السبت، 14 أغسطس 2021 - 02:24 م

يروج أعداء الإسلام أن تعدد زوجات النبى محمد صلى الله عليه وسلم يعد شهوانية ويرد على هذه الغربة الفيلسوف والمفكر د.عبدالرحمن بدوى .

كانت الزوجة التاسعة للرسول صلى الله عليه وسلم هى اليهودية(ريحانة) من قبيلة بنى قريظة والتى كانت أسيرة مع نساء بنى قريظة حين أغار عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الخندق بسبب خيانتهم حيث قدموا خدمات جليلة للقريشيين الذين جاءوا فى جيش عرمرم يقودهم أبو سفيان لمهاجمة المدينة فى أبريل(627م). وقد أعتقت ريحانة بعد تردد، وبعد ذلك تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم. وتقول مصادر أخرى إنه اتخذها ملك يمين، وقد ماتت سنة 632م قبل النبى صلى الله عليه وسلم بقليل. وكانت الزوجة العاشرة هى(أم حبيبة بنت أبى سفيان)وكانت زوجة عبيد الله بن جحش الذى اعتنق الإسلام واصطحب زوجته فيمن هاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة ولكن عبيد الله تحول فى الحبشة إلى المسيحية ومات هناك بينما بقيت أم حبيبة على إسلامها(هكذا تسمى لأنها كانت لها ابنة تُدعى حبيبة)، وقد أرسل النبى صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى النجاشى(ملك الحبشة)هو عمرو بن أمية الضمرى يطلب يد أم حبيبة وقد توكل النجاشى لأم حبيبة وتم عقد القران فى الحبشة. ورحلت أم حبيبة إلى المدينة عام(628م) وماتت فى(41 أو44هـ) فى خلافة أخيها معاوية. وكانت اليهودية(صفية بنت حيى) هى الزوجة الحادية عشر للنبى صلى الله عليه وسلم، وقد كانت قبل ذلك متزوجة سلام بن مشكم ثم الشاعر اليهودى(خناعة) وقد كانت من قبيلة بنى النضير اليهودية التى كانت تسكن المدينة وقد طردهم النبى صلى الله عليه وسلم منها، لأنهم دبروا لاغتياله: وقد رحلت هذه القبيلة إلى خيبر، وفى معركة خيبر(629م) قُتل خناعة زوج صفية فوقعت أسيرة فى أيدى المسلمين. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم حررها وتزوجها. وقد ماتت عام (52هـ). وكانت الزوجة الثانية عشرة للنبى صلى الله عليه وسلم هى(ميمونة) من قبيلة بنى هلال، وقد تزوجت مرتين قبل النبى صلى الله عليه وسلم وقد تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم فى شوال أو ذى القعدة من السنة السابعة للهجرة(يناير629م) وماتت سنة 61هـ (680م) عن ثمانين عاماً، وهى آخر من مات من أرامل النبى صلى الله عليه وسلم وقد كانت أخت زوجة العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم وخالة الخلفاء العباسيين. وكانت الزوجة الثالثة عشرة للرسول صلى الله عليه وسلم هى(فاطمة بنت الدهاق بن سفيان) من قبيلة كلاب. وقد قيل إن النبى صلى الله عليه وسلم تركها بسبب برص رآه فيها. وقد قيل أيضاً إنها هى التى تركته، وقد حدث الزواج فى ذى القعدة من عام(8هـ) بعد العودة من معركة (الجعرانة). وقد تزوج النبى صلى الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأول سنة (9هـ) بأسماء بنت النعمان الجونية ولكن الزواج لم يستمر، لأنها أنفت ذلك الزواج.

ولو استعرضنا هذه الزيجات الأربع عشرة فسنجد أن هدفها كان كالتالى: (أ)إما لتقوية أواصر المحبة بين النبى صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة، وهذا ينطبق على زواجه بعائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب. 

(ب)وإما للارتباط بكبرى القبائل العربية وتلك حالة جويرية بنت الحارث التى كان أبوها رئيس قبيلة بنى المصطلق بن خزاعة وكذلك حالة ميمونة بنت الحارثة من قبيلة بنى هلال، وقد كان هذا الزواج سبباً فى دخول خالد بن الوليد فى الإسلام وهو القائد العسكرى الكبير حيث كانت ميمونة خالته.

(ج) أو ليحمى الأسيرات الائى كن يتمتعن بمكانة عالية فى قومهن وتلك حالة (ريحانة بنت زيد بن عمرو)و(صفية بنت حيى بن أخطب) و(أم حبيبة بنت أبى سفيان) أحد أكبر زعماء قريش الذين حاربوا النبى صلى الله عليه وسلم.

(د) وأخيراً ليحفظ مركزاً اجتماعياً لامرأة فى غير مركزها اللائق بها، وتلك حالة زينب بنت جحش بنت أمامة بنت عبد المطلب عمة النبى صلى الله عليه وسلم. وقد درسنا تلك الحالة بما فيه الكفاية بما لا يحتاج منا إلى إعادة تكراره.

وتلك هى البواعث الأساسية لزيجات النبى صلى الله عليه وسلم بعد موت زوجته الأولى خديجة. وكما رأيت فإنه ليس فيها أى باعث يمكن أن يدخل فى نطاق الشهوانية الجنسية. وكل هذه البواعث تنبع من مهمته كنبى ومؤسس دولة سياسية فى نفس الوقت، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن نبياً عادياً ومتفرداً ولكنه نبياً ومؤسس دولة سياسية. ولهذه الأسباب أيضاً لم يطلق النبى صلى الله عليه وسلم أياً من زوجاته، لأن الطلاق كان لابد أن ينتج عنه فصم لرباطه بالقبيلة أو الشخص القوى الذى تنتمى إليه المرأة المطلقة. وهذا السلوك كان من نتيجته أن النبى صلى الله عليه وسلم تجاوز عدد النساء الأربع المسموح بهن فى وقت واحد. ولكن هذه كانت ميزة للنبى صلى الله عليه وسلم وحده دون سائر المؤمنين، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم كنبى مؤسس دولة سياسية كان حالة خاصة تماماً ولا يمكن أن تتكرر لاسيما وهو آخر الأنبياء.