الجاسوسة الإسرائيلية يائيل مان
الجاسوسة الإسرائيلية يائيل مان


«يائيل مان».. أخطر جاسوسة إسرائيلية مهدت لعملية اغتيال ببيروت

محمد رمضان

الإثنين، 30 أغسطس 2021 - 06:13 م

 

بين الأنوثة الطاغية والجرأة غير المحدودة، اتخذت «يائيل مان» لنفسها موقعًا مميزًا بين جدران الموساد الإسرائيلية كـ«جاسوسة» وقفت خلف سلسلة من الاغتيالات ضد قيادات فلسطينية على الأراضي اللبنانية.. فما قصتها؟

 

في سبعينيات القرن الماضي، كانت الشابة الجذابة «يائيل» - والتي تحدثت تقارير إعلامية عن وفاتها السبت الماضي – قد ارتمت في أحضان الموساد لتصبح واحدة من أجرأ عملائه، وعلى مدار الـ15 عاما الماضية حافظت على سرية حياتها خوفا من استهدافها إذ لعبت دورًا كبيرا في اغتيال شخصيات فلسطينية كبيرة بلبنان عام 1973.

 

الجاسوسة الإسرائيلية (85 عاما عند وفاتها)، مولودة في كندا عام 1936، قبل هجرتها كمستوطنة إلى الأراضي المحتلة في عام 1968، ليتم تجنيدها من قبل الموساد في عام 1971، مستفيدة من ملامحها العربية.

حين دخلت يائيل الأراضي اللبناني قدمت نفسها كـ««كاتبة قصص وسيناريوهات أفلام جاءت لإعداد فيلم وثائقي لشركة إنتاج بريطانية حول قصة امرأة تعيش في سوريا ولبنان».

 

أما على الأرض فقد جرى تكليفها بالتحضير لعملية أطلق عليها «ينبوع الشباب»، والتي نفذتها قوة إسرائيلية خاصة قادها رئيس حكومة الاحتلال فيما بعد إيهود باراك، وخلالها سقط ثلاثة من حركة فتح الفلسطينية شهداء، وهم: «كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبو يوسف النجار» في بيروت.


 
لم تكتف هذه الجاسوسة بنشاطها الخفي على الأراضي اللبنانية؛ بل تمكنت من تجنيد عملاء ساعدوها في جمع المعلومات عن الشخصيات الثلاثة دون أن يكتشفوا أنها يهودية وجاسوسة في الموساد.

 

اقرأ أيضًا| كباريه في ألمانيا.. بداية سقوط جاسوس مصري جندته إسرائيل

 

وبدأت «يائيل» نشاطها باختيار مكان إقامة قريب من موقع القادة الفلسطينيين الثلاثة؛ إذ تنقلت بحرية مطلقة في المنطقة والتقطت كميات كبيرة من الصور، قبل إرسالها إلى الموساد، ومن بينها صور تركز على المنطقة التي يسكنها المستهدفون وأخرى للحارس الشخصي للمستهدفين، وفي سبيل ذلك جهزت سيارات لنقل عناصر العملية.

 

ففي 10 أبريل 1973، استطاعت وحدة خاصة تابعة للموساد متنكرة في أزياء نسائية بقيادة إيهود باراك دخول بيروت عبر البحر، ونفذت العملية؛ حيث فجرت الوحدة مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقتل اثنان من الجنود الإسرائيليين.

أما القادة الفلسطينيون الثلاثة فقد كانوا من بين الفداء الذين نفذوا عملية قتل 11 رياضيا إسرائيليا في أولمبياد ميونيخ على الأراضي الألمانية، وهي إحدى الضربات التي سجلتها المقاومة الفلسطينية وهزت إسرائيل.

 

تنفيذ العملية 

 

صحيح أن «يائيل» نالت شهرة واسعة لكن هذا الاسم ظل السري لها؛ حيث تعمد الموساد هويتها الحقيقية، لكنها قبل سنوات من رحيلها تحدثت في مقابلة مع صحيفة عبرية عن يوم العملية فتقول: «تجولت في وسط بيروت قليلاً.. كنت في مزاج جيد.. كنت سعيدًا جدًا لمقابلة شخص ما من المكتب قال إنه سيقابلني مرة أخرى في غضون يومين وهذا كان مضللًا».

 

يعني ذلك أن الجاسوسة الإسرائيلية قدمت معلومات تعد الأخطر في وقتها عن قيادات حركة فتح لكنها لم تكن تعلم – حسب كلامها – شيئا عن التنفيذ، وهنا تقول: «في نفس اليوم كنت هادئة تمامًا.. وصلت إلى الشقة حوالي الساعة 9 مساءً.. تحققت كما كنت أفعل دائمًا، إذا كان أي شخص قد دخل أثناء غيابي، ثم ذهبت إلى النافذة لمعرفة ما إذا كانت (الأهداف الثلاثة) لا يزالون في شققهم».


وروت: «عاش محمد نجار وكمال عدوان في شقتين في الطابق السادس مقابل لي، بينما كان كمال ناصر يسكن في المبنى المجاور لمبنيهما في الطابق الثالث.. كانت الأضواء مضاءة في الشقق الثلاث.. سمعت أصوات سيارات – القوة الإسرائيلية -  وهي تأتي وتذهب. كنت مقتنعة بأن المعلومات التي قدمتها في الساعة 7 مساءً لا تزال محدثة، وذهبت إلى النوم».

 

لكن فجأة سمعت يائيل طلقات نارية، إذ تذكرت في روايتها: «زحفت على الأرض ونظرت إلى الخارج لأرى ما يحدث.. كانت ثلاث سيارات كبيرة متوقفة في الشارع.. ارتفعت أصوات الطلقات وصدر صراخ، وأضيئت الأنوار في الشقق الثلاث.. حدث كل شيء بسرعة وفجأة سمعت.. تعال إلى هنا تعال إلى هنا باللغة العبرية».

 

وحكت كذلك: «عندما سمعت اللغة العبرية في قلب بيروت، علمت أنها كانت العملية جارية، وربطت ما كان يحدث بالمعلومات التي قدمتها إلى الموساد قبل ساعات قليلة.. بعد كل شيء لم أكن بهذه السذاجة.. أتذكر أنني قلت لنفسي: أنا أقوم بعملي فقط. لقد فعلت ما طلبوا مني القيام به ، هذا كل شيء».

 

ليلة مرعبة

 

رغم قناعتها بالخدمة التي قدمتها للاحتلال الإسرائيلي، إلا أن «يائيل» عاشت ليلة مرعبة خوفا من قوة الموساد التي نفذت العملية؛ حيث قالت: «كنت أخشى أن يطلقوا النار علي بالخطأ، لأن طريقًا ضيقًا فقط كان يفصل نافذتي عن شققهم».

وأضافت: «لم تعرف القوة الإسرائيلية أنني كنت هناك، فهم يعلمون أن هناك معلومات استخباراتية في الوقت الفعلي لكنهم لم يعرفوا بالضبط من وأين وكيف؟.. بعد ذلك بسنوات عديدة التقيت اللواء متقاعد أميرام ليفين.. والذي اتضح أنه أحد المشاركين في العملية.. حينها كان رائدًا ونائبا لقائد العملية إيهود باراك.. أخبرني أنه كان يبحث عن مكان وجودي.. وكيف كان بإمكانه منع اصطدامهم بالخطأ.. كنت ذلك الشخص، وقفت بجانب النافذة وحدث كل شيء بسرعة كبيرة، ثم ساد صمت مفاجئ لبضع دقائق ، حتى بدأت قوات الشرطة والجيش اللبناني بالوصول إلى مكان الحادث».

 

 وببجاحة تامة، وصفت الجاسوسة الإسرائيلية العملية التي تمت على الأراضي اللبنانية بقولها: «جلست بجانب مكتبي الخاص، الذي كان موجودًا أسفل نافذتي مباشرة، وكتبت إلى جهة الاتصال الخاصة بي في المقر الرئيسي للموساد: أنا ما زلت أرتجف من أحداث الليلة الماضية، استيقظت فجأة في منتصف الليل على صوت الانفجارات، ركضت إلى النافذة ورأيت معركة تدور في الشارع.. كانت مروعة..  عدت إلى النافذة الأخرى.. هؤلاء الإسرائيليون السيئون كانوا هنا حقًا.. لقد كان عرضًا رائعًا الليلة الماضية. أحسنت!»

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة