عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

تكفيرى معتدل !

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 19 أغسطس 2021 - 06:27 م

زمان وتحديدا إبان الحرب العالمية الثانية قرر الإنجليز التعاون مع جماعة الإخوان فى مصر رغم أنهم كانوا يرونها جماعة متطرفة خطيرة، كما تشير الوثائق الدبلوماسية البريطانية التى كشفت سريتها! .. فهم كانوا، كما تقول هذه الوثائق التى اعتمد عليها مارك كورتيس فى كتابه (التواطؤ البريطانى مع الأصوليين)  يريدون منع الإخوان من دعم وتأييد الألمان الذين كانوا قد أعدوا لغزو مصر.. وقد استمرالإنجليز فى التعاون مع الإخوان فيما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وظلوا يدفعون الثمن فى شكل دعم مالى للجماعة كما كشف ذلك بالمعلومات كتابى الجديد (أموال الاٍخوان.. من حسن البنّا إلى إبراهيم منير).. ووصل هذا التعاون ذروته إبان الحرب الباردة التى شهدها عالمنا بين أمريكا ومعها الغرب كله والاتحاد السوفيتى. وهكذا كانت بريطانيا صريحة مع نفسها وهى تتعاون مع جماعة الإخوان رغم إدراكها لخطورتها الناجم من طبيعتها المتطرفة ونهجها التكفيري. 
غير أن الأمريكان خرجوا علينا بما يمكن اعتباره (افتكاسة) فكرية غريبة الشأن بعد حادث تفجير برجى نيويورك مع مطلع الألفية الجديدة، عبر مراكز أبحاث ودراسات أمريكية مهمة ومؤثرة فى اتخاذ القرارات السياسية فى واشنطن،  مؤداها التمييز فى جماعات الإسلام السياسى وكلها تكفيرية بين جماعات متطرفة أو إرهابية تمارس العنف  وجماعات أخرى معتدلة لا تمارس العنف أو هجرته وتوقفت عنه.. ولم يكتف الأمريكان بذلك وإنما رتبوا على هذا التقسيم لجماعات الإسلام السياسى نتيجة شديدة الخطورة وتتمثل فى الحاجة إلى التعاون مع تلك الجماعات التى اعتبروها معتدلة وعلى رأسها جماعة الإخوان لدرء خطر الجماعات الأخرى التكفيرية والإرهابية .. بل بمرور الوقت تطورت هذه الأفكار وذهب أصحابها إلى مدى أبعد، أى إلى الحاجة الأمريكية لتمكين جماعة الإخوان من الحكم فى عدد من بلاد منطقتنا،.. وبعدها حظى الإخوان بالفعل بدعم غربى واسع فى هذا الصدد، وتم ذلك علنا مثلما كانت هذه الدراسات الأمريكية والغربية علنية ومسجلة فى مطبوعات متداولة عديدة. 
وبعد أن انتفض الشعب المصري من أجل التخلص من حكم الإخوان قبل ثمانى سنوات مضت ونجح فى ذلك كان ثمة احتمال أن يراجع الأمريكان والغرب هذه (الافتكاسة الفكرية) التى تمنح  صفة الاعتدال لجماعات وتنظيمات تكفيرية ومتطرفة وأن يتخلّوا عنها، خاصة بعد العنف الواسع الذى انخرط فيه الإخوان فى مصر بشكل واسع منذ يونيو ٢٠١٣..  لكن هذا الاحتمال لم يتحقق للأسف.. فمازال هناك أمريكان وأوروبيون يمنحون زورا بعض جماعات وتنظيمات وحركات الإسلام السياسى صفة الاعتدال لكى يبرروا التعاون معها ودعمها أو على الأقل السكوت على جرائم العنف التى ترتكبها، رغم أنها مازالت تحافظ على طبيعتها التكفيرية وتتمسك بنهجها المتطرف!
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة