أفلام بوليوود
أفلام بوليوود


بوليوود .. البطل الخارق والعدالة الناجزة فى قاعة العرض

أخبار النجوم

السبت، 28 أغسطس 2021 - 11:14 ص

أحمد بيومي

في بلد به ٢٢ لغة «رسمية»، من ضمنها الإنجليزية، وعادات ثقافية متنوِّعة بصورة كبيرة، وفى مساحة أرض شاسعة لدرجة إعتداد العالم تسميتها بـ «بشبه الشارة الهندية» كان من الطبيعى أن تحتل السينما الهندية مكانة عالمية حتى أصبحت خلال السنوات الأخيرة تنافس السينما الأمريكية وربما تفوقت عليها فى كثير من الأحيان.

ما يعرفه العالم جيدا هو «بوليوود». أصبحت بوليوود، بأهدافها التجارية الواضحة وأسلوبها، تمثل الهند بالنسبة إلى عامة الجمهور سواء في الهند أو في الأسواق الأخري. وفي صناعة تتزايد عالميتها باستمرار، فإن منتجي ومخرجي ونجوم بوليوود هم من يعرضون صور الهند على ملايين شاشات السينما ليراها الجميع. ظاهريا، تمثل هذه الصور في الأغلب خيالات أو عالما سحريا من القصص والمناظر، حيث كل قصة هي ميلودراما، وتغرق المناظر التي تحتوي على زي «الساري» والأغنيات والرقصات، لكن تحت السطح اللامع، هناك قوى فاعلة تقوم بعمل ثقافي هام. 


شبه القارة الهندية، والتي تعد موطن واحدة من أقدم حضارات الأرض وثاني أكبر تعداد سكاني في العالم بعد الصين، هي أكبر منتج أفلام في العالم؛ فبحلول سبعينيات القرن العشرين، كانت الهند قد تجاوزت كل الدول الأخرى في عدد الأفلام المنتجة؛ حيث كانت تُصدر في المتوسط فيلمين يوميا، أي خمس كل الأفلام المنتجة حول العالم.تحافظ صناعة السينما في الهند على إنتاج سنوي ما بين ٨٠٠ إلى ١٠٠٠ فيلم يغذى قرابة ١٣ ألف دار عرض محلية وأحد عشر مليون مشاهد يوميا.كما تحتفظ الهند كذلك بالرقم القياسي في توزيع الأفلام خارجها، حيث تصدر أفلاما أكثر مما تستورِد، وفي أغلب الأحيان تتجاوز الولايات المتحدة في مناطق مثل شمال أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى، وبحلول عام 2020، كانت الأفلام الهندية قد باعت ما يقرب من 5.5 مليارات تذكرة حول العالم، وهو ما يزيد عن الأفلام الهوليوودية بحوالَي مليار تذكرة، ومع ذلك، فإن الدخل الذي حقَّقته الأخيرة أكبر بكثير من ذلك الذي حقَّقته الأولى.


وفي الوقت الذي كانت فيه صناعة السينما تزدهر في أنحاء شبه القارة في مراكز كبيرة مثل كلكتا ومدراس، حيث كانت كل منهما تنتج الأفلام باللغات واللهجات القومية خاصتها، فإن المركز السينمائي للهند كان مومباي دائمًا (والتي كانت تسمى بومباي قبل عام ١٩٩٥). يعتبر أسلوب مومباي المميز في صناعة السينما التجارية، المعروف باسم بوليوود، مزيجا فريدا من الميلودراما ونجوم الشباك ومواقع التصوير والأزياء الزاهية الألوان والأغنيات والرقصات المفعمة بالطاقة. تعرف الأفلام الصادرة من هذا الجزء من العالم أحيانا باسم «السينما الهندية»؛ لأن معظمها ناطق باللغة الهندية.


إيراد الأفلام الهندية سنة 2010 بلغ نحو 965 مليون دولار، إيراد الأفلام الهندية سنة 2020 تجاوز 2 مليار و859 مليونا دولار، سعر التذكرة في الهند أقل بثماني مرات عن سعرها في الغرب. لو طبقنا السعر الغربي لتحدثنا عن إيرادات مضاعفة بالعدد نفسه.
بين التاريخين هناك سنة واحدة فقط لم تستطع فيها السينما الهندية تجاوز الرقم المعلن للسنة الماضية. ففي سنة 2013 بلغت إيراداتها 101 مليار و700 ألف روبية. في العام التالي بلغت 101 مليار و200 ألف روبية. باقي الأعوام هو مثل صعود سلم مريح. كل عام يتجاوزسابقه ويتجاوز ما كان حققه في اضطراد مستمر. ليس غريبا إذن، أن القيمة المادية لصناعة السينما الهندية تتجاوز حاليا20 مليار دولار، وأن عدد التذاكر المباعة سنويا في الهند يتجاوز ملياري تذكرة.


إذا ما عدنا بالذاكرة إلى أفلام مطلع هذا القرن، سنجد الكثير من الأفلام المشهورة تتحدث عن البطل الآتي من قعر الحياة، إلا أن الوضع اختلف الآن، وبات البطل قادما من فوقها، مليونير بالوراثة أو بالمهنة. في السابق كان البطل يصارع قوى الثراء الاجتماعي، في أفلام اليوم يصارع البطل قوى المجتمع وغالب أشراره من الناس غير المثقفين وغير الأثرياء وغير المحظوظين إلا ببعض المهارات القتالية.


هذا المزيج ليس غريباً منذ ولادة السينما الهندية، وحتى المستوى المعيشي المرتفع للبطل ظهر في مئات الأفلام كركيزة أساسية في السنوات الغابرة، لكنه لم يشكل القاسم المشترك بين الكثير من الأفلام في فترة زمنية متقاربة كما هو الحال الآن.
هذا المزيج من الموسيقى والقتال والغرام والانتقام والمواقف الكوميدية لا يتغير بصرف النظر عمن يقود البطولة. وهذه البطولة في معظم الأفلام ذات الإيرادات المرتفعة خلال السنوات القليلة الماضية توزعت بين ثلاثة ممثلين من عائلة واحدة: شاخ روح خان بطل «سنة جديدة سعيدة» وأمير خان، عزز نجوميته في السنوات الأربع الأخيرة بأفلام أكشن آخرها «بلطجية هندوستان» الذي يشبه أفلام «قراصنة الكاريبي» الأميركية، وسلمان خان بطل سلسلة Race 3 .


لكن هذا المزيج نفسه ما عاد نتاجا عضويا من نباتات المواضيع المحلية، المطروح بازدياد عاما بعد عام، هو تطبيق حكايات ومناهج هوليوود في استئثار النجاح.


من ناحية هي الحكايات المتشابهة : رجل متهم سيثبت براءته أو قاتل محترف سيواجه أعداءه أو جاسوس خارق المواصفات سينقلب على مؤسسته، وهكذا.  أما من ناحية المنهج فهو منقول بالبصمات التقنية ذاتها كتابة وإخراجا وتصويرا ومونتاجا. المختلف هو عناصر التجميل والجذب الخارجية مع إضافة عنصر الغناء والرقص الذي قلما خلا منه فيلم هندي عبر العصور باستثناء تلك النسبة المحدودة من الأفلام المستقلة والجادة.


الرجل في السينما الهندية الآن، هو شخص كامل المواصفات الجاذبة لمشتري التذاكر، وسيم، قوي، ويستطيعون فعل كل شيء من إجادة مهارات الطبخ إلى تكسير الجماجم وإصابة الأهداف البعيدة بمسدسات تشبه المدافع الصغيرة، تعليب هذه المغامرات في بوليوود هو ذاته مستنسخا عما حققته هوليوود.


في الفيلم الهندي «حرب» نفس المشهد الذي رأيناه في سلسلة جيمس بوند. امرأة حديدية تجلس وراء المكتب في وكالة الاستخبارات الهندية وتتجهم وتعطي الأوامر على نحو صارم وحتمي.فى الفيلم ذاته، يحاول البطل الأول مناوأة أعداد مختلفة من الأعداء، هم أفغان إرهابيون وقتلة محترفون وعملاء للجهاز الاستخباراتي الذي يعمل له، خليط مما نراه في أكثر من فيلم أميركي، لكنه سيضطر للتعاون مع بطل ثان كان موضوعا على قائمة أعدائه الكبار.


«سنة جديدة سعيدة» الذي قدمه فرح خان، بدوره مشتق من سلسلة «أوشن» وكحال الأفلام الأخرى هناك سيل من فنون التوضيب والتعليب المستوردة أفكاره من هوليوود. أحيانا ما تسبر بعض الأفلام حبكات سياسية «كالعلاقة مع باكستان» أو اجتماعية «كالأوضاع المعيشية» إنما من دون نقد أو أبعاد أخرى.


الظاهرة الأخرى في السينما الهندية هذه الأيام هي إنتاج أفلام ينجز فيها أبطالها أدوارهم في محاربة الإرهابيين» فيلم «حرب» (2019) هو أحدها لكن هناك «تايغز زيندا هاي» لعلي عباس زفار (2017) وهو يتحدى المعقول ليسرد حكاية عصابة إرهابية عراقية تختطف ممرضين وممرضات من باكستان والهند،وعلى البطل «سلمان خان» المسمى بـ«النمر»، أن يخوض «مع الممثلة كاترينا كيف» حربا ضارية ضد هؤلاء الإرهابيين وسينتصر بالطبع.

السينما الهندية الكلاسيكية

كما هو الحال فلا أغلب بلاد الشرق، كان الغرب يصدر الأفلام إلى الهند منذ وقت مبكر جدا؛ فقد عرِضت الأفلام القصيرة الأُولى للأخوين لوميير في بومباي في السابع من يوليو عام ١٨٩٦ في فندق واتسون الفاخر. وسرعان ما عُرض سحر السينما في خيمات ودور عرض مثل مسرح نوفيلتي؛ حيث يمكن لمن ينتمون للطبقتين المتوسطة والدنيا الاستمتاع به تحت سقف واحد. وبحلول عام ١٩١٠، كانت الأفلام تعرض في قاعات السينما وقصور المسرح في كل المدن الكبرى. وعرضت أفلام أول مخرج هندي وطني وهو هيرالال سين في كلكتا. لكن المؤسس الحقيقي للسينما الهندية كان دونديراج جوفيند فالك، وهو ابن باحث في اللغة السنسكريتية. يقال إنه بينما كان يشاهد فيلما اسمه «حياة المسيح»١٩١٠، تساءل ماذا لو استبدل بالمسيح الإله الهندي الشهير، كريشنا. باع بوليصة التأمين على الحياة الخاصة به وسافر إلى لندن وعاد بكاميرا ليَصنع أول فيلم روائي هندي طويل وهو «الملك هاريشتشاندرا» ١٩١٣. حذا آخرون حذوه في العشرينيات من القرن العشرين منتجين أفلام أساطير وتاريخ وحركة. خلق ظهور الأفلام الناطقة في الثلاثينيات مشكلةً لدولة تحوي العديد من اللغات، لكنه كذلك أفسح المجال للأفلام لتحتوي على صوت وموسيقى مما زاد من جاذبيتها لدى الطبقات الوسطى. شهدت هذه الحقبة ظهور أستديوهات كبيرة مثل «برابهات» الذي تأسس عام ١٩٢٩ و«نيو ثييترز» الذي تأسس عام ١٩٣١ و«بومباي توكيز» الذي تأسس عام ١٩٣٤، والتي ازدهرت معتمدة على نظام نجم الشباك. وعندما أصبحت الهندية هي اللغة الوطنية، أصبحت بومباي المركز الوطني لصناعة السينما.


شكلت الأربعينيات والخمسينيات ما يسمى بالعصر الذهبي للسينما الهندية؛ حيث قدم بعض من أفضل مُخرجي البلاد أفضل أعمالهم في تلك الفترة، ومنها محبوب خان وراج كابور وجورو دوت وبيمال روي. قدم فيلم «أمنا الهند» ١٩٥٧، لمحبوب خان الممثلةُ المشهورة نرجس كفلاحة فقيرة تمثل حياتها الصعبة، صراع الأمة الجديدة من أجل الاستقلال ومواكبة العصر. صورها محبوب هي والقرويين بواقعية تجعلنا نتعاطف معها بشدة، لكنه كان كذلك قادرا على صنع أفلام بالأسلوب الهوليوودي الكلاسيكي، ويحكي قصة رجلين يقعان في غرام نفس الوريثة الثرية العصرية (والتي قامت نرجس بدورها كذلك). استعار راج كابور شخصية الصعلوك الصغير لتشارلي تشابلن وحوله إلى بطل هندي حضري في فيلم «المتشرد» ١٩٥١، و«شري ٤٢٠» ١٩٥٥. يقوم راج كابور بدور راجو، البطل الذكر، في كلا الفيلمين أمام نرجس. إن تتابع مشاهد الحلم المفصل في فيلم «المتشرد»بهندسة المعبد المعمارية والسلم اللولبي والتماثيل الهندوسية وتصوير باسبي بيركلي والمزج بين الرقص الكلاسيكي والقلي يمثل البراعة الانتقائية التي استقاها كابور من عدة مصادر ليروي القصة. ومثل محبوب خان، فإن كابور أظهر مشاعر حقيقية تجاه المضطهدين، رغم أن تصويره للمشردين من ساكني الشوارع في فيلم «شري ٤٢٠» كمجتمع مترابط كان مليئا أكثر بالحيوية والتفاؤل. أما أفلام جورو دوت فهي بعيدة عن ريتويك جاتاك الذي وُلد في شرق البنغال، فعانى بشدة عندما فرق الانفصال السياسي للهند عن باكستان بينه وبين وطنه، ومثَّل الألم الشخصي الخاص بهذا الانفصال القوة الدافعة وراء أعماله. كانت أفلامه السياسية المتطرفة رائعة، لكنها متفاوتة في الأغلب، حيث كان ينجز لحظات من القوة العاتية من خلال أساليب سينمائية غريبة. كان جاتاك دائما ما يسعى للعثور على طرق جديدة لعرض الحياة الداخلية لشخصياته، بينما تعاني تلك الشخصيات من انهيار العائلة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة