يحيي الفخراني
بين «الاستثمار والتكرار» .. ماذا فى جراب الفخرانى ؟
الثلاثاء، 17 أغسطس 2021 - 01:39 م
محمد بركات
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق مسرحية “ياما في الجراب يا حاوي” التى كانت تحمل اسم “ليلة من ألف ليلة” من قبل ويقدمها يحيي الفخراني للمرة الثالثة في مسيرته بأبطال مختلفين، ومنذ إعلانه خبر إعادة تقديمه المسرحية ضمن عروض “كايروشو” المسرحية أثار حالة كبيرة من الجدل الواسع داخل الوسط المسرحى، واعتبرها البعض تجربة إستثمارية أكثر منها تجربة فنية.
بينما اعتبرها البعض نوع من التكرار وكان يجب عليه تقديم عرض جديد للمسرح وليس إعادة تقديم مسرحية قدمها من قبل على مسرح الدولة، كما طالب البعض الفخرانى والقائمين على العرض أن يقدمها بإخراج المخرج القدير الراحل محسن حلمي، بعد أن قدمها معه بنجاح لافت عام 2015 على خشبة المسرح القومي، لتكون لفتة تحمل الكثير من معاني النبل الفني والإنساني، ليصبح يحيى الفخرانى بين نارين “الاستثمار والتكرار”او الاستسهال فى تقديم عروض قديمه معتمداً على نجاح العرض السابق.. “أخبار النجوم” رصدت بعض آراء مبدعى المسرح، والذين كشفوا عن رأيهم فى ما يقدمه يحيى الفخرانى على خشبة المسرح.
تقول الفنانة سلوى محمد على، أرملة المخرج الراحل محسن حلمى، مخرج عرض”ألف ليله وليلة”: “الفنان يحيى الفخرانى قال لى إنه سيضيف اسم الراحل محسن حلمى على التترات فى تصوير العرض، وأيضاً سيتم ذكر الاسم على”البانفليت” الدعائى للعرض، وانا فى إنتظار افتتاح العرض يوم 17 من الشهر الجارى، هذا على اعتبار أنه سيذكر اسم محسن حلمى”.
وتضيف سلوى: “كل المخرجين المسرحيين الذين تحدثوا عن هذه الظاهرة “عندهم حق”، سأتدخل إذا تم عرض المسرحية مع وجود تشابه مع محتوى العرض والرؤية الإخراجية لمحسن حلمى، واذا تم ذلك وأُخذ من رؤية محسن الإخراجية سيكون ذلك تصرف لا يعجبنى ويخلو من “اللطف والتقدير” غير ذلك هم أحرار، خاصة أن حتى هذه اللحظة لا يوجد ما يمنع من تصوير العرض بنفس الرؤية الاخراجية لمحسن حلمى، لأنه يوجد نسخة إخراج وفيديو للمسرحية، لكن بما أنك اخترت تقديمها فى مكان أخر وهذا حقه، لكن مع مراعاة الإنسانيات و”العشم” بين الزملاء”.
وعن تمسك الفخرانى بعروضه القديمة تضيف سلوى: “لا أعرف سبب تمسكه بالعروض التى قدمها واصراره على إعادتها مرة أخرى، لماذا الممثل يقدم دور قدمه قبل ذلك؟، الأفضل تقديم دور جديد، توجد شخصيات كثيرة تناسبه لم يقدمها واذا قدمها يستمتع بها الجمهور مثل “مولير”، والفخرانى يستطيع تقديم جميع شخصيات “مولير”، هنا لا أقصد شخصية “مولير” على وجه التحديد، ولكن تقديم شخصيات مختلفة تتناسب معه، لا مانع من عرض مسرحية “ربرتوار” عرضت قبل ذلك، ولكن الجميع يعلم أن كل مخرج يعرض المسرحية برؤية إخراجية مختلفة وجديدة وبطل مختلف لإعادة العرض مرة أخرى، على سبيل المثال مسرحية “هاملت” عرضت عشرات المرات ولكن لا يوجد مخرج كرر البطل فى كل عرض، مخرجين مختلفين قدموا المسرحية، ولكن ليس بنفس البطل، فلم أشاهد ذلك، أخرج الراحل محسن حلمى “ليلة من ألف ليلة” لأول مرة عام 1994 علي المسرح القومي وشارك في بطولتها معه كل من علي الحجار وأنغام وكان من انتاج دار الاوبرا وحقق العرض وقت عرضه نجاحا جماهيريا كبيرا، أما المرة الثانية فكانت عام 2015 علي المسرح القومي أيضًا ولكن بعد تجديده وعرض لأكثر من ثلاث سنوات وحقق أعلي إيراد في تاريخ البيت الفني للمسرح بلغت 8 ملايين جنيه، وهو العرض الوحيد الذى حقق هذه الايرادات، وكان من المفترض تصوير العرض ولكن لم يتم تصويره، وكنت اتمنى ان يتم تصوير العرض برؤية محسن حلمى”.
لجوء يحيى الفخرانى لإعادة مسرحية “ليلة من ألف ليلة”، هو استثمار النجاح السابق للمسرحية بعد تقديمها على خشبة المسرح القومي بمسرح الدولة، هكذا بدأ الدكتور سامح مهران حديثه عن إعادته تقديمها على خشبة المسرح الخاص، مضيفاً أنه فى كل مرة يتم فيها إعادة عرض مرة أخرى ليس شرط أن يتحقق استثمار هذا النجاح، فليس كل “ريبرتوار” يحقق نجاحا، وإذا قدمه الفخرانى او غيره بنفس الشكل الذى نجح به قبل ذلك مع مرور العمر لا أعتقد أنه سيوفق فى هذه التجربة، فهذه ليست المرة الأولى التي يعيد فيها الفخراني أعماله المسرحية وينقلها من مسرح الدولة لمسرح القطاع الخاص فقد أعاد من قبل مسرحية “الملك لير” وقدمها مرة أخرى بمخرج جديد في مسرح القطاع الخاص، أيضاً “ليله من الف ليلة” حققت نجاحا كبيرا فى أول عرض لها ، الأمر ليس سوى إعادة إحياء الأعمال التى قدمها وحققت نجاحا كبيرا، واستثمار نجاحاته السابقة، وسنحكم على التجربة بعد مشاهدتها، هل بها أى جديد حتى على مستوى الأداء أم لا؟، هل ستختلف عرض المسرحية فى القطاع الخاص بعد مرور سنوات من عرضها فى مسرح القطاع العام؟، المسرح فى معظم انحاء العالم دائما يعيد الصله بتجاربه السابقة عبر”الريبرتوار”.
ويستكمل مهران حديثه قائلاً: “مسرح الدولة يعقد عقود “إذعان”، بمعنى الحصول على الحق الأدبى أو المصنف، لمدة 5 سنوات ويتم تجميده وحبسه، فى الدول الاوروبية الأمر مختلف فى هذا الشأن، وهو يتم شراء النص لمدة عرضه، مع الاتفاق على مدة عرض محددة، وبعد إنتهاء هذه المدة، يحق التصرف فى هذا النص، ولكن فى مصر يظل النص حبيس الإدراج لمدة 5 سنوات، حبس المصنف بهذا الشكل خطأ جسيم، لان من الممكن عرض النص فى أكثر من مكان خلال هذه المدة، وهذا مصدر دخل للمبدع، ولابد من تدخل الدولة لتصحيح عقود الإذعان التى تبرمها، فلك أن تتخيل يتم التوقيع والتنازل عن كافة الحقوق فى حالة تصوير العمل تليفزيونياً، لا يوجد ذلك فى دول العالم، هذه الأوضاع الشائكة يجب تعديلها خلال الأيام القادمة، وطالبت بالتعديل عندما كنت أشغل منصب عضو مقرر لجنة المسرح، لانه ذلك فى صالح الفنان من خلال إعطائه فرصة للإبداع، أفضل من أن يظل النص حبيس لمدة 5 سنوات، هذا ليس معقول، أضف إلى ذلك يُنسى العمل، دون أن يتم بيعه لهيئة قصور الثقافة ولو بمقابل مادى أقل، بهدف استمرار المسرحية”.
المخرج مراد منير يتفق أيضاً مع الدكتور سامح مهران، وحمّل وزارة الثقافة المسئولية مضيفاً: “يجب عند كتابة العقد يتم إضافة بند فى العقد أنه سيتم تصوير الرواية وفى هذه الحالة لا يستطيع الفنان او غيره عرضها مرة أخرى خارج القطاع، وأضم صوتى لصوتك وأسال الفخرانى “لماذا تقدم أعمالك القديمة؟، مسرحية “الف ليلة وليلة” قدمت منذ سنوات، ليس بها سحر جديد، من الأفضل تقديم عرض جديد،هل هذه الأعمال تراث فنى؟، “أنت يحيى الفخرانى” ممثل كبير، نريد منك أعمال جديدة معاصرة، او أعمال تاريخية جديد، ولكن الجميع يبحث عن السهل”.
ويتحدث المخرج عصام السيد عن هذه التجربة قائلاً: “يحيى الفخرانى ليس الأول والأخير الذى يعيد تقديم أعماله التى قدمها وحققت نجاح كبير بصرف النظر إذا كان سيتم إعادة هذه الأعمال فى نفس القطاع او قطاع أخر بشكل جديد وفنانين جدد، الفخرانى يقوم بإعادة تقديم الأعمال الناجحة التى قدمها قبل ذلك حتى يضمن نجاحها مرة أخرى”.
وعن إختلاف الرؤية الإخراجية فى كل عرض يضيف السيد: “تقديم مسرحية “الف ليله وليله” فى القطاع الخاص سيطلب العرض إختلافاً جوهرياً من حيث الإنتاج والديكورات والملابس والنجوم عن ديكورات وملابس العرض القديم مثلما شاهدنا إعادة مسرحية “الملك لير” وبالتالى هذا أول إختلاف بين القطاعين الذى يعطى الفرصة للجمهور لمشاهدتها مرة أخرى بشكل مختلف، ولا يمكن مقارنة تجربة مسرحية “الملك لير” بمسرحية “ليلة من الف ليله” كل عرض له ظروفه الخاصة”.
المخرج والناقد المسرحي الدكتور عمرو دوارة لا يفضل استثمار بعض النجوم للنجاح الجماهيري والفني لبعض عروضهم المسرحية بإعادة تقديمها لأكثر من مرة وصفه بمصطلح “الإفلاس الفني”، ولكنه يحبذ استخدام تعبير إهدار الفرص والطاقات والخبرات.
ويضيف دوارة: “هذا التوصيف يتطابق أيضا مع حرص وإصرار بعض النجوم على استثمار نجاح عروضهم باستمرار عرضها لعدة سنوات ولعل أشهر مثال على ذلك الفنان عادل إمام الذي يمكن توثيق تجربته المسرحية ببطولة خمسة مسرحيات فقط “مدرسة المشاغبين، شاهد ما شفش حاجة، سيد الشغال، الزعيم، بودي جارد”، وبالتالي فقد أهدر طاقاته وخبراته في استمرار تقديم كل مسرحية منها لمدة ست سنوات تقريبا، في نفس الوقت الذي كان يمكنه إثراء مسرحنا المصري والعربي بمسرحية جديدة على الأقل كل عام كما حرص على ذلك كل نجوم المسرح الكبار”نجيب الريحاني، علي الكسار، إسماعيل يس، عبد المنعم مدبولي” وكذلك من أبناء جيله الفنانين “سمير غانم ومحمد صبحي” على سبيل المثال”.
ويتابع دوارة: “قرار إعادة يحيى الفخراني لمسرحية “ليلة من ألف ليلة” للمرة الثالثة بإحدى فرق القطاع الخاص بعدما سبق له إعادته لمسرحية “الملك لير” أيضا يثير أكثر من قضية ويطرح أكثر من استفهام، ولعل أبرزها الحقوق الأدبية لقطاع مسرح الدولة التي منحته فرصة الشهرة والتألق، لقد سبق له المشاركة في بطولة أكثر من عرض بفرق مسارح القطاع الخاص ومن أبرزها” بكالوريوس في حكم الشعوب، راقصة قطاع عام، سعدون المجنون، البحر بيضحك ليه، كيمو والفستان الأزرق، ولكنه لم يحقق في أي منها ذلك النجاح الذي حققه بفرق مسارح الدولة منذ أول عروضه حب وفركشة “بفرقة أنغام الشباب” ومرورا بمسرحيات “الطيب والشرير” (بفرقة المسرح الحديث)، ومسرحيات”البهلوان، غراميات عطوة أبو مطوة، جوازة طلياني، الملك لير، ليلة من ألف ليلة (بفرقة المسرح القومي). ويتضح مما سبق أنه قد حقق نجاحه وشهرته من خلال مسرح الدولة والذي ظل يرحب بالتعاون معه ويفتح له أبوابه دائما ويسخر له كل الامكانيات المتاحة بل وغير المتاحة أيضا، وتقتضي الحقيقة أن أقرر بأن كثير من الشروط والمتطلبات الفنية للفخراني والتي كان يصعب تحقيقها بصفة عامة بعروض مسارح الدولة قد تم الاستجابة لها وتوفيرها له، بعدما نجح من خلال خبراته ضمان النجاح لعروضه بالتغلب على جميع الإجراءات الروتينية التي قد تحد من نجاحه”.
ويضيف: “لذا كنت أرى أن مسرح الدولة هو الأحق باستكمال نجاحاته معه بإعادة تقديم تلك المسرحيات التي يصر على إعادتها، وإن كنت أحبذ بالطبع مشاركته بعروض جديدة تضاف إلى رصيده الفعلي بعدما وصل إلى مرحلة استكمال النجاحات الفنية وتجاوز جميع مراحل تحقيق الذات والبحث عن الشهرة أو الحصول على المكاسب المادية، أتمنى أن نستثمر طاقات وخبرات وامكانيات الفنان يحيى الفخراني في تقديم عروض جديدة، وحتى في حالة إصراره على إعاد تقديم بعضها كنت أفضل تقديمها من خلال فرق مسارح الدولة شريكته في تحقيق النجاح”.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة