رجائى عطية
رجائى عطية


مدارات

ويل للعظماء من الأوغاد

رجائي عطية

الجمعة، 27 أغسطس 2021 - 07:28 م

 

تربص الأوغاد بالعظماء، ظاهرة قديمة ممتدة من الماضى إلى الحاضر .. رأينا ذلك فى كثير من حوادث الاغتيال، ورأيناه أيضاً فى المعاكسات والمناكفات والمضايقات، وفى الرغبة المحمومة لإيذاء العظماء والناجحين، وفى التهجم والنكاية والكيد وإطلاق القذائف الباطلة والشائعات الكاذبة .. والاغتيال المعنوى بأساليبه العديدة والمتدنية إلى جوار الاغتيال المادى الذى لا يتورع عن القتل وإزهاق الأرواح !
فالذى اغتال الفاروق عمر بن الخطاب، هو أبو لؤلؤة المجوسى .. وكان مجوسيا لا دين له ومن الحثالة الأوغاد .. والذى اغتال الإمام علىّ بن أبى طالب واحدٌ من الخوارج يدعى عبد الرحمن بن ملجم، وكان وغدًا معلول العقل ملبوس التفكير، وقد ذهب إلى مذبلة التاريخ بعد أن اغتال خليفة من أعظم نجباء الصحابة الأخيار، والذى اغتال غاندى حمامة السلام متطرف شارد، إغتاله غدرًا بخسه وهو يمد يده للسلام عليه ، وكذلك كثير من حوادث الاغتيال .. ودراسة سير حياة الزعماء والساسة والأدباء والمفكرين والفنانين، حافلة بكثير من قصص تربص الأوغاد بهم، والتطاول عليهم، والكيد لهم، والنكال بهم ..
قد يكون الحسد باباً لتحرش الصغار بالكبار، والفاشلين بالناجحين ! .. بيد أن الحسد لا ينشأ إلاّ من خلال علاقة أو صلة تحرك الشعور بالنقص وتدفع الناقص الفاشل الموتور، إلى إجراء المقارنة وحسد الناجح الذى يحسده على نجاحٍ لم ينله هو .. لذلك فالحاسد لا يحسد غريبا عنه، لأن هذه الغُربة لا تستحضر المقارنة .. وإنما تكون المقارنة بين الأقارب والمعارف والزملاء والجيران والأصدقاء .. ونادراً جداً ما يسفر التربص بالقادة والعظماء عن كشف حالة حسد لأنهم بعداء بمكانتهم وعظمتهم عن المقارنة التى تولد الحسد .. إنما قد يكشف هذا التربص عن بغض أو مقت أو رفض، أو عدم توافق أو عداء سياسى، أو اعتراض على أعمال أو قرارات أو سياسات ! وقد يكون حصاد فكر ملبوس !!
معنى هذا أن العظماء معرضون للنكيرين .. لنكير الحاسدين من دوائر معارفهم وأصدقائهم وذوى قرباهم .. حتى قيل فى الأمثال : الأقارب كالعقارب !.. ونكير دوائر المعترضين على سياساتهم أو أفكارهم واتجاهاتهم وسياساتهم وقراراتهم !
 ومن النادر جدا أن يأتى الحسد والغيرة من ناجح، وأندر أن يأتى من صاحب ملكات وإمكانيات .. مرد ذلك أن الحسد مرض حقيقى يصيب نفس الحسود، ويهيمن عليه، قيل عنه فى الحديث إنه كالنار يأكل صاحبه كما تأكل النار الحطب .. وذلك لا يصيب ذوى النجاحات أو الإمكانيات والقدرات أو المؤهلات، وإنما يتمكن من أصحاب العلل النفسية ومركبات النقص وخيبة الحاضر وانعدام الأمل الواعد فى المستقبل .. هنالك تسقط النفس فريسة للمقارنات، لا يرضيها إلاّ أن تنزل بالمحسود إلى دركٍ أقل من دركها، ولا تتطلع لأنها عاجزة إلى الرقى بنفسها لتحقيق ما تنفسه على الناجح وتــغار منه وتحسده عليه !!
مشكلة ولا شك للمحسود أن تأتيه الغيرة والحسد وتداهمه بلواها من أقربائه أو أصدقائه، فالمصاب عند ذاك مصابان .. مصاب الحسد الذى يأكل كالنار ويستخرج كل ما فى نفس الحاسد من شرور وضعة، والمصاب فى القريب الذى أعطى ظهره لآصرة القربى أو فى الصديق الذى خان الصداقة وتنكر لها وحسد صديقه الذى كان على ما أفاءت به عليه ملكاته ومواهبه وقدراته ..
انعدام الملكات والمواهب والقدرات ، والفشل والإخفاق، هو الباب الواسع لمشاعر الغيرة والبغض والحسد .. وقدر على الناجحين وعلى القامات والعظماء، أن ذات هذه الملكات والمواهب والقدرات هى التى تجر عليهم صغائر الصغار، وحقد العاطلين من المواهب، المهمشين على هامش الحياة، الذين لا يجدون لأنفسهم مكانًا أو موضعًا يزاحمون بــه الكبار فيرمونهم بالأحجار !!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة