مؤتمر بغداد
مؤتمر بغداد


«مؤتمر بغداد».. خطوة مهمة لمواجهــــة التـدخلات الأجنبيـة

آخر ساعة

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021 - 10:54 ص

 

أحمد جمال

بث مؤتمر «بغداد للتعاون والشراكة» الذى انعقد فى العاصمة العراقية، السبت الماضي، روح التفاؤل بشأن إمكانية التعاون العربى والدولى لوقف التدخلات الأجنبية فى شئون الدول العربية، واتخاذ الحالة العراقية كنقطة انطلاق قابلة للتطبيق فى عدد من البلدان الأخرى التى تشهد صراعات إقليمية متصاعدة بشأن النفوذ والهيمنة على ثرواتها، وهو أمر أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال كلمته المهمة فى المؤتمر.
 

وتقود مصر منذ سنوات جهوداً حثيثة لإعادة دمج العراق فى المنظومة العربية وكشفت الشراكات السياسية والاقتصادية على المستوى الثنائى أو الثلاثى عبر التحالف (المصرى العراقى الأردني)، عن أن هناك حصونا دفاعية لمنع تقويض رغبة الحكومة الحالية فى الانتقال إلى مرحلة جديدة عبر الآليات الديمقراطية وإجراء الانتخابات وعدم جره إلى الخلف وإغراقه فى الفوضى الأمنية التى تحقق مصالح أطراف معادية للأمن القومى العربي.
عبرت كلمات الرئيس السيسى أيضًا عن أن الرهان سيكون على الشعب العراقى لتجاوز المرحلة الصعبة التى مرت بها بلادهم وأن الغلبة ستكون فى النهاية لما سيقرره الشعب، موجهاً حديثه إليهم، إلى أن «الشعب الذى يملك هذا التاريخ المشرف وهذه الحضارة العريقة يملك بلا شك المستقبل الواعد بفضل أبنائه وسواعدهم، وما يحدوهم من أمل وحافز نحو تحقيق غد أفضل».


 أكد السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، أن المشاركة المصرية فى المؤتمر تحمل دلالات مهمة بأن هناك فاعلية مصرية نحو ترسيخ الأمن والاستقرار فى العراق، سواء كان ذلك عبر العلاقات الثنائية المتطورة بين البلدين والجهود المصرية نحو إعادة الإعمار، أو على مستوى الشراكة الثلاثية مع المملكة الأردنية الهاشمية، بما يؤسس لإعادة زخم العمل العربى المشترك.


وأضاف، أن حديث الرئيس عن التدخلات الخارجية يبرهن على أن هذه التدخلات تهدد تماسك العراق وأمنه القومي، ومن ثم فإنها تشكل تهديداً أكبر للأمن القومى العربي تحديداً، وأن هذه المؤامرات تستهدف عرقلة المسار السياسى الذى يخطوه العراق من خلال إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر لها فى 10 أكتوبر المقبل التى تعوِّل عليها الحكومة لمساعدتها فى فرض سيطرتها على كافة الأراضي، وغلق المنافذ التى تتسلل منها العناصر الإرهابية المصحوبة بأجندات أجنبية.


وأوضح أن تحذير الرئيس من هذه التدخلات أمر مهم وضرورى وجاء فى وقته وسط توقعات بأن تتزايد وتيرة هذه التدخلات كلما اقتربت الانتخابات، ووجه رسالة مهمة بأن هناك محيطا عربيا حاضرا بفاعلية لمساندة العراق، ويؤكد على أن العراق لن يكون فريسة لدول إقليمية تحاول اختطافه لخدمة مصالحها.


وكانت أبرز نتائج إصرار الحكومة العراقية على عقد هذا المؤتمر الذى شاركت فيه 9 دول (مصر وفرنسا والسعودية والإمارات والأردن والكويت وتركيا وإيران وقطر)، إعلان وكالة الأنباء العراقية عشية انطلاقه عودة التيار الصدرى للمشاركة فى الانتخابات، ونقلت عن زعيم التيار مقتدى الصدر حديثه قائلاً: «اقتضت المصلحة أن نخوض الانتخابات».
وأوضح السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن المؤتمر استهدف تحقيق عدة أهداف على رأسها تمهيد الأرضية المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، فى ظل مساعى الحكومة للظهور أمام كافة الفصائل العراقية بأنها تحظى بدعم عربى ودولى واسع من الدول الصديقة، وهذا الهدف بالأساس موجه إلى الداخل.
أما الهدف الثانى بحسب السفير رخا فيتمثل فى التأكيد على أن العراق يحظى بقدر كبير من الاستقرار الأمنى وهناك قدرة على تأمين مثل هذا التجمع الكبير، والأكثر من ذلك تأكيد العراق على إمكانية قيامه بدور الوسيط بين قوى إقليمية عديدة لديها خلافات فيما بينها، وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل العراقى فى المحيط العربى والإقليمي.


وأشار إلى أن الرؤية العراقية بشأن إعادة بناء الدولة وتقوية مؤسساتها تتوافق مع الرؤية المصرية بشأن هذه الأهداف وهو ما يدفع لزيادة حجم التنسيق والتعاون بين البلدين، تحديداً على مستويات أمنية واستخباراتية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وهو أمر لا ينفصل عن التعاون الاقتصادى عبر القيام بدور مصرى فاعل فى إعادة الإعمار ارتكاناً على الخبرات المصرية السابقة فى العراق إلى جانب عدم وجود مصلحة مصرية مع أىٍ من الأطراف المختلفة فى الداخل العراقي.


وأوضح أن الهدف الثالث يرتبط بتقوية وضع العراق فى الحاضنة العربية ومنع محاولات استغلاله ليكون أرضاً للصراع ما بين القوى الإقليمية والدولية، وأن يكون بمثابة نقطة التقاء للمجموعة الإقليمية المتأثرة بها من أجل المصالح المشتركة لتكون حاكمة فى علاقات كافة الدول ببعضها البعض، وهو ما انعكس على حضور وزيرى خارجية تركيا وإيران، فى رسالة أخرى مهمة استهدف رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى توجيهها إلى العالم مفادها أنه يسير فى مسارات سياسية وأمنية مختلفة لتحصين بلاده.
وأكدت اللقاءات الثنائية التى عقدها الزعماء والوزراء المشاركون فى القمة، على أن هناك رغبة قوية فى تجاوز خلافات الماضى والانطلاق نحو آفاق أوسع للتعاون المشترك فى مواجهة جملة من الأزمات الأمنية والاقتصادية التى فرضتها الأحداث الأخيرة فى أفغانستان وما قد يترتب عليها من موجة إرهابية جديدة قد تطال قوى وأطرافا عديدة، إلى جانب الأوضاع الصحية والاقتصادية التى فرضها انتشار فيروس كورونا الذى مازال العالم يعانى ويلاته حتى الآن.


وذهب رخا للتأكيد على أن اللقاء الذى عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، يعد تطوراً مهماً فى مسار العلاقات بين البلدين ويؤكد على أن البلدين لديهما مصالح مشتركة يسعيان للحفاظ عليها.


وأوضحت الدكتورة نهى بكر، الخبيرة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن اللقاء المهم بين الرئيس السيسى والأمير تميم بداية للم الشمل وخطوة إلى الأمام نحو حل مشكلات عربية أكبر ومن المتوقع أن تُعقد مؤتمرات مماثلة للأزمة السورية والليبية واليمنية لمنع مساعى تفكيك هذه الدول وتحجيم رغبة بعض الأطراف للهيمنة عليها، مشيرة إلى أن الحضور التركى والإيرانى يشى بأن هناك إمكانية للتوافق بعيداً عن المشروعات التوسعية بالمنطقة.


وأضافت، أن المؤتمر يأتى فى ظروف إقليمية غير مسبوقة مع سيطرة طالبان على أفغانستان وإعلان تنظيم داعش عن نفسه مجدداً بالتفجير الإرهابى الذى وقع فى العاصمة كابول، وبالتالى فإن هناك مخاوف أمنية لدى العديد من الدول التى حضرت المؤتمر وبدا واضحًا أنها لديها رغبة فى تجاوز الماضى والدخول فى شراكات مستقبلية تجنبها أخطار الإرهاب.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة