عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

القرن غير الأمريكى!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 02 سبتمبر 2021 - 06:12 م

قبل بضعة عقود قليلة خطط المحافظون الجدد لأن يكون قرننا الحالى هو القرن الأمريكى، أى قرن السيطرة الأمريكية المحكمة على العالم كله والتحكم فيه ومسارات دوله المهمة والأساسية.. واعتمد المحافظون الجدد لتحقيق ذلك على اولا القوات المسلحة الأمريكية، ومن هنا جاء غزو أمريكا لكل من أفغانستان والعراق سواء بدعوى مواجهة الاٍرهاب فى الأولى أو تحقيق الديمقراطية للثانية، ثم اعتمد الأمريكان فى تحقيق حلم القرن الأمريكى على التدخل السياسى فى عدد من الدول كانت أغلبها فى منطقتنا لتغيير النظم السياسية فيها وتمكين جماعات الإسلام السياسى وتتصدرها جماعة الإخوان من الحكم فيها بدعوى أن تلك السياسة ستكون ناجعة فى مواجهة الإرهاب الذى ذاقت أمريكا مرارة طعمه فى مطلع القرن الجديد الذى أراده المحافظون الجدد قرن سيطرتها على العالم. 
لكن جاءت تطورات الأحداث فى سنوات قرننا الجديد بما لا تشتهى سفن المحافظين الجدد فى أمريكا.. فإن تورط القوات المسلحة الامريكية فى غزو بعض البلدان وضع امريكا كلها وليس قواتها فقط فى وضع الاستنزاف المستمر الذى لا يتوقف، وهذا الاستنزاف لم يدفع ثمنه الباهظ الاقتصاد الأمريكى وحده فى وقت كان يتعرض فيه لمنافسة شديدة من الاقتصاد الصينى الذى يلاحقه ويتطلع لأن يسبقه قريبا، وإنما دفعت ثمنه أيضا المكانة العالمية لأمريكا التى عاشت بعض سنوات الازدهار بعد انفراط عقد واختفاء الاتحاد السوفيتى القطب العالمى الثانى الذى ظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.. حيث فقدت هذه المكانة ما أضفى عليها من مهابة دولية، حينما بدا أن أمريكا لا تقدر على فرض إرادتها عالميا كما كان الحال بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتى. 
كما أن إخفاق سياسة تغيير الأنظمة السياسية من الخارج التى تبنتها أمريكا  بعد انتهاء حكم المحافظين الجدد فيها، والذى جسده طرد الإخوان من حكم مصر، جعل الأمريكان مضطرين أن يكونوا اكثر تواضعا فى أحلامهم ومن بينها حلم القرن الأمريكى، فى ظل تراجع قدراتهم على تحقيق هذه الأحلام ليكتفوا بالتفكير فى وقف الاستنزاف الاقتصادى الذى تحملوه بالتورط فى استخدام قواتهم المسلحة فى مغامرات عسكرية مريرة، والسعى لإبطاء خطى الصين التى تحاول اللحاق بأمريكا اقتصاديا لاحتلال موقع الاقتصاد الأول والأكبر فى العالم، وعرقلة محاولات روسيا لتمديد نفوذها فى مناطق جديدة، خاصة فى الشرق الأوسط .. وهكذا اضطر الأمريكان للنزول من على الشجرة التى اعتلوها لسنوات، وسوف يؤرخ  انسحابهم العسكرى من أفغانستان وبالطريقة التى تم بها والتداعيات السريعة له للتخلى عن حلم القرن الأمريكى والتسليم بأنه بات قرنا غير أمريكى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة