الدكتور زين عبد الهادي ، باحث وروائي مصري
الدكتور زين عبد الهادي ، باحث وروائي مصري


توجيهات رئاسية لوزارة الخارجية بدعم المكتبة بالفكر العالمي

الدكتور زين عبد الهادي: الرئيس السيسي دعم مكتبة العاصمة الإدارية بكتب نادرة| حوار

عبد النبي النديم- صفوت ناصف

الإثنين، 16 أغسطس 2021 - 02:59 م

 

- الثقافة تحتاج للتعاون مع شركاء دوليين .. والوزيرة لا تدخر جهدًا لتوسيع رقعة الثقافة في مصر

- يجب الإعداد للقاء بين اتحاد الكتاب والوزارة لمناقشة دور كل منهما في الإصلاح الثقافي

- العاصمة الإدارية تحفة معمارية بكل المقاييس.. ولها مكانتها في التراث الإنساني المعماري


نشر الدكتور زين عبد الهادي باحث وروائي مصري، العديد من الأعمال العلمية والإبداعية، صدر له «المواسم - التساهيل في نزع الهلاهيل - مرح الفئران - دماء أبوللو - نقد العقل المصري المعاصر - أسد قصر النيل».

تولى الدكتور زين عبد الهادي رئاسة دار الكتب المصرية اعتبارًا من مايو 2011، ثم رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية اعتبارًا من ديسمبر 2011 وحتى منتصف مايو 2012 وقد قام زين عبد الهادي بإجراء كثير من الإصلاحات خلال تلك الفترة الوجيزة، كما يرأس تحرير مجلة «عالم الكتاب» ويشرف الدكتور زين عبد الهادي حاليا على مكتبة العاصمة الإدارية الجديدة، وللتعرف على تجربته الإبداعية والعمل في العاصمة الإدارية الجديدة وبيان اتحاد الكتاب وغيرها من القضايا أجرينا هذا الحوار:

 

هل مازلت على علاقتك بالإبداع.. ما نعرفه أنك بعيد منذ ما يزيد عن الأثني عشر عامًا.. وهل تشتاق للرواية؟

- علاقتي بعالم الإبداع هي علاقة ملتبسة، فأنا توقفت عن الكتابة فعليا منذ زمن طويل يتعدى الاثني عشر عاما، وليس لدي سبب محدد للتوقف، إنها حالة، لكني لم أتوقف عن الإبداع تماما، لقد كتبت عشرات القصص القصيرة وعشرات القصائد وعدة روايات، لكني غير راض عن كل ذلك، وأحيانا أتطلع لهذه الكتابات واجدها لا تعبر عما أردت قوله أو كتابته، كأنها تعاند خطتي وأهدافي من الكتابة، وهذا أمر غريب للغاية، يحدث على امتداد سنوات طويلة ولا يتغير، كلما أردت ان أكتب، أكتب مالم أريده، لا أعلم السبب الحقيقة، أو ربما هناك أسباب لا أريد البحث فيها، لكن مع ذلك أحيانا أقوم بكتابات على وسائل التواصل الاجتماعي تسعدني إذ أجد الناس قريبين للغاية مما أكتبه، إنها حالة من الحنين والشغف للكتابة وفق قواعدها المعلنة منذ هوميروس الشاعر الإغريقي، وسوفوكليس ويوربيدس واسخيلوس كتاب المسرح العمالقة الإغريق، ومنذ كتابة أوفيد للتحولات، ثم الرصيد الإنساني المتعاقب شعرا ونثرا، وصولا للقرن الواحد والعشرين ومدارس ما بعد الحداثة.

هل هناك جديد قادم إذن في إبداعك الأدبي؟

-  استعد قريبًا لإصدار رواية جديدة، أخيرا، أتمنى أن لا يحدث أي شيء فيتعطل إصدارها، إنها عمل أراهن عليه خاصة وأنه في منطقة تحفها النوستالجيا من كل جانب، النوستالجيا على المستوى الفردي الشخصي والجمعي الإنساني، وهي تتناول مناطق محددة زمنيا، وصولا للحاضر انطلاقا من ماض شديد الجاذبية، شديد الحضور في حياتنا كمصريين، ماض لا يكاد يغيب فنستعيده ونكرره دائما، لكن ما أتناوله ربما لا يعرفه الكثيرون، ولا يتخيلون أنه موجود بهذا الصفاء، ربما نشرت مقاطع متجزأة منه خلال السنوات الماضية، لكن العمل في ذاته أمر آخر، أتمنى أن يترك تأثيرا لدى جميع القراء.

 

ماذا عن الرؤية الكلية للمنظومة الثقافية في مصر؟

- وزارة الثقافة كنز حقيقي على المستويين الثقافي والاقتصادي، وربما بعض الظروف تتحكم أحيانا في الجانب الاقتصادي، وهو ما يتطلب رؤية خارجية، بمعنى أنه علينا أن نذهب للخارج بالتعاون مع شركاء دوليين، لا يمكنك أن تقود قاطرة الثقافة اقتصاديا دون هؤلاء، وهناك جزء كبير متعلق بالمعايير الدولية في الإنتاج الثقافي، كما أن هناك الانضباط المتعلق بعجلة الإنتاج ومواعيدها.

- مصر تمتلك أكبر دار نشر حكومية في العالم العربي، وتنشر مطابع وزارة الثقافة التي تعد الناشر الأول في مصر والعالم العربي سنويا حوالي 5 آلاف عنوان من جملة عناوين النشر في مصر، وأدواتها في ذلك هيئة الكتاب والمركز القومي للترجمة وهيئة قصور الثقافة، والمجلس الأعلى للثقافة ودار الكتب. 

- من القضايا الملحة أيضًا كانت الدولة مسئولة عن الإنتاج السينمائي، انسحاب الدولة أدى لخسائر اقتصادية وثقافية وفقدان لعنصر الجودة في السينما، وتخلى عن تاريخ عظيم، ويجب أن نعيد التفكير في هذا الأمر بشكل ثقافي واقتصادي معًا.

- المتاحف والأوبرا ربما تحتاج لنقلة وعلاقات دولية ليرى العالم ماذا نفعل. الحقيقة هذه أمور موروثة، الموسيقى أيضا، وأظن أن الدكتورة والفنانة إيناس عبد الدايم تقدم كثيرا من الجهود في هذا الإطار، والحقيقة في عهدها تحققت الكثير من الأمنيات وهي لا تدخر وسعا ولا جهدا لتوسيع رقعة الثقافة في مصر، وقد تعاملت معها عن قرب، وهي صديقة عزيزة، ربما يمكن القول بأن بعض الحركة المطلوبة من المهم أن تكون على مستوى المعايير والسوق والعلاقات الدولية والعمق الأفريقي والاقتصاد الثقافي أو كيف نكون ثقافيا جزء من الاقتصاد المصري وكيف يمكن بالتعأون مع وزارة السياحة والأثار تفعيل الاقتصاد الثقافي، في ظل الظروف التي تجتاح العالم، نحتاج لفكر إبداعي جديد في هذا الأمر، وفي كثير من قطاعات الدولة الأخرى.

ما رأيك في قضية اتحاد الكتاب التي أثيرت أخيرًا؟

- بصراحة متناهية أرى أن الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة تفعل كل ما باستطاعتها للتعامل بشكل مؤسسي مع مشكلات الكتاب والمثقفين، والمشكلة التي أثارها اتحاد الكتاب المنتهية ولايته وجبهة الإصلاح، ستجد أن الموضوع له جذور قديمة، الحل في لقاء شفاف بين الوزيرة ورئيس اتحاد الكتاب لمناقشة دور كل منهما في الإصلاح الثقافي بعيدًا عن تلك الإثارة التي لا طائل من ورائها، كما ستلاحظ أن هناك انشقاقا داخل الاتحاد نفسه، الأمر يحتاج لتغيير قانون الاتحاد، وإلى تعأون مؤسسي بين الطرفين خاصة وأن هناك مشكلات كثيرة تتعلق بإنشاء نقابة، والتأمين الصحي، والتجديد للاتحاد، والاشتراكات السنوية، وعلاج الكتاب، هذه قضايا لا يمكن حلها على الملأ ويجب أن تتم دون إلقاء التهم الجزافية.

 «عالم الكتاب».. ماذا تمثل بالنسبة لك؟

- عالم الكتاب المجلة التي تصدر عن هيئة الكتاب ليست مجرد مجلة بل هي فكرة عن كيفية إخراج مجلة ذات نوعية جيدة، كما تحتل عالم الكتاب  جزء كبير من حياتي ومن عقلي كرئيس تحرير لها، فهي مجلة كل المصريين والعرب، ومن أجل أن أدعها تحتل مكانتها أجريت دراسة طولة على العديد من مجلات (عالم الكتاب) Book Review في العالم، لدينا مجلة إذن تعمل الآن بمعايير عالمية، وهي قريبة للغاية من الشارع الثقافي المصري والعربي، نحأول الوصول إلى هؤلاء الذين يكتبون ولا يهتم بهم أحد، خاصة شباب الكتاب، وكتاب الأقاليم وكتاب المهجر، الوصول لإبداع جديد يقدمه الجميع مصريون وعرب، سواء في الأدب أو العلم، وهو أمر مهم للغاية لبناء النموذج للإنسان المطلوب في وقت تتجه فيه الدولة  كلها للعمل الجاد والبناء، مع ملاحظة النمو الكبير الذي يحدث للمجتمع.

كيف تقيم تجربتك في مدينة الفنون والثقافة في العاصمة الادارية الجديدة، وهل انتهت مكتبة المدينة؟

- بجانب عملي كأستاذ بجامعة حلوان كما تعلم، أشرف الآن على تجهيز وافتتاح مكتبة مدينة الفنون والثقافة أو مكتبة العاصمة الإدارية الجديدة، قبل أن اتحدث عن المكتبة فأشير إلى أن المدينة من ناحية البناء هي تحفة معمارية بكل المقاييس، فهي تجمع بين خصائص عصر الباروك المعماري وخصائص منمنمات الروكوكو، وربما ترى أن هذا البناء لا يختلف كثيرا عن الأبنية من هذا النوع في النمسا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، ويضم التصميم إلى جانب ذلك خصائص ومفاهيم البوستمودرنيزم أو ما بعد الحداثة، وهو ما يعني أن تكون هناك وظائف جديدة لكل مبنى تتحد فيه مع الطبيعة وضوء الشمس ومصادر الهواء ومساحة العمل، ستجد مبنى الأوبرا باعتباره لؤلؤة المدينة بتجهيزاته المبهرة يتوسط مكتبة ومتحفان هما متحف العواصم ومتحف الفن الحديث وخلفهما أكبر مسرح مفتوح في الشرق الأوسط بجانب مجموعة من المباني التي تحوي متحف الشمع أو متحف  مدام توسو، ومركز الإبداع والسينما الوثائقية ومكتبة الأطفال التابعة لمكتبة المدينة، هذه المجموعة من المباني المتجأورة ليس من السهل أن تجد مثلها في أي مكان في العالم  تحيط المباني حديقة عالمية ستجد فيها أنواع أشجار ونباتات من كل مكان بالاضافة إلى ندرة بعضها. يتعاون مع المدينة مجموعة من الوزارات على رأسها وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة، اللتان أتاحا الحقيقة كافة الامكانات للمدينة لإظهارها بهذا المظهر البديع وبما يمكنها مع الوقت من احتلال مكانتها في التراث الإنساني المعماري.

هل لدينا تفاصيل تهم القارئ عن المكتبة ومحتوياتها وتشغيلها؟

- مكتبة المدينة هي مكتبة بها 100 ألف عنوان كتاب حاليًا ومخطط لها أن تصل إلى 10 ملايين كتاب خلال خمس سنوات، وهي تعمل وفق فلسفة خاصة بها فهي مكتبة شبه رقمية، بمعنى أننا لا نعتمد على الكتب المطبوعة كمجموعة أساسية وإنما على كل مصادر المعلومات الرقمية، ساعدنا الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على توفير كثيرًا من الكتب من الدول الأوروبية والأسيوية من خلال إهداءاته من مجموعته الخاصة من الكتب للمكتبة وإهداءاته من مكتبة ديوان رئاسة الجمهورية، وهو ما يعني اهتمامه البالغ بشيوع الثقافة والقراءة في مصر. 

وأعطى توجيهاته لوزارة الخارجية كهمزة وصل بيننا وبين كل سفارات دول العالم في مصر لتوفير مجموعة كبيرة من الكتب تم تخصيص قاعه لها باسم (مكتبة العالم) اعترافا منا بعلاقاتنا الطيبة والإنسانية مع كل هذه الدول، ويتم ذلك حاليًا بشكل أسبوعي نستلم فيه كتبا من مقر وزارة الخارجية. 

ناهيك عن التعأون مع الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، التي لا تتوانى عن دعم المكتبة بالكتب ومتحف الفن الحديث باللوحات والأعمال الفنية، بجانب زياراتها المتكررة للمدينة، كما أن هناك تعأون مستدام مع قيادات وزارة الثقافة.

هل هناك فلسفة تحكم العمل في مدينة الفنون والثقافة وبالتالي المكتبة التي تشرفون عليها؟

- المدينة كلها تعمل وفق مجموعة ادارية وتنظيمية وقانونية ومالية تتناغم في العمل مع بعضها البعض، من خلال خطة استراتيجية للعمل، وفق معايير عالمية، وخطة تنفيذية تم التوافق عليها، كما أن هناك إدارة للبحث والتطوير وتطبيق المعايير والعلاقات الدولية، وفيما يتعلق بالمكتبة فهي تعمل بنظام مكتبات عالمي، وجاري إنشاء موقعا لها على الإنترنت ضمن موقع المدينة ككل والذي سيعمل بعدة لغات، كما سنوفر مجموعة كبيرة من الخدمات الرقمية، بجانب مكتبة الأطفال  وسيلحق بها مرصد فضائي، وعروض سينمائية للأطفال، كما سيلحق بالمكتبة معرض دائم لبيع الكتب من مكتبة الإسكندرية والجامعة الأمريكية وهيئة الكتاب ودور نشر أخرى.

- هل ستكون للحلول الرقمية جانب كبير في المدينة؟

- هناك اهتمام كبير داخل المدينة باستخدام تكنولوجيا المعلومات بشكل مكثف فيما يتعلق بحضور الحفلات سواء الأوبرا أو المسرح أو المتاحف بها، وحاليًا يجري بجانب اللمسات الأخرى التي ستسبق الافتتاح، يجري حاليا الانتهاء من الموقع لمدينة وفعالياتها وأنشطة الكيانات الأخرى بها، بالإضافة للانتهاء أيضا من كل اللوجستيات الخاصة بها على قدم وساق، وأجزم أن هذا المشروع سيكون مفاجأة سارة للمصريين والعالم العربي وبقية دول العالم. كما أننا بصدد التنسيق لعقد مؤتمرات عالمية هناك تساعد في تقديم الدعم العلمي بهدف تحقيق التنمية المستدامة في مصر.

نعلم أنكم تحضرون لقائمة كبيرة من الخدمات والأنشطة التي ستتعلق بالفنون والثقافة، فكيف سيتم تقديم كل ذلك؟

- بالطبع ستكون هناك خدمات وأنشطة مجانية وخدمات وأنشطة بمقابل، هذه الأنشطة إما باشتراك سنوي أو بمقابل مقطوع، بمعنى أنه في كل دول العالم المتقدم الآن يتم دفع مبلغ سنوي كعضوية أو اشتراك سنوي في مقابل حضور كل الفعاليات لكل أفراد الأسرة، وهو الافضل والأوفر والأجدى اقتصاديا للجميع، هذه الأنشطة تتضمن عضويات المكتبة والمتاحف والأوبرا والمسرح والحفلات والأنشطة المصاحبة وهي أنشطة ستتم على مدار العام سينشر جدولها الزمنى كيف يعرف الجميع ماذا ينتظره من خدمات والمواعيد المخصصة لذلك، وربما توضع الكثير من الانشطة على مدار اربع أو خمس سنوات قادمة، نظرا لارتباطات المثقفين والفنانين والفرق التي ستقدم هذه الأنشطة، كما ستفتح الأبواب للمدارس ورياض الأطفال للزيارات من كل أنحاء مصر.

هل الخدمات والأنشطة بالمدينة ذات طابع دولي أم محلي وإقليمي؟

- «طبعا فيه أنشطة سيكون ليها طابع دولي، وتتم مع مؤسسات دولية، ودول وسفارات في مجال  الفنون والثقافة وهناك اتفاقيات تتم الآن، لأننا مهتمين جدا بتواجدنا على مستوى دولي ومؤسسي، قابلنا عشرات السفراء وتحدثنا في أشياء كثيرة لها طابع مشترك».. «ممكن أقول إننا في المدينة بننقل العالم عندنا واحنا بنروح هناك.. الحقيقة فيه مفاجآت حلوة كتير للمصريين ولأبنائنا من الشباب والأطفال وفي الريف كمان لأن ها يبقى عندنا أنشطة متنقلة توصل لكل البيوت.. عايزين الفن والثقافة في كل مكان.. المصريين محتاجين البهجة، واحنا قادرين نقدم ده بالتعاون مع كل شركائنا من جميع أنحاء العالم في مدينة فريدة جدا من نوعها».
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة