صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


فرفيش كده | المسرح الكبير

الأخبار

الخميس، 12 أغسطس 2021 - 07:16 م

رامى حمدى

بحكم تربيتى فى السعودية كنت أنظر للقهاوى على أنها مكان مثير للريبة، يوجد به الكثير من «الشيخ حسني» فى فيلم الكيت كات، يتبادلون الحقائق المغلفة بحالة «سطل».

وفى الكلية كنت أهرب من الجلوس مع زملائى فيها ـ ما عدا أوقات المباريات المشفرة- لأنها -كما حذرنى أهلي- تضم العواطلية والشمامين وكل من «لا يعرف مصلحته». 


تطورت الدعوات للقهوة بعد أن أصبحت كاتبا، غمزات تصحبها جملة «تعالى هأقعدك قعدة مثقفين كده من اللى قلبك يحبها»، لأكتشف أنها -فى معظمها- جلسات نم ونفسنة عن الكاتبات ومن فاتنتهن، والكتاب وأخبارهم وشهواتهم. فطلقت بعض القهاوى بالثلاثة. 


لكننى مع كل قفلة كتابة كانت قدماى تقودانى إلى قهوة بلدى ما. وكأن جيناتى هى ما تحركنى. قررت أن أطلب شاياً، أغمض عينى، وأمارس «تلميع أكر» محترف، مخلوط بروائح الشيشة وصوت كركرتها، مع خبط الدومينو وفى الخلفية كوكتيل يجمع صوت حليم «الموعود معانا بالعذاب» وحريقة بروداشكن مع فيجو الدخلاوى. لتبدأ الجمل فى التطاير لأذنى.


«انتوا كده يا مصريين ركزتوا مع منتخب اليد لحد ما نحستوه»، «لأ بس أنا جسمى قشعر يا حاج عبده لما سمعت النشيد الوطنى بيتقال فى الأولمبكيات النهاردة»، «البت فريال دى من دهب طحنت اللى قدامها لحد ما جابتها الأرض، بس تفتكروا يا عيال ليه كل الميداليات خدتها بنات فى لعب كلها ضرب؟»، «مش ناويين تجيبوا ميسى الزمالك بقى يا معلم»، «يا عم سيبه، أصل الأهلى ركب الدورى وأعصابه «قفشة» عليه. نياهاهاهاه».

«شوفت البت اللى قتلت صاحبتها، غدر الصحاب ما خلاش يا أصاحبي».

«يا وليه أهرب منك فين تانى، أنا من الشغل للقهوة، ما ترحمى ميتين أهلى بطلباتك». «جايبلك بقى حباية إيييه عنب، ارفعها مع سجارة لف وقضى ليلتك وادعيلي». «الواحد نفسه يخلى ولاده أحسن منه، بس الإيد قصيرة». «اتفضل يا شيخ، أجيبلك ينسون؟ إلا هو حكم الدين إيه فى المدرب اللى باس راس اللعيبة دي؟».


لهذا كانت القهوة مصدر إلهام نجيب محفوظ. هى فيسبوك شعبى ذهب إليه العظماء والبسطاء باحثين عن الونس، كل الضحكات تتشابه. مرسومة على وجوه ملامحها حقيقية. مرآة للوجدان المصرى بكل »فتيه»، أهميتها ظلت تتصاعد، حتى مع تغير شكلها ومواضيعها، «ما القهوة إلا مسرح كبير» هذا هو رأيى الحالى، بينما هى للآخرين حياة. 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة