نسرين موافي
نسرين موافي


قلب من ذهب 

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 19 أغسطس 2021 - 02:37 م

نسرين موافي

“الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا  “

آية تؤرقني جداً عندما اسمعها أو اقرأها .. أخاف منها و أخشها و كأنها تقصدني .. تعريني أمام نفسي … أخشي أن أكون من المقصودين .
أشعر بقوتها و بضعفي في كل مرة تصادفني بل أنني أصبحت اتجنبها حتي لا أصاب بالقلق و الحيرة بل و الرعب من مجرد الفكرة .

فكرة أن تظن أنك تفعل كل الخير طوال الوقت و أنك تفعل كل الصواب لتكتشف في النهاية أنك تحرث البحر فعلياً ، هي فكرة قمة في الإحباط … كأنك تبني بناء عالي ضخماً من رمال و أنت تحسبه صخراً ليتهاوي أمامك و يتركك مخذولاً مدحورا .
ليأخدك هذا التفكير أنه ، لماذا الجهد ؟! لماذا التعب اذا كان وارد أن يكون ضلال ؟! 
الطبيعي أن يجرك التفكير السلبي لأسوء السيناريوهات .
يجرك لأن لا تتحرك ، فإما أن تضل أو لا يكون سعيك علي القدر الكافي فتخسر الجهد و الثواب .. يجرك التفكير السلبي لمنحدر أنك ابداً لن تكون جديراً او صالحاً كفايه  لتستحق جملة " أنك تحسن صنعاً "
و تظل تركض في هذا الجانب هبوطاً و يأسا . 

حتي تأتي رسالة كالتي وصلتني فجأة و بدون سابق إنذار.. هي شكلاً رسالة لكنها طوق نجاة فعلي .
شخص علاقتي بيه لا ترقي لأن تكون سطحية ، هي حرفياً شبه معدومة مجرد اسم أعرف انه موجود في الحياة و لا يعرف عني غير اسمي و أسماء بعض اصدقائي . 
ليفاجئنا في يوم بجملة غيرت الكثير دون أن يدري … ( يا أصدقاء ، دعوت لكم عند بيت الله الحرام )

لنفرح بالفكرة و نشكره جميعا في نفس اللحظة  و يطلب الأذن بأن يبعث لنا الفيديو و هنا تغير الكثير .
سماع صوته و استشعار صدقه في دعوة لم نطلبها و لم يكن قبلها قريبا  منا لتصدر من قلبه كما سمعناها ، رؤية الكعبة الشريفة مع صوته ابكانا ليالي متواصلة و كأن هناك من صب ماء بارد علي نار حامية .
ساد بيننا الصمت بعد رؤيته و سماع صوته ، و أصبح كل منا يناجي ربه و يتعجب ! كيف أرضاه ربه في ما كان يؤرقه و يعذب روحه و تنساب دموعي لليالي بلا توقف .

دعوة سمعتها فأزال بها الله صخور تسد مجري دموعي و أخري تثقل قلبي ، صخور ظننت أنها لن تغادر مكانها إلا بمغادرة روحي لجسدي ، و تبخرت بدعوة ، لمجرد فكرة أنها رسالة من الخالق …أني موجود أسمعكم و أدبر الأمر ، كل الأمر بما فيه الخير ، فرب الخير لا يأتي إلا بالخير .
فلا تخافوا أو تحزنوا فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعاني .

تلاشي الشك و اليأس و أعاد لي الأمل بدعوة واحدة ربما لأنه لا يعرفني بل لا يعرف أحد منا الا اسما و لا نعرفه .
دعوة من القلب صادقة أصبح صاحبها في لحظة سيرة الخير بيننا ، و أصبحنا لا نذكره الا بالطيب ، جميل القلب ، حسن السيرة و الكثير من الدعاء بجبر الخاطر كما أسعدنا و جبر خاطر كل من ذكره .

انطقه الله بدعوة مكتوبة عنده.  ليؤلف قلوبنا و يهدي قلبي بعد ضلال ، يرحمه  من الشك في أي أمل ، بل في أي خير قد يأتي .
أعاد لي إيماني في تأثير الكلمة الطيبة ، صنيع خير و كيف أنها أحسن صنع يصنعه الأنسان لنفسه و غيره
أعاد لي إيماني بأن من يمتلكون قلب من ذهب لا يطلبون أجرا بل و لا ينتظروه حتي ، هم يسعون بين الناس بالخير… بالخير فقط ، و أنهم الأغلي و الأجدر بالتمسك و بشدة .

رأيت بعيني كيف يكون جزاء الإحسان  بالإحسان كيف رد الجميع و كيف أصبحت مكانته و كيف اصبح الجميع ينتظر وجوده و لا نمل من شكره .
فليس فقط الدعوة بظهر الغيب هي ما فعل بل بسببه شعرنا كيف يكون الجبر علي يد الجبار الكريم ، مجرد مودة غير مسببة و بلا غرض أنبتت في القلوب فرحة و ازدادت ايمانا بلطف الله و رحمته .

حقاً …كم أنت لطيف رحيم يا الله بعبادك حتي و ان كانوا عجولين استجبت لدعائي بأن تثبتني فلا أفقد إيماني بعد أن ظننت أن لا أمل في الإجابة حتي جاءت الإستجابه مفاجئة و صادمة لتهد في لحظة قلاع الشك و القنوت من رحمتك و تنزل برداً و سلاماً علي قلبي .
لا تستصغروا الدعوة و لا تعتادوها ، و لا تظنوها ابداً بلا أمل الدعاء من قلب صادق ليس بينه و بين الله حجاب فأدعوا بإخلاص .

لا تستصغروا كلمات صادقة في دعوة تثبت بها غيرك و تُذكره بأن الله قريب ، أن فرجه قريب و أنه قادر علي جبر الخواطر بطرق لن تخطر علي قلب بشر و أن الدعوة مفتاح مودة ، مساعدة حقيقية للمكروبين و الراجين من الله ما لا يرجي فيه سواه ، فالدعوة فيها كل قوة الكلمة . 
 
لا تستصغروا أعمال قد تكون فيها نجاتكم و نجاة غيركم - تعرفوهم كانوا أو  مجرد عابرين في حياتكم -في الدنيا قبل الآخرة كلمة طيبة ألفت بين قلوب ، كلمة لم يحسب حتي صاحبها أن تفعل كل هذا مجرد دعوة لكنها عند الله كبيرة ، لأنه رب القلوب يعلم ما تخفيه و ما تأمله و هو وحده القادر علي جبر انكسارها.
دعوة من قلب صادق فرجت هموم أغراب و جبرت خاطرهم  و علمتني أن عدم فعلي شيء خوفاً من يضل سعيي في الحياة هو كل الضلال و أن كل ما نفعله بإخلاص نية هو صنيع خير …. و كونك تقدم لنفسك و لغيرك الخير يجعلك في مأمن  من الضلال …فأنت  تحسن صنعًا !

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة