محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

زيادة السكان.. وناقوس الخطر

محمد بركات

الثلاثاء، 10 أغسطس 2021 - 08:11 م

للصحافة والاعلام.. وكل هيئات ومؤسسات المجتمع المدني، دور رئيسى وواجب  وطنى للتنبيه ودق ناقوس الخطر،..، لمواجهة الزيادة العشوائية للسكان، قبل أن تلتهم وتبدد كل جهود التنمية.

دون مبالغة على الإطلاق.. ودون رغبة فى إثارة القلق أو الاضطراب فى أرجاء المجتمع على عمومه وإطلاقه ،...، وأيضا دون أدنى محاولة للجنوح إلى التهويل فى قضية أو مشكلة «الزيادة العشوائية للسكان»، التى هى بالفعل تمثل هولا كبيرا على أرض الواقع.


بل هى فى حقيقتها وجوهرها وبحجم تأثيرها، أكثر خطرا وأشد هولا مما نعتقد أو نظن جميعا، إذا ما نظرنا إليها بمنظار العقل وميزان الحكمة، وإذا قدرناها بقدر الخطر الداهم الذى تمثله لنا، والذى سيظل متربصا بنا، إذا ما استمرت حالة التراخى والإهمال وعدم الاهتمام، التى نتعامل به معها حتى الآن ،...،

رغم وضوح الخطر وازدياد تأثيره السلبى وضرره البالغ على كل مناحى حياتنا.


هذه الحقيقة للأسف تحمل فى طياتها تهديدا مباشرا لكل طموحاتنا فى المستقبل الأفضل، ولكل مساعينا الجادة لبناء الدولة القوية الحديثة التى نعمل لها ونسعى اليها.


فزاعة الأرقام


وفى قضية الزيادة العشوائية للسكان والخارجة عن الترشيد أو الانضباط، والتى وصلت فى انفلاتها إلى ما يزيد عن «٢٫٥٪» اثنين ونصف بالمائة سنويا، هناك واقع لمسناه وتعايشنا معه خلال السنوات الماضية ،..،

وهو أننا اعتدنا على استخدام رقم المائة مليون نسمة كفزاعة نلوح بها فى وجوه بعضنا البعض، بهدف التحذير من قرب الوصول فى تعداد سكاننا إلى هذا الرقم، ونحذرهم أيضا من حجم الخطر المتربص بنا فى ظل استمرار نسبة الزيادة السكانية على ما هى عليه حتى تصل إلى هذا الرقم المرعب المائة مليون نسمة.


ورغم أن كل البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء خلال الأعوام الخمسة الماضية، كانت تشير إلى أن تعدادنا قد تجاوز المائة مليون نسمة «وهو الرقم الذى كان مرعبا»، إلا أن الرقم فى حد ذاته ظل يمثل نقطة أو حاجزا يأمل الكثيرون عدم تجاوزه ويتمنون الوقوف عنده والسعى لعدم الوصول إليه ،...،

ولكننا تجاوزناه للأسف خلال تلك الفترة.


والآن.. وبعد الإعلان عن تجاوزه منذ سنوات، وبلوغنا اليوم إلى ما يزيد على المائة مليون بعدة ملايين أخرى، فقد سقطت الفزاعة التى كنا نستخدمها لإخافة الناس، وتحذيرهم من الخطر الذى يتهددهم بالوصول إلى مائة مليون نسمة، إذا ما استمروا على ما هم عليه من زيادة عشوائية سنوية للسكان.


نعم سقطت الفزاعة، ولكن الخطر أصبح قائما وحالا بعد أن كان محتملا أو متوقعا وينبغى العمل على توقيفه ،...،

وهذا يتطلب منا جميعا، من الأجهزة المعنية والمسئولة فى الدولة بهذه القضية التى هى قضيتنا جميعا، أن تتوحد جهودها لمواجهة الخطر، فى إطار خطة شاملة على المستوى القومى، وتقوم بتوعية جادة للمواطنين بالأبعاد الحقيقية لخطورة الاستمرار فى الزيادة السكانية الحالية سنويا، وضرورة السيطرة عليها.


وفى هذا يجب أن ندرك أن هذه الخطة ليست مسئولية الحكومة فقط، ولا وزارة الصحة والسكان فقط، بل هى مسئولية الجموع وفى مقدمتهم أجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسة الدينية ومعهم المدرسة والجامعة وكافة منابر العلم والتنوير والثقافة والفنون.


الخطر البالغ


الأرقام تقول إننا تجاوزنا فى تعدادنا العام المائة مليون نسمة بعدة ملايين أخرى ،..، ورغم ضخامة رقم المائة مليون من البشر الذى كسرناه وزدنا عليه، إلا أن هذه ليست هى القضية بالغة الخطورة من وجهة نظرى، ولكن الخطر البالغ يكمن ويتركز فى رقم آخر، وهو رقم مخيف فى معناه ودلالته، وما يشير إليه من واقع سلبى منتشر فى مجتمعنا، دون محاولة جادة للتخلص منه أو ترشيده، رغم تأثيره الضار والمعوق لمسيرة التنمية ومحاولات التحديث والتطوير وبناء الدولة القوية.


هذا الرقم المخيف والذى يستحق منا أن نتوقف عنده بكل الإنتباه والجدية، هو أننا زدنا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، أى من عام «٢٠٠٦» إلى العام الحالى «٢٠٢١» بمعدل يزيد عن «٢٫٥٦٪» سنويا.


وهذا يعنى ببساطة أننا نزداد كل عام، ابتداء من الآن حوالى المليونين وخمسمائة أو ستمائة ألف مواطن سنويا ،..، وبالطبع يمكن أن تزداد هذه الأرقام لتصل إلى ثلاثة ملايين مواطن سنويا، إذا ما تركت الأمور على ما هى عليه خلال عدة سنوات لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة.


والأخطر من ذلك أنا سنتجاوز رقم المائة وخمسة وثلاثين مليون نسمة خلال عشر سنوات فقط من الآن ،..، وهذا رقم خطير بالفعل إذا ما دققنا النظر فيما يتطلبه من احتياجات أساسية من المأكل والملبس والإسكان، والمدارس والمستشفيات والطرق ووسائل المواصلات، وغيرها وغيرها من الكم الهائل من الخدمات والمرافق العامة ،..،

هذا إذا ما أردنا بناء مجتمع صحيح وسليم وإنسانى يعيش فى كرامة فى ظل دولة قوية حديثة ومتطورة، ويجد ما يحتاج إليه من تعليم وعمل ووسائل وأدوات للثقافة والفنون وأوجه رعاية كاملة ،..، وهو ما يتطلب كما هائلا من الأموال التى يصعب توفرها بسهولة، رغم مشروعات التنمية المتعددة.


الزيادة ٢٫٥٪


وفى هذه القضية أو تلك المشكلة المتمثلة فى الزيادة العشوائية للسكان، لا يخفى على أحد منا بالقطع الأهمية البالغة للرقم الدال على الزيادة السكانية السنوية، وذلك نظرا لأنه المبين لحجم الزيادة المضافة للسكان مع مطلع كل عام، وتأثير هذه الزيادة على كل أوجه ومناحى الحياة على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والخطط التنموية للمجتمع والدولة، والتداعيات الناجمة عنها فى حاضر الدولة ومستقبلها.


وللحقيقة أقول إن نسبة الزيادة السكانية عندنا، قد وصلت بالفعل إلى أرقام تنذر بالخطر وتبعث على القلق، إذا ما استمرت على ما هى عليه الآن من ثبات عند «٢٫٥٪» أو حتى دارت فى فلك هذا الرقم، الذى أصبح بالفعل غولاً يلتهم كل محاولات التنمية التى تبذلها الدولة.


وحتى ندرك خطورة هذا الرقم الذى يعنى أننا كل عام نزيد حوالى المليونين ونصف المليون، وهو ما يتطلب فى كل عام مئات الآلاف من المدارس والفصول الدراسية والمستشفيات والمزارع والأراضى الزراعية والمساكن والمدن الجديدة، كما نحتاج إلى المزيد والمزيد من محطات الكهرباء ومحطات المياه والصرف الصحى، و.. و.. وكل ما يلزم لحياة البشر، من طعام وشراب ومسكن وطرق واتصالات.. وغيرها.. وغيرها.


وهذا بالقطع عبء كبير وحمل ثقيل يحتاج إلى جهد مضاعف وعمل مستمر وإنتاج متعاظم فى كل عام ،...، والله المستعان وكان الله فى عون مصر وشعبها.


أجراس الخطر


وإذا ما توخينا الحقيقة، وهذا واجب وضرورة لابد منها، لوجب علينا الاعتراف بأن الزيادة السكانية الهائلة والعشوائية التى ابتلينا بها، أصبحت واقعا يحيط بنا من كل جانب، وتحولت بالفعل إلى غول يلتهم كل جهود ومعدلات التنمية، وأصبحت تمثل تهديدا مباشرا وجسيما لكل طموحاتنا فى الحياة الكريمة، والمستقبل الأفضل لكل مواطن ولكل أسرة فى وطننا.


وإذا كان البعض منا قد دق ناقوس الخطر أكثر من مرة، منبها ومحذرا لهذا الأمر الخطير، فإننا نعيد اليوم التنبيه ودق الأجراس مرة أخرى، لعل النتيجة تكون إيجابية ،...،

وفى ذلك نطالب الجميع ابتداء من الأسرة البسيطة وكل سيدة وكل رجل فى وطننا، كما نطالب الحكومة والمجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للسكان، ومعهم وأمامهم وخلفهم جميع هيئات ومؤسسات المجتمع المدنى فى مصر كلها، بالتحرك السريع والشامل والاستجابة للنداءات المتكررة التى أطلقها الرئيس السيسى، لمواجهة هذا الخطر وذلك التهديد.


وفى هذا السياق أعتقد جازما، أن لرجال الإعلام والصحافة، من الزملاء الأعزاء فى الصحف والمجلات والقنوات الفضائية، والإذاعة وغيرها من منابر الإعلام، لهم دور وطنى وقومى كبير للمساهمة الفاعلة فى هذه المواجهة، لإنقاذ مصر من هذا الغول وذلك الخطر، قبل أن يلتهم الأخضر واليابس ويطيح بكل ثمار التنمية وآمال التقدم والتحديث والمستقبل الأفضل.


دور الإعلام


وغنى عن البيان التأكيد على دور الإعلام الهام فى التنبيه المتواصل للخطورة الجسيمة للزيادة العشوائية للسكان، انطلاقا من واجبه ومهمته الوطنية فى السعى بكل الجهد الواعى، لتغيير المفهوم الثقافى السائد لدى كثير من الأسر المصرية البسيطة، التى تشكل غالبية شعبنا الطيب والتى تتصور أن كثرة «العيال» وتعدد الإنجاب عزوة وسطوة اجتماعية ،..،

وهنا تصبح مسئولية الإعلام تصحيح هذا المفهوم واستبداله بالقيم الصحيحة، التى تعتبر أن العزوة الحقيقية هى فى توفير الحياة الكريمة للأسرة، وتوفير مستوى جيد من التعليم والثقافة والعلاج والإسكان للأسرة والارتقاء بمستواها المادى والمعنوى والثقافى.. وعلى نفس الدرجة من الأهمية يأتى دور وواجب رجال الدين فى المسجد والكنيسة، لتصحيح الموروث الثقافى الخاطئ الراسخ فى أذهان الكثيرين من أهلنا البسطاء حول قضية تنظيم الأسرة، وعلى نفس المستوى من الأهمية يأتى دور المدرسة والمؤسسات والهيئات الثقافية والفنية والتعليمية، فى معالجة هذه القضية والتنبيه لهذا الخطر، ودق الأجراس فى كل مكان للتوعية والتنبيه دفاعا عن المستقبل وسعيا للحياة الكريمة لكل المصريين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة