الحياة.
مرحباً مكة المكرمة والمدينة المنورة، لزيارة بيت الله الحرام وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعيش الإنسان أياماً يشعر فيها بالهدوء والسكينة، ويمارس طقوساً روحية فى أقدس بقاع الأرض.
رُب ضارة نافعة، وتذكرنا كورونا بنعم الله التى يجب أن نحافظ عليها ونحفظها، ليشعر بقيمتها العاشقون والمشتاقون بزيارة مكة والمدينة والاستمتاع بكنوز الإيمان والرحمة والمحبة والمغفرة.
كم تشتاق شوارع مكة والمدينة لضيوف الرحمن بملابس الإحرام البيضاء، وهم يتسابقون لأداء الشعائر والصلوات، وينعمون بأفضل أيام العمر.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة