جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

أمريكا.. وشبح «سايجون»!

جلال عارف

السبت، 14 أغسطس 2021 - 07:01 م

رغم الاختلاف الكامل فى الظروف، فإن مشهد الخروج الأمريكى الحالى من أفغانستان يستحضر عند الأمريكيين مشهد الخروج الذليل من «سايجون»، بعد الهزيمة فى حرب فيتنام التى مازالت تمثل جرحا لا يندمل عند الأمريكيين.


ربما يستدعى ارسال الطائرات الأمريكية لاجلاء رجال السفارة الأمريكية فى العاصمة الأفغانية «كابول»، المشهد الذى لا ينسى لاجلاء آخر الأمريكيين فى «سايجون» عام 1975 بعد حرب ضارية فقدت فيها أمريكا عشرات آلاف من القتلى وأضعاف أضعافهم من المصابين، مع جرح وطنى مازال مؤلما للأمريكيين حتى الآن.


لكن - فى الحقيقة- فإن الفارق كبير بين «سايجون»، و«كابول».


فى الأولى كانت حرب أمريكا ضد حركة تحرر وطنى عظيمة انتصرت على الاستعمار الفرنسى ثم واجهت قوات أمريكا وألحقت بها الهزيمة وأجبرتها على الإقرار بهزيمتها والانسحاب. أما فى أفغانستان فكان صدام أمريكا مع عصابات إرهابية «بدءا من القاعدة وحتى طالبان»، كانت لسنوات طويلة تحظى برعاية ودعم أمريكا فى صراعها مع السوفيت، قبل أن تنقلب بعد ذلك - كعادة كل إرهاب- وتحرق اليد التى ساعدتها.
خرجت أمريكا من «سايجون»، ليبدأ شعب فيتنام مسيرة بناء الدولة التى تتقدم الآن- وبعد أقل من نصف قرن- لتأخذ مكانها بين النمور الاقتصادية فى آسيا. بينما تترك أمريكا أفغانستان وليس أمامها إلا المزيد من الحروب الأهلية والدمار المتواصل وحكم الإرهاب الذى لا يعد إلا بتخلف العصور الوسطي!!


فى الحرب ضد فيتنام كان شباب أمريكا يتمرد ويرفض الذهاب للقتال  هناك وكانت أمريكا تعانى أخلاقيا وهى تقتل شعبا لم يمارس أى عدوان عليها.


أما فى أفغانستان فقد كانت الحرب ضد إرهاب ضرب فى قلب أمريكا نفسها وتقول الإدارة الأمريكية الآن إنها ضربت أهم عصاباته «تقصد القاعدة»، وأنها أخذت التعهدات الكافية من الآخرين «تقصد طالبان»، بألا تمارس أى أعمال عدوانية داخل أمريكا أو ضد مصالحها فى الخارج!!


ما يزعج واشنطون الآن هو «الصورة» التى تربط بين «سايجون»، و«كابول»، والهزيمة المهينة. أما أن تتحول أفغانستان إلى بؤرة للإرهاب العالمي، فهذه ليست مشكلة أمريكا على الاطلاق بعد أن تعهد قادة طالبان بأن يبقى الود موصولا مع واشنطون.. أو هكذا قيل فى تبرير عملية تسليم أفغانستان من جديد لإرهاب «طالبان»!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة