صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


في أفغانستان.. كتابة نهاية أطول حرب أمريكية في التاريخ

أ ف ب

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021 - 08:32 م

انتهت أطول حرب أمريكية قبل دقيقة من منتصف ليل 31 أغسطس، الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي جو بايدن لاكتمال عملية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، مع إقلاع طائرة نقل عسكرية من كابول، محملة جنودا وأسلحة وسفير الولايات المتحدة.

ومع مغادرة تلك الطائرة العملاقة من طراز "سي-17"، انتهى الجسر الجوي الذي أجلي عبره أكثر من 120 ألف شخص من أفغانستان عقب استيلاء طالبان على السلطة قبل أسبوعين، بعد 20 عامًا من تدخل الولايات المتحدة وإلاطاحة بالحركة المتشددة

وبذلك، تكون أفغانستان التي رفضت وجود الإمبراطورية البريطانية والاتحاد السوفيتي في الماضي، أنزلت المصير نفسه بالولايات المتحدة، القوة العظمى في العالم الحديث.

وقفزت هذه الحرب التي تابعها الأمريكيون لسنوات طويلة عن بعد، فجأة إلى الواجهة بعد مقتل 13 جنديًا أمريكيًا في هجوم انتحاري تبناه تنظيم داعش-ولاية خراسان.

وبعد قرابة عام ونصف عام دون مقتل أي أمريكي في أفغانستان، ستبقى صورة جو بايدن واضعًا يده على قلبه أمام نعوشهم لدى وصولها إلى القاعدة العسكرية في دوفر الأحد، محفورة في الأذهان.

وكان خمسة جنود من بين الضحايا في العشرين من العمر، أي أنهم كانوا رضعًا عندما نفّذ تنظيم القاعدة المتمركز في أفغانستان والمحمي من طالبان، هجمات 11 سبتمبر 2001، التي أشعلت فتيل الصراع.

ومن المفارقات أن طالبان هي التي ضمنت جزئيًا الأمن لانسحاب الولايات المتحدة بعدما هددها تنظيم داعش-ولاية خراسان.

وقال الجنرال كينيث ماكنزي، مسؤول القيادة المركزية للجيش الأمريكي، أمس الاثنين إن "طالبان كانت براغماتية ومحترفة جدا".

وأفغانستان التي كانت الجبهة الأولى في "الحرب على الإرهاب" بعد 11 سبتمبر، سرعان ما تراجعت إلى المرتبة الثانية من الاهتمام الأمريكي عندما قرر جورج دبليو بوش غزو العراق العام 2003 لإطاحة صدام حسين من السلطة.

وبدلًا من مغادرة هذين البلدين بعد أولى الانتصارات، احتلتهما الولايات المتحدة في محاولة لبناء دولتين ديمقراطيتين على صورتها.

في أفغانستان، أثبتت الحكومة المدعومة من واشنطن أنها فاسدة وغير فعالة، فيما واصل مسلّحو طالبان تمرّدهم.

وكان المدنيون والجيش الأفغاني أكثر من عانى بسبب هذه الإخفاقات مع مقتل عشرات الآلاف في صفوفهم.

لكن الولايات المتحدة دفعت أيضًا ثمنًا باهظًا، مع مقتل 2350 عسكريًا وكلفة مالية إجمالية بلغت 2.3 تريليون دولار وفقا لجامعة براون.

بدأت النهاية في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي تولى منصبه العام 2016 متعهدا إنهاء "الحروب التي لا تنتهي".

لكن ترامب واجه مقاومة من البنتاجون في البداية حتى أنه زاد الانتشار العسكري في أفغانستان إلى 16 ألف جندي، من دون أن يكون لذلك تأثير يذكر على طالبان.

ثم بدأ مفاوضات ثنائية مع المتمردين أسفرت عن اتفاق يقضي بانسحاب الجنود الأميركيين من أفغانستان في الأول من مايو في مقابل موافقة طالبان على التفاوض مع الحكومة في كابول، والتعهد عدم مهاجمة الجنود الأمريكيين في غضون ذلك.

لكن طالبان صعّدت هجومها ضد الجيش الأفغاني، الذي يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة.

وعندما وصل جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير، لم يكن قد تبقى إلا 2500 جندي أمريكي في أفغانستان.

وبعد درس الوضع مليًا، قرر الرئيس الديمقراطي منتصف أبريل المضي قدمًا في عملية الانسحاب، علمًا أن الموعد تأخر أربعة أشهر عن الموعد المقرر سابقًا.

وقال بايدن "ذهبنا إلى أفغانستان بسبب هجوم مروع قبل 20 عاما. هذا لا يفسر سبب بقائنا فيها العام 2021. حان الوقت لإنهاء الحرب التي لا تنتهي".

وانتهت الحرب لكن أسرع مما كان يتوقع المسؤولون الأمريكيون.

فقد خططوا لعملية إجلاء منظمة للمدنيين الراغبين في المغادرة، بهدف تجنب مقارنات بالذكرى المؤلمة لسقوط سايجون والصورة التي خلدت هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام: لاجئون يصعدون على مروحية على سطح أحد المباني.

وقال جو بايدن في الثامن من يوليو "لن تشاهدوا اجلاء الناس من فوق سطح سفارة الولايات المتحدة في أفغانستان".

وبعد خمسة أسابيع، عندما دخلت طالبان كابول من دون مقاومة، هبطت مروحيات من طراز شينوك على أرض السفارة الأميركية لنقل دبلوماسيين أمريكيين إلى بر الأمان.

والحرب التي بدأت في وقت لم تكن فيه الهواتف الذكية ولا وسائل التواصل الاجتماعي موجودة، انتهت بمقطع فيديو انتشر على نطاق واسع للضابط في مشاة البحرية ستيوارت شيلر، الذي طالب بمحاسبة القيادات العسكرية الأمريكية في أفغانستان على إجراءات الانسحاب.

وقال في المقطع "الناس غاضبون لأن رؤساءهم خذلوهم. ولا أحد منهم يرفع يده لتحمل المسؤولية ويقول: لقد أفسدنا كل شيء".

ومنذ ذلك الحين، تم إعفاء ستيوارت شيلر من منصبه.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة