ممدوح الصغير
ممدوح الصغير


موسى صبري مليونير السمعة الحسنة

ممدوح الصغير

الخميس، 19 أغسطس 2021 - 09:25 م

رغم شهرته العريضة فى بلاط صاحبة الجلالة، لم يجنِ الكاتب الراحل موسى صبرى من عمله بالصحافة سوى السمعة الحسنة، رغم أنه كان واحدًا من فطاحلة شارع الصحافة، فهو كان رئيسًا لتحرير الأخبار، ورئيسًا لمجلس إدارة دار أخبار اليوم، ومن الكُتَّاب المُقربين لرئيس الجمهورية.

الراحل موسى صبرى لم يُكوِّن ثروةً تُعادل شهرته العريضة، فهو يعتبر من أهم الكُتَّاب فى العالم العربى، سطور مقالاته مصدر عشق لقُراء الصحف، عُرف عن قلمه إنصاف المظلومين، وقد اشتهر بالمعارك الصحفية الطاحنة، فلم يكن  يخشَ سوى خالقه، حيث أسهمت مقالاته فى كشف خداع شركات توظيف الأموال.

موسي صبرى أحب الصحافة، فأحبته المهنة وأعطته شهرةً؛ لأنه أعطى دون أن ينتظر، عشق المهنة منذ طفولته فى محافظة أسيوط، واستفاد من دراسته للقانون، وأيضًا استفاد من فترة سجنه التى كانت سببًا فى أن يتعارف عن قُربٍ على الرئيس السادات، الذى كان بنفس محبسه. 

بداية علاقة موسى صبرى مع أخبار اليوم بدأت عام 1950، فقد التحق بها بعد عدَّة تجارب صحفية اكتسب منها الخبرة والشهرة، وفور دخوله أخبار اليوم  لم ينتظر كثيرًا، وانضم لكتيبة نجومها الذين كانت تمتاز بهم الدار،  فصحفها يتواجد بها جيلٌ من الموهوبين؛ بعد حرص توأم الصحافة على ضم كل الموهوبين فى الصحافة المصرية.

لم يجنِ موسى صبرى سوى النجاح خلال وجوده فى أخبار اليوم أو صحيفة الجمهورية التى عمل بها على فترتين؛ فى خمسينيات القرن الماضى، وأيضًا بضع شهورٍ قُبيل وفاة الرئيس عبد الناصر، وعاد لأخبار اليوم بقرارٍ من الرئيس السادات عام 1970. 

كل الحكايات التى رُويت عن موسى صبرى تُؤكد أنه جورنالجى وصنايعى من الدرجة الأولى، يفهم فى كل فنون التحرير الصحفى، ولديه حسٌ عالٍ فى  تصوُّر الشكل النهائى للجريدة عند وصولها للقُرَّاء، والوجه الآخر الإنسانى يعرفه المقربون.. روى لى الحاج محمود عيسى، الذى عمل بمكتبه لسنوات طويلة، وكان العامل المُخصَّص له، وكان قريبًا منه بصورةٍ كبيرةٍ، كل الحكايات التى تُروي ترفع من قدره كإنسانٍ.

خلال مسيرته كان يرفض أن يكتب عداءً فى مقالاته، وينصح مَنْ حوله بأن تُستبدل بكلمة خصومة؛ لأن العداء شخصىٌّ، أما الخصومة فهى فكريةٌ، ومن الممكن أن تزول أسابها، وكان يعتبر  الصحافة سُلطة، وأقوى من سُلطة الحكومة ومجلس الشعب والقضاء؛ لأنها تُؤدى دورًا أخطر من هؤلاء، وهى صناعة الرأى العام، ورغم عدم وجود علاقة صافية مع هيكل، لم يكتب موسى ما يُسىء له طوال حياته، وكان دائمًا يقول هيكل كإنسانٍ نظيف، خفيف الدم، مجامل، أما كصاحب موقفٍ، فهو شىءٌ آخر، وكان له خلافٌ مع عبد الرحمن الشرقاوى، ومع ذلك كان يتكلَّم عنه بصورةٍ طيبةٍ، ويُحسب لموسى صبرى، وهو رئيسٌ لتحرير الأخبار، كانت جريدة الأهالى تُجهَّز فى الغرفة المُلاصقة لمكتبه، وعادة تحمل صفحاتها هجومًا عليه، رغم ذلك كان يُطالع الجريدة عند وصولها للتوزيع؛ مثل القُرَّاء، وذات مرة أراد العمال فى الأخبار تعطيل طبع الأهالى، فعلم بذلك وقرَّر على الفور أن تدور المطابع   بصفحات الأهالى قبل الأخبار التى يترأس تحريرها. 

فى حوارٍ له مع الإذاعية آمال العمدة، التى وجَّهت له سؤالًا بأنه من أفقر رؤساء مجالس إدارات الصحف فى مصر، فأجاب دون خجلٍ  وصراحةٍ ولم يُجمِّل  حروفه، بأنه لا يملك  سوى راتبه، وسيارته بالتقسيط من دار أخبار اليوم، وشقته من 23 سنة كما هى، رغم وجود عروض بالصحف العربية فى الكتابة لها، ورغم سخاء العطاء فيها، لكنه لم يفعلها. 

قُبيل وفاته، سُئل عن النجوم فى الصحافة، فقال صاحبة الجلاله كل يوم يلد بها نجومٌ، وأخبار اليوم معملٌ لتفريغ النجوم، وأثنى على إبراهيم سعدة، ووجيه أبو ذكرى.. رحم الله موسى صبرى الذى فى كتابه خمسين سنة صحافة، روى حكايات لا تُمجِّد منه كصحفى كبير، بل كانت تُمجِّد لزمن صحافة كانت تؤدى دورها على أكمل وجهٍ، وكانت منبرًا قويًا فى الدفاع عن مصر، وقد كانت مقالات كبار الكُتَّاب تُزعج الأنظمة الغربية.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة