«عشنا علي (حفرة) في وسط الصحراء طولها ١٨٢كم قرابة ١٥٠ عاما ولكن اليوم ننشئ مجري مائيا علي جانبيه مشروعات تنموية» هكذا يواصل د.هاني دميان وزير المالية اجتهاداته العبقرية، فيختزل قناة السويس في مجرد حفرة، مؤكدا جذوره الفرعونية الأصيلة، فحتي نسلط الأضواء علي الجديد، لابد أن نحقر من شأن القديم!
يبدو أن د.دميان لا يحيط بما يدرسه طالب مرحلة التعليم الأساسي عن المزايا الاستراتيچية لقناة السويس باعتبارها شريانا يربط بين الشرق والغرب، أو كونها فكرة داعبت خيال حكام مصر منذ آلاف السنين، أو حجم التضحيات من دماء وعرق وجهد عشرات الآلاف أثناء حفرها، أو تجليات الصراع الدولي لوضع اليد عليها، واستمرار سيطرة الأجنبي عليها، حتي وصل الأمر إلي التآمر وشن العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦.
تناسي د.دميان هذا التاريخ الذي كانت القناة/ الحفرة محورا أساسيا يحرك أحداثه، ولم تنفصل أهمية موقع مصر العبقري يوما عن القناة سواء كانت مجرد فكرة في أذهان الفراعنة، أو الغزاة الذين تعاقبوا علي حكم مصر منذ دارا الفارسي ومرورا بالاسكندر الأكبر، وانتهاء بنابليون، وبعضهم خاض التجربة، وربط بين البحرين عبر نهر النيل، حتي تبني سعيد باشا فكرة ديليسبس التي كان ثمنها باهظا باستشهاد الآلاف أثناء حفر القناة في ظل ظروف بالغة القسوة.
نسي د.دميان قرار التأميم، ثم قرار السادات باعادة افتتاحها في ٥ يونيو ١٩٧٥ لينسخ ذكري عدوان ١٩٦٧، ثم اعمال التطوير المستمرة حتي اصبح حجمها في ١٩٨٠ يفوق ١٤ ضعفا من حجمها عند انشائها.
هل مازلت عند رأيك يا دكتور في ان القناة مجرد حفرة؟!