الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره التونسى قيس سعيد
الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره التونسى قيس سعيد


القاهرة تستكمل تحركاتها لحلحلة الأزمة اللبنانية ودعم الدولة التونسية

ثقة دولية فى قدرات مصر لإنهاء توترات المنطقة

آخر ساعة

الأحد، 15 أغسطس 2021 - 11:38 ص

أحمد جمال

كثفت مصر جهودها الدبلوماسية للتعامل مع الأزمة اللبنانية المتفاقمة ودعم خيارات الشعب التونسى والقرارات المهمة التى اتخذها الرئيس قيس سعيد، وهى الخطوات التى تعد استمرارا للتحركات الفاعلة للدولة المصرية لتفكيك أزمات المنطقة العربية وإيجاد سبل حل من الممكن أن تشكل قبولاً لدى الأطراف المختلفة، وفى الوقت ذاته فإنها تقدم الدعم الكامل لمؤسسات الدول الوطنية لتحصينها من أى مشروعات معادية.
 

قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى ما يمكن وصفه بخارطة طريق لحل الأزمة اللبنانية على هامش مشاركته فى المؤتمر الدولى الثالث لدعم الشعب اللبنانى الذى نظمته فرنسا والأمم المتحدة، بمشاركة لفيف من رؤساء الدول والحكومات.
وطالب بـضرورة سرعة إنهاء هذا الفراغ الحكومي، درءًا لمخاطر انزلاق لبنان إلى نفق مظلم لا رابح فيه، والذى سيتحمل الشعب اللبنانى تبعاته، الأمر الذى يتطلب من جميع الأطراف الارتقاء إلى قدر المسئولية وإعلاء المصلحة العليا للبلاد، للإسراع فى تشكيل حكومة وطنية مستقلة من ذوى الخبرة والاختصاص، لكى تكون قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة وصون مقدرات الشعب ووحدة نسيجه الوطنى وسيادة لبنان.
تحظى الكلمات المهمة للرئيس عبدالفتاح السيسى بمصداقية لدى الشعب اللبنانى بعد أن قدمت مصر نموذجا للتعايش والمواطنة بين الثقافات والديانات المختلفة على أرضية وطنية تأسست على القيم الوطنية والمبادئ الإنسانية بلا تطرف أو تعصب.
كما قدمت مصر النموذج للدولة المستقرة التى تمكنت من التعامل مع الأزمات الاقتصادية والأمنية الصعبة منذ اندلاع ثورة يناير فى العام 2011 وما تبعها من أحداث ووصولاً لإزاحة تنظيم الإخوان عن رأس السلطة عبر أكبر ثورة شعبية فى العام 2013، ثم الانطلاق نحو الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التى ظهرت نتيجتها واضحة خلال الأعوام الماضية.
قال المحلل السياسى مصطفى السعيد، إن مصر الدولة الأكثر قدرة على الدخول بثقلها لحلحلة الأزمة اللبنانية، وتنظر الأطراف اللبنانية إليها باعتبارها «حل وسط» لم تتورط من قبل فى أى أزمات داخلية أو حتى على مستوى الأزمات الإقليمية التى اشتعلت طيلة السنوات الماضية، ومع فشل الأطراف المتداخلة فى تلك المشكلات لإيجاد حلول لها فإن مصر لديها فرصة ثمينة لفك جمود تعقيداتها.
وأضاف فى تصريحات لـ«آخرساعة»، أن التقارب المصرى الأردنى العراقى الذى سيكون قابلاً لدخول دول أخرى يستهدف إيجاد تكتل عربى قوى للوصول إلى صيغة توافقية من الممكن أن تلتف حولها كافة الأطراف اللبنانية، ومن المتوقع أن تحظى الجهود المصرية بتوافق داخلى بين المكونات السياسية المختلفة إضافة إلى دعم دولى فى ظل قناعة القوى الفاعلة بأن انفجار الأوضاع فى لبنان والدخول فى حرب أهلية جديدة أمر سيتضرر منه الجميع.
وأوضح أن مصر لديها إرث سياسى قديم فى لبنان وكان للرئيس الراحل جمال عبدالناصر كلمة مسموعة بين الأطراف اللبنانية، والأمر ذاته يتكرر فى الوقت الحالي، ما يدعم إمكانية طرح الدبلوماسية المصرية نفسها كطرف وسيط وستكون لديها مصداقيتها التى تحققت عبر الوصول إلى مرحلة الاستقرار السياسى التى حققها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكذلك عبر قدرتها على حشد تأييد دولى من الممكن أن يدعم الوصول إلى حل سياسى وتنحية أى أطراف معرقلة لإنهاء الفراغ القائم.
وشدد على أن الدبلوماسية المصرية الفاعلة فى تلك الأثناء تستهدف الوصول إلى مخرجات عديدة لجملة من الأزمات العربية التى وصلت إلى مسارات مسدودة ولم يعد أمامها مخرج سوى اللجوء إلى حلول قادرة على تفكيك التحالفات القديمة بين الأطراف المعرقلة للوصول إلى حل، وأن مصر لديها القدرة على تقديم مسارات جديدة وبأدوات جديدة أيضًا من خلال الإرث القديم والسمعة الطيبة والقبول سواء فى الداخل أو الخارج، واستثمار المواقف العاقلة التى اتخذتها تجاه هذه الأزمات فى السابق.
لم تكتفِ مصر بالانخراط فى البحث عن إيجاد حلول للأزمة اللبنانية، لكنها قدمت دعمًا اقتصاديًا مهما منذ وقوع حادث مرفأ بيروت قبل عام تقريبًا عبر توفير السلع الاستراتيجية وتقديم الدعم للبنية التحتية للدولة اللبنانية لإعادة تأهيل المبانى التى تضررت من الانفجار، التى كان آخرها وصول سفينة حربية مصرية، الشهر الماضي، محملة بما يزيد على 300 طن من هذه الاحتياجات، بالتكامل مع جهود المستشفى الميدانى المصرى فى بيروت، إلى جانب ما تم توفيره من كميات العقاقير والأدوية لعلاج فيروس كورونا.
وهو ما يُعطى مزيدا من المصداقية للجهود السياسية التى ظهرت واضحة من خلال الزيارة السابقة لوزير الخارجية سامح شكرى، إلى بيروت فى أبريل الماضي، التى أكد خلالها أن القاهرة مستمرة ببذل كل الجهود للتواصل مع جميع الجهات اللبنانية للخروج من الأزمة الراهنة، إضافة إلى استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريرى قبل الاعتذار عن المهمة الشهر الماضي.
وأكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن التحركات المصرية تجاه الأزمة اللبنانية تسير فى سياقين، الأول يرتبط بالتزام القيادة المصرية بمحاولة حلحلة الأزمات العربية، والثانى يرتبط بحشد أكبر مواقف دولية داعمة للشعب اللبنانى والمبادرة الخليجية وآلياتها ومخرجات الحوار والقرارات المنبثقة عنها، كما أن مصر تدعم رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتى الذى قد ينتهى من تشكيل حكومة قريبًا.
لم تتوقف التحركات المصرية على مستوى الأزمة اللبنانية فقط خلال الأسبوع الماضي، وكان هناك حضور مماثل على مستوى التطورات الحاصلة فى تونس، وحمل وزير الخارجية سامح شكرى رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى نظيره التونس قيس سعيد، وأكد على دعم مصر الكامل لتونس لتحقيق إرادة شعبها.
وقال شكرى فى تصريحات إعلامية: «ندعم الإجراءات التى اتخذها الرئيس قيس سعيد لتحقيق الاستقرار والأمن وتلبية إرادة الشعب التونسى فى إطار دستورى سليم»، مشيراً إلى أن مصر تثق فى حكمة رئيس الدولة وقدرته على قيادة هذا المسار الدستورى السليم بخطى ثابتة، وتتمنى لتونس ولشعبها التوفيق والنجاح وتحقيق مستقبل أفضل.
ولفت وزير الخارجية إلى أن مصر تستشعر وحدة المصير بين مصر وتونس اللتين تربطهما علاقات الإخاء والتضامن، مشيرا إلى أن كل إمكانيات مصر مسخرة لدعم الشعب التونسى فى هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، مضيفا: «نعتز بعلاقاتنا مع تونس ونعمل سويا لتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبنا جميعا».
وقالت الرئاسة التونسية إن هذا اللقاء كان فرصة جدّد خلالها سعيّد الشكر لمصر، قيادة وشعبا، «على الوقفة التضامنية النبيلة مع تونس فى مواجهة جائحة كوفيد-19 التى ترجمت الشعور المشترك بقيم الأخوة والتعاضد والتآزر».
كما أكّد رئيس الدولة التونسية «على حرصه الثابت على مواصلة تدعيم علاقات التنسيق والتعاون القائمة بين البلدين»، مشدّدا على أن أمن مصر واستقرارها من أمن واستقرار تونس.
وأضاف طارق فهمى فى تصريحات لـ«آخرساعة»، أن التحرك المصرى على مستوى التطورات الحاصلة فى تونس هدفه دعم خيارات الشعب التونسى وتقديم الدعم الاقتصادى المطلوب فى الوقت الحالي، ولا ينفصل عن الجهود المصرية لترتيب الأوضاع فى المنطقة المغاربية ودول جوار ليبيا.
وأشار إلى أن التجربة التونسية لها خصوصيتها وقد تكون الأقرب للتجربة المصرية، لكن فى النهاية فإن الرئيس التونسى قيس سعيد لديه رؤية محددة يتعامل فيها مع الأوضاع هناك، وأن مصر لن تتأخر فى سبيل تقديم أى دعم يحافظ على استقرار الدولة التونسية.
وأكد النائب طارق الخولي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، أن دولة 30 يونيو أخذت على عاتقها دعم الأشقاء فى المنطقة العربية لكبح جماح التنظيمات المتطرفة ودعم قدرة الدول العربية للحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وهو ما تترجمه التحركات المصرية فى الأزمتين التونسية واللبنانية.
أوضح فى تصريحات لـ«آخرساعة»، أن هناك مواقف مصرية واضحة فى كلا البلدين تتمثل فى ضرورة الحفاظ على كيانات الدولة الداخلية واستقرارها واستجماع كافة إمكانياتها لمواجهة أى تحديات قائمة ودعم القدرة على الوصول لحالة من الاستقرار الشامل تنعكس على الاستقرار فى هذه الدول وتنعكس أيضاً على الوضع فى المنطقة.
وكان السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، قد أكد أن مصر تتابع باهتمام تطورات الأحداث فى تونس، وقال فى بيان عبر الحساب الرسمى لوزارة الخارجية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، مؤكدا «على ضرورة تجنب التصعيد والامتناع عن العنف ضد مؤسسات الدولة، بما يحفظ مصالح الشعب التونسى الشقيق وأمنه ومقدراته، مشيداً بدور المؤسسات الوطنية للدولة التونسية فى حفظ أمن واستقرار البلاد، ومعرباً عن تطلعه لتجاوز الأشقاء التونسيين لكافة التحديات والانطلاق نحو بناء مستقبل أفضل».
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة