الملك فاروق يصلى وبجواره شيخ الأزهر مصطفى المراغى
الملك فاروق يصلى وبجواره شيخ الأزهر مصطفى المراغى


«ليس فى ديننا الركوع لغير الله».. رفض المراغي الانحناء لملك بريطانيا

عاطف النمر

الأربعاء، 25 أغسطس 2021 - 05:43 م

فى 21 نوفمبر من عام 1911 رست فى ميناء بورسعيد السفينة التى تقل الملك جورج الخامس ملك الامبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس الذى كان فى طريقه لحضور مراسم تتويجه الامبراطورى فى الهند المقرر له 12 ديسمبر1911، يومها صعد على السفينة خديوى مصر عباس حلمى الثانى للترحيب بعاهل الامبراطورية البريطانية والملكة « مارى » ملكة بريطانيا ، وكان الأمير أدولفوس دوق تيرو شقيق الملكة مارى مرافقا للملك وشقيقته الملكة.

وصعد على ظهر السفينة اللورد كتشنر المندوب السامى البريطانى ، والبرنس محمد ضياء الدين رشاد ولى عهد العرش العثمانى ، الأمير حسين كامل عم الخديوى عباس حلمى الثانى ، الجنرال السير فرانسيس ريجنالد وينغيت الحاكم العسكرى للسودان ، محمد كميل باشا القبرصى الصدر الأعظم للسلطان العثمانى عبد الحميد الثانى ، واستكملت السفينة رحلتها حتى وصلت إلى الميناء السودانى « سواكن » الذى يطل على البحر الأحمر.

وكانت الأوامر البريطانية قد صدرت إلى الأعيان و كبار الموظفين فى السودان بالسفر إلى هذا الميناء ليكونوا فى استقبال سفينة الملك جورج الخامس التى ستتوقف لبعض الوقت.

ويقضى بروتوكول الاستقبال عدم صعود أحد من المدعوين إلى السفينة غير الجنرال السير فرانسيس ريجنالد وينغيت الحاكم العسكرى للسودان ، أمّا بالنسبة للآخرين فكان عليهم أن يمكُثوا بمُحاذاة السفينة و يكفيهم شرفاً إطلالة الملك عليهم ، وكان فى مُقدمة المدعوين قاضى السودان الشيخ محمد مصطفى المراغى الذى تم إبلاغه بتلك الترتيبات فأخبر الحاكم الإنجليزى للسودان بأنه لن يحضر استقبال الملك جورج إلا إذا صعد مثله إلى السفينة ، وأرغم الإنجليز على تغيير بروتوكول الاستقبال وصعد الشيخ المراغى إلى السفينة وكان ضمن بروتوكول مُصافحة الملك جورج الانحناء له أثناء المُصافحة ، إلا أن الشيخ المراغى صافح الملك منتصباً دون أن ينحنى له كما طلب منه ، وأستنكر ذلك القادة الإنجليز والمُراسلين الأجانب قائلين له : «كان ينبغى أن تنحنى للملك كما ينحنى كل من يُصافحه» ، فرد عليهم الشيخ قائلاً : « ليس فى ديننا الركوع لغير الله».

تولى الشيخ مصطفى المراغى منصب شيخ الأزهرعام 1923 ، واستقال عام 1929 ثم تولى المشيخة مرة أخرى عام 1935 حتى وفاته فى 22 أغسطس 1945، وكان لفضيلته مواقف تاريخية مشرفة تؤكد أنه عالم ربانى لا يخاف فى الله لومة لائم ، فقد رفض فكرة اشتراك مصر فى الحرب العالمية الثانية سواء بالتحالف أو التعاون مع الإنجليز، أو التعاون مع الألمان للتخلص من الاحتلال البريطانى ، وأعلن موقفه صراحة بقوله: «إن مصر لا ناقة لها ولا جمل فى هذه الحرب ، وإن المعسكرين المتحاربين لا يمتان لمصر بأى صلة»، وأحدث تصريحه ضجة كبيرة هزت الحكومة المصرية وأقلقت الحكومة الإنجليزية التى طلبت إصدار بيان حول موقف الإمام باعتباره شيخ الأزهر من هذه الحرب ومن الحكومة الإنجليزية ، فقام رئيس الوزراء حسين سرى باشا بالاتصال بالشيخ المراغى، وخاطبه بلهجة حادة طالباً منه أن يحيطه علماً بأى شيئا يريد أن يقوله حتى لا يتسبب فى إحراج الحكومة ، فرد عليه الإمام بعزة المؤمن الذى لا يخاف إلا الله قائلاً : «أمثلك يهدد شيخ الأزهر؟ وشيخ الأزهر أقوى بمركزه ونفوذه بين المسلمين من رئيس الحكومة ، ولو شئت لارتقيت منبر مسجد الحسين ، وأثرت عليك الرأى العام، ولو فعلت ذلك لوجدت نفسك على الفور بين عامة الشعب» . 


من « عالم المعرفة »

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة