اللهلوبة تأتي بالأعاجيب، واللفظ منحوت شعبوياً في قعور البيوت الريفية الطيبة خصيصا لشريهان».<

ولاد الفيس لم يتركوا لولاد الورق حاجة يكتبوها، قبل أن أفكر في الاحتفال كتابة بعيد ميلاد الـ»لهلوبة» شريهان، كانوا عملوا حفلة حب، تحت عنوان لطيف « حدوته ومهما كبرت بنوتة «، تستحق أكثر، جيل بل أجيال لا يعرفون شريهان، ربما سمعوا عن الفوازير، أقاموا حفلاً كبيراً،لونوا الفضاء الإلكتروني بأجمل الورود، يا بخت شريهان، كل هذا الحب.
لا أعرف متي وكيف أحب هؤلاء شريهان، شيري بنت جيلنا، اللهلوبة التي أحبها جيلنا يحبها جيل جديد، مصدر الحب أن «شريهان» تستاهل الحب، ومن غيرها يستاهل الحب، عاشت بيننا حبيبة، وغابت عنا حبيبة، ولم تغب أبداً، وإن احتجبت فناً، لكن سيرتها تسرح بيننا، تغبطنا بفرح وسرور، حتي في إطلالاتها النادرة مثل جوهرة نادرة المثال، تشع بريقاً، عبق السنين الخوالي.
كل سنة وأنت طيبة أميرتي الطيبة، كانت أميرة أحلامنا، استولت علي أحلامنا صغاراً، وملكت قلوب الكبار منا، لعلمكم سبب شيوع اسم شريهان في الريف المصري، كانت هذه الصبية النغشة اللطيفة الخفيفة التي تملأ الشاشة الصغيرة بشقاوتها، حلوة صوت وصورة.
قبل سنوات كنت محظوظا، أسمع صوتها كل حين في الهاتف في لحظة ألم، أو ومضة أمل، كان نفسها تعود إلي المسرح، إلي الحياة، وتحمد ربنا كثيرا علي نعمة الصحة، وتختم «أنا كويسة بس مشتاقة لكم»، كنت اغتبط داعياً لها بالشفاء.
للأسف انقطع حبل الوصال بيني وبين شيري، افتقدها كما أفتقد كل ما هو جميل في زمن جميل، نوستولجيا الحنين إلي الماضي تذهب بجيلي إلي شريهان، إلي ظهورها الصاخب الراقص الذي ألهب الخيال، وملأ الدنيا بالألوان المبهجة، ألوان فساتين شريهان، كانت بهجة النفوس.
غابت شيري، وتركت فراغاً هائلاً في فن الاستعراض، لم تملؤه محاولات تقليد عقيمة، شريهان كانت مخلوقة من نور ونار، وحياتها كانت بين نور المسرح ونار الحياة، فراشة لم تنعم كثيرا بالنور، احترقت بالنار، حظها من دنيا الفن قليل، ولكن نصيبها من حب الناس كافٍ ليهبها السعادة، أن يحبك الناس سعادة، والناس تحب شريهان.
كلما سمعت خبراً عن شريهان توقفت، وكلما أطلت بمكالمة علي فضائية أصخت السمع، عندما ظهرت شريهان في حياتنا لم تكن بديلا للراقية نيللي، نيللي لم تترك مساحة لأحد، شريهان شقت طريقا جديدا في فن الاستعراض، تفكرك بنعيمة عاكف في عزها، كالسهم رشقت في القلوب، ملامح مصرية، تقاطيع شرقية، صوت غجري، يقتحمك، يلفك بصخب هادر، شلال إبداع، سعادة.
اللهلوبة لفظ منحوت شعبوياً في قعور البيوت الريفية الطيبة خصيصا لشريهان، واللهلوبة التي تأتي دوما بالأعاجيب، ولا تترك مهارة إلا ولها نصيب، ولا خصلة طيبة من الخصال، تغني وترقص وتبكي وتصرخ، وتتلوي أفعوانية كفتاة السيرك، ملكت مواهب قل أن تجتمع في هذا الجسد الرقيق الذي في غفلة استولي عليه مرض نادر، واللي مكتوب علي الجبين.
حرمنا المرض من نهر البهجة، وكما لمعت شهاباً في السماء انطفأت، صارت ذكري في أوج الألق، ربما لهذا ستعيش شريهان طويلا في الوجدان، وجدان جيل عشق شريهان، وصعد معها إلي السماء الملونة بقوس قزح، وعندما تركته هناك ظل يتذكرها ويحلم بعودتها إلي حديقتها الغناء، تغني وترقص وتملأ الدنيا بهجة، لم تعد شريهان من رحلة المرض، شفيت والحمد لله، لا الزمان ولا المكان قدروا يخلوا حبنا دا يبقي كان