د. عبد الحليم منصور
د. عبد الحليم منصور


فقه الدولة وفقه الجماعة

الأخبار

الخميس، 26 أغسطس 2021 - 05:11 م

من الإشكالات التى حدثت فى مصر إبان حكم الإخوان عدم الإدراك الكامل لما تحمله كلمة فقه الدولة، وافتقارهم لهذا المعنى أوقعهم فى كوارث عديدة، لأن من هذا حاله ينظر إلى الدولة على أنها قطاع خاص يملكه، فمثلا كانت جل المناصب فى ذلك الوقت قاصرة على الإخوان وأذنابهم، وفضلا عن ذلك عدم الاعتراف بالآخر، أو برأيه، إذ إنهم لا يؤمنون بالتعددية الفكرية والدينية فى المجتمع الواحد، وهذا من شأنه أن يحدث انفصام فى الجبهة الداخلية للمواطنين، وتمييزا بينهم، لأن منهجيتهم قائمة على التبعية المطلقة، وليست التعددية التى هى استراتيجية الدولة.


يتجلى ذلك أيضا من خلال تطويع الدين لدعم فكر الجماعة، فمثلا نجد الفتاوى التى تخرج من بعض شيوخهم تحض على قتل رجال الجيش والشرطة ومن يعارضهم فضلا عن تكفيرهم، ، لأن هذا ضد فكر الجماعة، فيستبيحون لأنفسهم قتل المخالف لهم فى الرأى، أو التوجه.


من الإشكالات المهمة أيضا أن المنتمين لهذه الجماعات والتيارات يؤمنون بأدبيات هذه الجماعات دون غيرها، ولو تعارضت مبادئ الجماعة مع مبادئ الدولة يقدمون أفكارهم ومبادئهم على مبادئ الدولة. حتى الشيوخ المنتمون لهذا الفكر نجدهم إبان هذه الفترة أكثر عنفا، ودموية، واستطالة، واستعلاء على غيرهم، وتخرج الفتاوى التى تدعم العنف، والقتل، والتخريب كل هذا بهدف تحقيق أهداف الجماعة حتى ولو تعارضت مع فقه الدولة، ومصالحها.


لكن فكرة الدولة أعمق من هذا بكثير لأنها تقوم على تحقيق مصالح جميع المواطنين، وليس بعض الفئات، الدولة تقوم على التعددية وقبول الآخر والتعايش معه فى ألق من المواطنة القائمة على المساواة فى الحقوق والواجبات، فى ضوء القوانين الحاكمة والمنظمة لسلوك الأفراد فى المجتمع، والتى تحقق مصلحة الوطن والمواطنين، متناغمة فى ذلك مع ما تقضى به الأديان السماوية ومنها الدين الإسلامى الحنيف.


د. عبد الحليم منصور
أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة