الكاتب الصحفي ممدوح الصغير
الكاتب الصحفي ممدوح الصغير


مصري

أمير شارع الصحافة

ممدوح الصغير

السبت، 14 أغسطس 2021 - 08:41 م

معظم حكايات الكبار فى شارع الصحافة، تصف الكاتب الصحفى الراحل محمد التابعى، بأنه أمير الصحافة.. الراحل التابعى كان نجمًا فى شارع الصحافة، فى زمن صحافة الكبار، نجاح مولوده "آخر ساعة"، جعلت توأم الصحافة العربية فى السعى لشرائها؛ لتنضم لدار أخبار اليوم. 


 معظم جيلى؛ لظروف تأخُّر وصولنا للدنيا، لم نُعاصر أو نتعامل مع أمير  الصحافة فى القرن العشرين، ولكن بعضنا كان محظوظًا فى أن يتعامل ويعمل مع أميرٍ آخر بشارع الصحافة، وهو الكاتب الصحفى الكبير محمد بركات، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار السابق، ومن قبلهما كان رئيسًا لتحرير أخبار الحوادث فى عهدها الذهبى، ومجلة آخر ساعة.


 زملائى الذين تعاملوا  معه عن كثب، يُقسمون  بكل الأيمان أنهم تعاملوا  مع رئيسٍ لهم، كل كلماته تحمل النُصح للقارئ، مدافعةً عن قضايا الدولة المصرية، لقد اكتسب زملائى الكثير من صفاته، وتعلَّموا منه كثيرًا دون أن يقصدوا، فهو كان بمثابة مدرسة، نصائحه تُبدِّل السلوك للأفضل، كانت تخرج من لسانه كلمات قليلة مَنْ يعمل بها يربح كثيرًا، أخبرنا بأنه إذ أردت أن تنال الاحترام، عليك  البدء بنفسك، وأروى حكاياته معنا فى أخبار الحوادث، التى تُعدُّ من أفضل فترات الجريدة التى قارب عمرها على   الثلاثين عامًا، عددنا لم يكن كبيرًا وكان يتعامل معنا جميعًا، معظم الزملاء من جريدة الأخبار لم يشعر فى تعامله بأن هناك فروقًا، تراه مثل المُحرر المُعيَّن بالجريدة حديثًا، تعامل مع الجميع مثلما يتعامل مدربو الساحرة المستديرة مع لاعبيهم، جعل كل فردٍ منا يشعر بأنه الأهم فى عمله، عليه أن يزيد من مجهوده، ويتألَّق ليتسمر تواجده فى دائرة الضوء.


من خلال الاحتكاك المباشرة، تبدَّلت سلوكيات بعضنا، خطفنا  منه بعض ألفاظه الراقية، صرنا نتحسَّسها، ويُنادى بعضنا البعض بألفاظٍ وألقابٍ تُرضى غرور بعضنا، منع القيل والقال داخل الإصدار، وابتعد  بعضنا عن نقل الكلام والوشاية؛ لأنه لا يُحب  هذه العادة، بل كان يُجرى مواجهات حتى لا تتكرَّر؛ خصوصًا لو كان النقل غير مقترنٍ بالصدق.


 الكاتب الصحفى محمد بركات قاد سفينة  جريدة الأخبار لعدة سنوات، عندما كنا نزوره فى مكتبه، لم نرَ تبدُّلًا فى سلوكياته وتعامله معنا، نحن إصداره السابق، وقتها هاتفه لم يكن يتوقَّف من الرنين من كبار رجال الدولة، هو رئيس تحرير الأخبار الجريدة الأكبر والأقوى تأثيرًا فى الشرق الأوسط؛ بسبب أن قارئها  وجد الصدق فى حروفها، مُحرروها هم الأفضل مهنيًا فى عالمنا العربى، زملاؤه وجدوا منه  تعاملًا راقيًا، فهو كان لهم بمثابة الأخ الأكبر، وكان لأبناء جيله الناصح الأمين.


 تُعتبر فترة رئاسته لدار أخبار اليوم من أجمل الفترات للعاملين بالمؤسسة، بعد أن طبَّق العدالة بمفهومها الشامل، الجميع سواءٌ فى الحقوق، ورغم تركه  المهمة لا تزال دعوات المئات منهم تُطارده بالخير والصحة؛ لما فعله من قراراتٍ صائبةٍ صبَّت فى صالح صغار العاملين، رغم أنه تولى المهمة فى توقيتٍ صعب، قُبيل ثورة يناير بأيامٍ قليلةٍ، وخلال شهورها  الأولى، لظروف عدم الاستقرار، وعدم وصول الصحف لكل نقاط البيع، تأثَّرت معظم الصحف القومية اقتصاديًا.


 مَنْ لا يعرف أمير الاحترام فى شارع الصحافه، أطال الله عمره، خسر كثيرًا، ومَنْ تعامل عن كثبٍ ربح كثيرًا، يكفى أنه شرب من كأس الحكمة، وفهم الدنيا.. حفظ الله مصر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة