كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الزعماء وتصفية الحسابات

كرم جبر

الإثنين، 30 أغسطس 2021 - 06:00 م

لم يكن جمال عبد الناصر يريد دخول حرب غير مستعد لها، وهو الذى نبه عدة مرات بموعد حرب يونيو سنة 1967، وحذر من الاسترخاء والبلهنية، وطلب اليقظة والحذر وتوقع العدوان.

وحدثت النكسة، ولكنه فى شهور قليلة أعاد الروح إلى القوات المسلحة، ووقف الشعب وراءه صفاً واحداً فى انتظار يوم تحرير الأرض، وكانت حرب الاستنزاف رداً بالنيران على من هللوا وكبروا للنكسة وتمنوا عدم إزالة آثارها.

الشعب هو الذى خرج بالملايين يومى 9 و10 يونيو ليقول لعبد الناصر «ابق فأنت حبيب الشعب» ونحن وراءك ولا تستسلم، وكان الزعيم قوياً وصامداً، وأعاد بناء القوات المسلحة فى زمن قياسي، وكان ينزف دماً وهو يرى أقدام الإسرائيليين تطأ أرض سيناء المقدسة.

عبد الناصر أراد أن يبنى مصر ونفذ خططاً اقتصادية خمسية، أعادت العدالة الاجتماعية، وفتحت أبواب المدارس والجامعات لملايين الطلاب من أبناء العمال والفلاحين، ليكونوا شركاء فى خيرات بلدهم، وأصبحت المناصب الكبرى من نصيبهم.
كان طبيعياً أن يحتشد أهل السوء والمضارون لتشويه صورة عبد الناصر وسمعته، ووظفوا أقلامهم ومقالاتهم والأفلام السينمائية، لخلق الكراهية فى نفوس الأجيال الشابة التى أحبت عبد الناصر.

عبد الناصر زعيم مصرى ورمز للكرامة والكبرياء وموقظ الشعور الوطني، وعلمّ أجيالاً متتالية معنى أن «ترفع رأسها» بعد انتهاء عهد العبودية والظلم والفساد.
عبد الناصر له أخطاء، لأنه بشر يخطئ ويصيب، ولا يصح أبداً أن نحكم عليه، ونحن جالسون فى غرفة مكيفة أو بمنهج تصفية الحسابات، دون أن ندرك الظروف التاريخية والواقعية التى أحاطت بمصر وزعيمها.

يمكن أن أفهم أن عبد الناصر هو العدو التاريخى للإخوان، ولكن ما سر عداء «البعض» له، كنت أتمنى أن يكونوا منصفين، خصوصاً وأن عبد الناصر رفع شأن الهوية الوطنية المصرية، وذابت فى بوتقتها كل مظاهر التطرف والعنصرية والتفرقة.
شربنا كأساً مرة اسمها تصفية الحسابات فى سنة حكم الجماعة الإرهابية، عندما تسلحوا بكل أنواع الأكاذيب والافتراءات، ونصبوا شباك الاتهامات لتطال الأبرياء قبل المتهمين، وعمدوا إلى تشويه كل شيء.

لا نبرئ أحداً ولا نتهم أحداً، ولكن مثل هذه القضايا الشائكة يجب أن تخضع للجان توثيق عادلة، لتقول الحقائق أمام الناس والتاريخ، لتفادى الأخطاء والاستفادة من الدروس والتجارب الناجحة، فهم ملك لمصر وللمصريين قبل أن تكون لرئيس أو زعيم.

شاهدنا أفلاماً مثل: «البرئ» و«احنا بتوع الأتوبيس» و«طائر الليل الحزين» وكلها تخلق جبالاً من الكراهية ضد عبد الناصر، على مقولات التعذيب والسجون والمعتقلات.. وكان شيئاً سيئاً أن يوظف الفن فى غير مقاصده ومراميه.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة