حين هاجمت القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية عام 56 الأراضي المصرية معترضة علي أحد أهم قرارات الرئيس عبد الناصر في تأميم استرداد قناة السويس حتي يمول بناء السد العالي.. وقتها لم يلجأ عبد الناصر سوي للشعب فكان خطابه الأشهر في الجامع الأزهر.. ذلك الخطاب الذي يعد علامة فارقة في تاريخ الحياة المصرية فقد شرح عبد الناصر في ذلك الخطاب بدقة وببساطة فكرة الاعتداء علي السيادة المصرية والقرار المصري وعلي عزتنا وكرامتنا وكان حريصا علي مخاطبة الجماهير بالمنطق العقلي السليم فكسب ثقة وتأييد الجماهير في معركته.
وقتها تحرك العقل الجمعي للشعب المصري وراء قيادته بعدما استوعب منها الحقائق ووقف موقفا رائعا.. وكان الإعلام صدي للقيادة العقلية فخاطب عقل الشعب بما يفهمه ويعيه.. خاطب العقل لا العواطف أو الانفعالات أو الغرائز ولم يحاول أن يلعب علي النعرات الطائفية أو تصوير ما يحدث علي أنه مؤامرة كونية ضدنا وضد الإسلام.. الأمر تم شرحه ببساطة.. الغرب جاء معتديا يريد إعادة مصر لحظيرة الاحتلال مرة أخري وسلب الإرادة الوطنية وحقنا في قناة السويس وتعطيل أضخم مشروع قومي مصري في وقته مشروع السد العالي.
وفي عصورنا الحديثة أصبح الإعلام المخاطب لعقل الشعب هو صلب الحياة الديمقراطية.. وواجبه أن يعلم ويخبر أفراد الشعب بما يحدث بكل موضوعية ومهنية حتي يصدر الرأي العام أحكاماً عقلية لا عاطفية علي ما يحدث وعلي المسئولين بحيث يترتب علي أحكامهم تطور المجتمع وتقدمه لا تدهوره.
من هنا كانت وظيفة الإعلام الحديث في المجتمعات بوجه عام نشر الحقائق والمعلومات الصادقة حتي ينير عقول الجماهير ولا تعيش في غيبوبة تعادي العالم بفكر المؤامرة والإعلام العاقل يحاول كسب تأييد الشعب.