دينا درويش
دينا درويش


عين ع بكرة خزنة الذكريات

دينا درويش

السبت، 21 أغسطس 2021 - 05:47 م

فى رحلتى مع ابنى، توقفنا فى عدد كبير من المحطات، أتذكر الآن أن المحطة الأكثر تأثيرًا كانت محنة المرض..

البداية كانت بشعورٍ داخلىٍ أن ابنى صاحب الثلاث سنوات وقتها ليس على ما يُرام، ورغم أن الأعراض لم تكن واضحةً، إلا أن الألم الواضح عند البلع والشكوى من صدره والميل بنصفه العلوى على أحد الجوانب أثناء تناول الطعام، وصوت الأنين، كانت تُؤكد شكوكى، وعندما أكد لى أغلب أساتذة طب الأطفال أنه بخير، قررت أن أبحث بنفسى عن السبب.


فى البداية اعتقدت أن عملية اللحمية التى اجراها منذ فترة فشلت، وربما عادت اللحمية من جديد، فبدأت بطرق أبواب أساتذة الجهاز التنفسى، لكن لم أجد تفسيرًا، لم أيأس، فجمعت الأعراض وبدأت فى البحث بنفسى عن الأمراض التى تُسبب ما يُعانى منه يحيى، وللأسف لم تكن المواقع العربية تملك الإجابة الكافية، فبدأت فى ترجمة المواقع الأجنبية والتواصل مع المستشفيات الخاصة بالأطفال فى الخارج حتى هذه الليلة.


كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرًا ولدىَّ موعد لإجراء مكالمة هاتفية مع أحد الأساتذة بالخارج، وأثناء بحثى عن الأعراض، اكتشفت أن أمراض الجهاز الهضمى قد تكون السبب، نعم هى المعدة، رغم أنه لا يشكو منها نهائيًا، وهنا غيَّرت الخطة تمامًا. 


واكتشفت أن ابنى مصاب بارتجاع فى المرىء، لكنه من النوع الصامت، فهو لا يتقيأ، لكن كل ما يأكله يرتد مع المادة الحامضة لصدره وبلعومه، مسببًا ألمًا وصعوبةً فى التنفس والبلع، وهو ما يُعرف بمتلازمة ساندفير.


أتذكر الآن كل التفاصيل، بدايةً من التشخيص وسؤال أستاذ الجهاز الهضمى لى عمن شخصه، وإجابتى بأنه أنا.


ورغم أن يحيى لم يُشف تمامًا، ولا يوجد علاجٌ لفتق الحجاب الحاجز، أو كما يُعرف بفتق المعدة، والحل هو الالتزام بنظام صحى ومتابعة دقيقة والمواظبة لسنوات على أدوية تهدئة هذا الجزر الملعون..

تحسن يحيى، ولا تزال الأعراض موجودة تخف حدتها وتزيد بين الحين والآخر.الآن ما أحرص عليه هو ملء خزنة الذكريات الخاصة بيحيى بالسعادة، عوضًا عن الليالى التى كنا نقضيها فى عيادات الأطباء سويًا، ومن المهم ألا ننسى فى زحمة الحياة، كيف سيتذكرنا أبناؤنا وأننا نعيش الآن فى ماضيهم، وواجبنا هو أن نُحسن صناعة ذكرياتهم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة