صورة من فيلم
صورة من فيلم


خالد محمود يكتب: طالبان والسينما.. أفكار ظلامية وأطماع سياسية في مشهد إجباري 

بوابة أخبار اليوم

السبت، 21 أغسطس 2021 - 11:09 م

تستدعى التطورات السياسية السريعة وأحداث حركة طالبان فى أفغانستان بعد سيطرتها الكاملة على العاصمة بعد 20 عاما من إطاحة القوات الأمريكية بحكم الحركة المتشدد، العديد من الأعمال السينمائية التى تناولت تلك الحركة أو المنظمة الإسلامية وأفكارها الظلامية وطموحاتها وأطماعها وأهدافها منذ تأسيسها فى منصف السبعينات ومدى تأثيرها على المجتمع .


وتبقى السينما هى السلاح الأهم للوقوف على تلك الأفكار التى تحاول فرض سياستها تحت رداء الدين، واتذكر فى تلك اللحظة فيلم «ويبتلع كابول» 2019 للمخرجتين زابو بيريتمان وايليا جوبى ميفيليك ، حيث تغوصان فى كابول طالبان التى تقهر حياة الجميع ويحققان عبر عملهما بالرسوم المتحركة ثنائية الابعاد بألوانها المدهشة رؤية جميلة لرواية ياسمينة خضرا وتكييف خيالها الأدبى الأنيق عن الحياة الخاضعة لسيطرة طالبان فى العاصمة الأفغانية.

العمل تدور أحداثه فى كابول، عاصمة أفغانستان، فى أواخر التسعينيات، حيث أغرق عهد طالبان المجتمع المحلى فى الظلامية، حيث احتلت طالبان كابول  تحت الحكم الصارم والمتعصبين المسلحين. وباتت البلدة فى حالة خراب تم تدمير الجامعة، والموسيقى محظورة، وتجرى أعمال الرجم فى منتصف الشارع لسيدات والإعدام العلنى للرجال فى ملعب لمباريات كرة القدم المفتوحة فى الاستاد الوطنى والحضور يشاهدون المشهد إجباريا فى المدرجات، ونشاهد كيف استولى الخوف على وعى المواطنين وحياتهم اليومية، ولكل النساء اللواتى أجبرن على مرافقتهن للسير فى شوارع المدينة وإدانتهن بالبقاء مختبئات تحت الحجاب والبرقع ، تلك الحياة كانت مرادفة للعدم، وقد اتخذت هيمنة الذكور أبعادا ساحقة باسم الدين (وباسم السيطرة الجماعية) .

إنها فى قلب هذه الفترة المظلمة للغاية، اختار ياسمينة خضرا وهو الاسم المستعار للكاتب الجزائرى محمد موليها أن يغمر  نفسه  فى روايته الرائعة الأكثر مبيعا The Swallows of Kabul (نشرت فى عام 2002) عن الحياة الخاضعة لسيطرة طالبان فى العاصمة الأفغانية، وأبرز العمل فعلا إنسانيا خطيرا فى وقت قاتم وعنيف من خلال قصص اثنين من الأزواج اللذين يتشابك مصيرهما من خلال الموت والسجن والتضحيات الذاتية الرائعة، فنحن أمام ثنائيين مختلفين. الجانب المحافظ ــ "عتيق" الذى يجسده سيمون ابكاريان  وزوجته "مسرات " وتجسدها هيام عباس، متزوجان منذ 20 عاما ومحافظان على تقاليد الحياة الأفغانية، يعمل عتيق كحارس فى سجن للنساء بينما مسرات مريضة وتحاول جاهدة بأن تبقى قوية حتى النهاية. الجانب الحديث ــ (الشباب والحب) زونيرة ومحسن يقفان ضد كل التقاليد الموجودة فى ظل حكم طالبان، فقد الاثنان وظائفهما كمحامية ومعلم فى الجامعة ويعانيان من صعوبة فى تلبية حاجياتهما اضطرتهما إلى بيع ممتلكاتهما من أجل لقمة العيش، إلا أنهما عازمان على الحفاظ على قيمهما الحديثة،  ذات يوم.. رجم، إهانة، ثم قتال… تأخذ الحياة منعطفا بسبب غلطة محسن لتتاشبك فيه حياة هؤلاء الأزواج المتعارضة تماما، وهو السرد الدى يوفر الحبكة الأساسية للفيلم، وإن كان تكثيفه فى 81 دقيقة غير كاف للسياق الدرامى للشخصيات وأحداثها المفعمة، وان كان قد نجح فى طرح سياقه بشكل كبير وشاعرى.

وأجمل ما فى الفيلم، هو التمسك بالامل ومحاولة التصدى لارهاب تلك الجماعة التى تحاول السيطرة حتى على أحلام الناس، حيث نجد الزوجة العاشقة لزوجها تلقى فى السجن بعد موت زوجها، وتقوم زوجة الحارث التى تقطن بزنزانة مجاورة بارتداء ملابسها بدلا منها عندما تعرف بأن طالبان يريد قتلها، ويتم بالفعل قتل زوجة الحارس العجوز، وتنقذ الاخرى، وتصبح التضحية هى الثمن الذى يتم دفعه من أجل الحب، وعندما يكتشف الامر، يقوم الحارس فى مشهد انسانى رائع بتهريب الشابة ودموع التحدى تملأ عينيه، وتذهب الشابة إلى عالم التاريخ والفن الذى كان زوجها ينوى الرحيل إليه، ويفتح العالم بابه لها.

قيمة الفيلم تكمن فى إرادة تحدى الموت على يدى الظلاميين، وفى تلك الروح والاصرار على البقاء، وكانت الرسوم المتحركة نابضة بحياة شخوصها وكأنها من لحم ودم.

ونجد فيلم "اسامة"  للمخرج صديق برمك والفائز بالكاميرا الذهبية لمهرجان كان السينمائى وهو يستحضر حقبة نظام طالبان ، وتقييد دور المرأة فى الحياة العامة ، حيث يروى رحلة مذهلة لصبية فى سن المراهقة ، 12عاما ،تجبر على التنكر  في زي فتى يدعى اسامة كي لا تعاني ما تعانيه بنات جنسها ومن اجل العثور على عمل لاعالة والدتها وجدتها .

يعرض الفيلم مئات النساء اشبه بظلال متماثلة في البرقع يتظاهرن في شوارع قرية افغانية مكسوة بالغبار وهن يرفعن لافتات كتب عليها «نريد عملا» و«نحن ارامل» و«ليس الامر سياسيا».

انها اخر انتفاضة نسائية للمطالبة بحقوق المرأة، سرعان ما تسحقها حركة طالبان وهي تسيطر  على المنطقة، بخراطيم المياه. فقد احكم نظام الملا عمر هيمنته على البلاد فارضا ضغوطه على شعبها ومحولا الافغانيات الى مجرد اطياف هائمة.

وازاء استحالة الخروج من منزلها، تقرر الفتاة بمساعدة والدتها التنكر في ثياب صبي في محاولة لايجاد عمل واعالة ذويها بعدما حصدت الحرب جميع رجال عائلتها، وبالفعل تجد عملا  لدى احد بائعي اللبن في الحي ويقودنا المخرج عبر هذه الحبكة في رحلة الى فضاءات عالمين مغايرين، عالم الرجال وعالم النساء في هذا البلد.

تقص الفتاة شعرها وترتدي ملابس صبي وتتخذ لنفسها اسم اسامة، لتعيش حياة مزدوجة. فهي خارج منزلها تشارك في الحياة اليومية للفتيان الذين يلتحقون بمدارس قرآنية، قبل ان يكشف امرها، حبث يتم  استدعاءها للالتحاق بصفوف الجندية لدى طالبان ينتهي بها المطاف في احد معسكرات التدريب ، وفي المعسكر تتعرض للمضايقات من بعض الشباب بسبب جسدها الانثوي الهزيل ، واخيرا يكتشف امرها ويتم العفو عنها ولكن القاضى حكم عليها بالزواج ويُعقد قرانها على شيخ مقرب من قائد الحركة .

يقول صديق برمك انه استوحى فيلمه من قصة حقيقية، وان الشعب الافغاني لديه امور كثيرة يقولها لشعوب العالم الاخرى، يمكن للعديد من المخرجين ان يمارسوا فنهم في هذا البلد«.

ويجئ الفيلم الروسي "الخروج من أفغانستان" اخراج بافيا لونجين وتدور أحداثه في عام 1989 مع اقتراب نهاية الحرب السوفييتية الأفغانية، حيث يأسر المجاهدون الأفغان طياراً هو ابن أحد الجنرالات السوفييت، فتكلف القيادة إحدى كتائبها بمهمة أخيرة قبل الانسحاب، وهي إعادة هذا الطيار. 


وهناك بعض الافلام الاخرى مثل الناجي الوحيد  Lone Survivor)تأليف وإخراج بيتر بيرج ، وهو قصة حقيقية لمهمة أمريكية غير ناجحه لاعتقال او اغتيال أحد زعماء طالبان في أفغانستان

ايضا فيلم "شيفرة مصدرية " هو فيلم خيال علمي من إخراج دونكان جونز، تأليف بن ريبلي، وبطولة جيك جيلنهال، ميشيل موناغان،وفيه نرى كولتر ستيفنز (جيك جيلنهال) طيار مروحية لصالح الجيش الاميركي الذي كانت آخر ذكرياته أنه يطير أنحاء أفغانستان، يستيقظ في قطار للركاب ذاهب لشيكاغو. لكنه يكتشف انه جزء من برنامج حكومى تجريبي للعثور على مفجر قطار ركاب فى غضون 8دقائق مستحوذ على هوية رجل آخر.بعد 8 دقائق ثم يتحدث إلى  كوردين التي تقول له أن يجب عليه الذهاب إلى الماضي 

تذكر تلك المشاهد السينمائية يزيد المخاوف من تبدد الحقوق التي اكتسبتها المرأة الافغانية خلال العقدين الماضيين 

وقد تولت النجمة أنجيلينا جولي تقديم  فيلم رسوم متحركة بعنوان "المعيل" إخراج الفيلم الإيرلندية تورا توامي ،يروي قصة الحياة في أفغانستان إبان حكم طالبان هناك عبر قصة بنت أفغانية "برفانا" التي تضطر إلى تقمص شخصية ولد لكي تتمكن من رعاية أفراد أسرتها بعد إلقاء القبض على والدها من قبل حكومة طالبان.

واستوحى الفيلم من رواية الكاتبة "ديبورا آليس" بالعنوان نفسه. 

وصرحت أنجيلينا جولي بأن ملايين الفتيات شأنهن شأن بطلة الرواية يعيشن في ظروف النزاعات الاقليمية ويساعدن عائلاتهن في البقاء على قيد الحياة. وأضافت جولي أنها تركز في فيلمها على الثروة الروحية للأفغان .

وسوف يتذكر التاريخ انه فى  شهر مارس ،1996 اقتحمت سيارة جيب مدججة بالسلاح لطالبان ابواب ارشيف الافلام الوطني بهدف تدمير محتوياته، بناء على دعوات الملا عمر ، وكان هذا الاقتحام هو المرحلة الثانية من مهمة تدمير ما تبقى من تاريخ افغانستان الثقافي، وكان هدفهم حرق الالاف من بكرات الافلام التي علاها الغبار في مستودعات الارشيف.


وكان من المفروض ان تكون زيارة طالبان لحرق الارشيف مفاجئة ولكنّ العاملين فيه اخذوا حذرهم ، ومن بين الافلام التي تم الحفاظ عليها «رابيا بالخي» الذي يروي القصة الحقيقية لاول ملكة افغانية كتبت شعرا صوفيا يتضمن تشبيهات شهوانية وقعت في حب عبد لها ما ادى الى قتلها من قبل شقيق لها.


وشكل فيلم رابيا بالخي نجاحا كبيرا لدى عرضه في عام 1965 وعرض مرات كثيرة في دور السينما والتلفزيون، ولكن في عام 1996 اصبح مثالا لكل شيء كرهته طالبان، ورمزا للتحرر كما انه يجسد طموح النساء الى السياسة.


الفيلم الوثائقي أرض الحرب حاول قراءة الواقع الأفغاني بعد خمس سنوات على سقوط نظام طالبان، من خلال إلقاء الضوء على بعدين أساسيين هما الأمن والتنمية، وطرح تساؤلا هل تريد ان تتحدث عن الحرب؟ لا تفكر إذا في الجنرال ستانلي مكريستال القائد المقال للقوات الامريكية هناك ولا حتى الجنرال ديفيد بتريوس الذي خلفه وما يواجهانه او واجهاه بل فكر في القوات البرية وما تواجهه على الارض.


والفيلم الوثائقي الجديد (رستربو) الذي يقدمه الكاتب الشهير سباستيان جانجر والمراسل العسكري تيم هيذيرنجتون الذي غطى الحرب 


يسجل الفيلم الوثائقي الحائز على الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان صندانس السينمائي عملية نشر فصيلة من القوات الامريكية في منطقة وادي كورنجال الافغانية الخطيرة عامي 2007 و2008 وبدلا من أن يتحدث الفيلم عن الحرب تنقل كاميرات جانجر وهيذيرنجتون ببساطة الجمهور إلى أرض المعركة وأصوات الرصاص المتطاير.


وتحديدا يرى الجمهور الجنود وهم يواجهون ثقافات مختلفة وهم في حالة ملل وإعياء حتى تشهر فجأة حركة طالبان أسلحتها وتنفجر القنابل ويقع الرجال في حالة من الفوضى ويغالب بعضهم البكاء.

قدم الفيلم للمشاهد العديد من الجنود لكن أهمهم المجند رستربو الذي كان يعمل مسعفا وكرم بعد مقتله المفاجيء بإطلاق اسمه على موقع عسكري عند مشارف منطقة الحرب.


وقال صانعو الفيلم إنهم أرادوا الابتعاد عن سياسة الحرب ، أرادوا نقل المشاهدين بعيدا عن التقارير الاخبارية للصراع المسلح وتعريفهم بالجنود وهم يتعاملون مع بعضهم البعض ومع المدنيين الافغان.


لقد انتجت بوليوود هذه فيلم  (هروب من الطالبان) الذي يتناول معاملة نظام الحكم المتشدد في افغانستان للنساء.ويقول مخرج الفيلم اوجال تشاتوباديايا: «لا أنفي ان حوادث 11 سبتمبروجهت انظار العالم نحو الطالبان ولكنني كنت افكر في هذا المشروع قبل وقت طويل وقد انجزته قبل الهجمات الارهابية في نيويورك وواشنطن».


وتلعب مانيشا (32 عاما) دور امرأة هندوسية تتزوج صيرفيا افغانيا مسلما على رغم معارضة عائلتها، وهي تعيش في افغانستان وتدير صيدلية يدمرها نظام حكم الطالبان.

وتضيف بانداباديا التي تعيش الآن في كالكاتا مع زوجها الافغاني انها تعرضت للضرب المبرح والاهانة من دون رحمة، وان نساء افغانستان بينهن الزوجة الاولى لزوجها التي لاتزال تعيش في افغانستان ساعدن على حمايتها من الطالبان.

ومعروف ان حكومة الطالبان منعت النساء من ممارسة أي عمل أو الذهاب الى المدرسة وأرغمتهن على ارتداء البرقع الطويل.

ويستوحي فيلم "Strong 12 " أحداثه استناداً إلى كتاب "Horse soliders- جنود الحصان"، أحد أكثر الكتب مبيعاً للكاتب والمؤلف دوج ستانتون، ويروي قصة حقيقية لاحدى فرق القوات الخاصة الأمريكية التي تم إرسالها إلى أفغانستان مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر، للقيام بمهمتهم في محاربة طالبان التي كانت تسعى لفرض سيطرتها ونفوذها وبناء قاعدة عسكرية لها في مدينة مزار الشريف.

ولم يتمكن الاثني عشر رجل في الفيلم من القيام بذلك الدور، دون الحصول على المساعدة والتدريب من التحالف الشمالي، الذي يعرف المنطقة  بشكل أفضل من الجنود الأمريكيين بما في ذلك الجنرال دوستم المثير للجدل (الذي يلعب دوره نافيد نيغاهبان)، وهو سياسي أفغاني وأمير الحرب السابق الذي يشغل منصب نائب الرئيس الأفغاني.

وأشار الممثل الأمريكي هيمسورث إلى أن التحدي الأكبر الذي واجهناه خلال الفيلم يتمثل في العلاقة التي حققها هؤلاء الرجال الأمريكان مع الجنرال دوستم، وهو أمير الحرب الذي كانوا يقاتلون معه، مما جعله يثق بهم ويستفيد من الخلافات الدموية التي دامت قرون بين هذه القبائل ويقنعهم بأنهم جميعا يقاتلون نفس العدو.


يندرج فيلم Strong 12 إلى نوعية الحروب التاريخية وأفلام الدراما والحركة، إلا أنه ليس مجرد فيلم تاريخياً فحسب، إذ حاول المنتجين القائمين على العمل بذل جهوداً إضافية، لرسم صورة أكثر تعقيداً للمنطقة من تلك التي تحاول أن تصورها وسائل الإعلام الغربية.


وقال هيسمورث الذي يجسد دور الشخصية الرئيسة في الفيلم "إظهار الصورة التي يرى بها الغرب وبخاصة أمريكا الأفغان، هو أحد أهم الأسباب الرئيسية لتصوير ذلك الفيلم".

فالرسالة وراء العمل كانت بمثابة نهج دبلوماسي في إطار فني، لنرصد من خلاله طبيعة العمل والتعاون بين القوات الأمريكية مع السكان الأفغانيين ونشر فكرة أننا "نكافح عدواً مشتركاً وأن جماعة طالبان والقاعدة هم من كانوا يحاولون شن الحروب".

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة