عندما تختفي المبادأة والمبادرة والتخطيط من قاموس حياتنا، فإن رد الفعل يتحول - عمليا- إلي أسلوب حاكم لنا، من المواطن البسيط للمسئول الكبير، ومن الفرد إلي المؤسسة، وجاء اغتيال النائب العام فاضحا لسياسة رد الفعل التي يمكن أن نغض البصر عنها، وعلي مضض أحيانا، غير أنه حين يتعلق الأمر بأمن الوطن والمواطن وبحماية الأرواح والمقدرات، فإن «رد الفعل» أيا كانت مبرراته تصبح جريمة يجب ألا تمر دون عقاب صارم.
كان لابد أن يستشهد المستشار هشام بركات لتتوالي ردود افعال، كان لابد أن تكون منذ زمن بعيد مبادرات وأفعالا، تكبح إرهابا يحول دون وقوعه خطط واجراءات تأمين عالية الكفاءة للمسئولين، أو تكون عاقبته محاكمات ناجزة، بعد تعديل قانون الاجراءات الجنائية، وآخر لمكافحة الإرهاب يحقق الردع السريع، ويكفل تجفيف منابع الإرهاب.
كيف يستمر الإرهابي في موقع الفاعل، وتقنع أجهزة مكافحة الإرهاب بالجلوس في مقعد رد الفعل؟ لماذا تكون المفاجأة من نصيب الثاني في أغلب الأحوال؟ لماذا يسبق الإرهاب بخطوات المعنيين بمواجهته ودحره؟
المهمة أوسع من نطاق المؤسسة الأمنية، إذ شئنا الانصاف، فمسئولية الفعل تبدأ من عند المواطن الذي يبلغ عن فعل مريب، ودولة تسهر علي انجاز مشروع قومي حقيقي، وبينهما مؤسسات تستهدف البيئة الحاضنة للإرهاب، وتجتث المتعاون أو المتواطئ، وتتحرك وفق خطط استباقية استنادا لمعلومة دقيقة وقدرة علي تحليلها، عندئذ يمكن تصحيح الأدوار، وتبادل المقاعد ليكون صاحب القرار والشرعية فاعلا، والمجرم الإرهابي مفعولا به.
كفانا ردود أفعال من النوع «المبستر»، أو «المعلب».. لأنها لن تعصم دما، ولن تحمي أرضا أو عرضا، فالمطلوب فعل هجومي لا رد فعل غاضب في الوقت بدل الضائع!


\>