الثانوية العامة
الثانوية العامة


«آخرساعة» تفتح الملف الشائك

أين النظام القومى الموحد للثانوية العامة؟

آخر ساعة

السبت، 04 سبتمبر 2021 - 11:38 ص

 

أحمد جمال
 

فتحت نتيجة الثانوية العامة هذا العام المجال أمام تغيير اتجاهات أولياء الأمور والطلاب الذين يبحثون عن منافذ أخرى من الممكن أن يحصلوا من خلالها على شهادة الثانوية بعيداً عن صعوبات التقييم التى شكلت هاجسًا بالنسبة إليهم فى ظل الاعتماد على أساليب جديدة تختلف عن نظام الحفظ والتلقين الذى كان سائداً لسنوات طويلة.
 

انعكست هذه الصعوبات على رغبة الكثيرين فى التعرف على التعليم الأزهرى مثلاً كبديل للتعليم الثانوى العام، فيما تشهد المدارس الدولية إقبالاً متصاعداً عليها للحصول على شهادات الدبلومة الأمريكية أو شهادة الـ«IG»، أو الشهادة الكندية أو الفرنسية أو الألمانية، وسط توقعات بأن يحظى التعليم الفنى باهتمام أكبر من جانب المواطنين مع التوسع فى إنشاء المدارس التكنولوجية التطبيقية.


فى الوقت الذى بدأت وزارة التربية والتعليم التجهيز لتطوير نظام الثانوية العامة تعددت المطالب بأن يكون التطوير شاملاً لكافة الطلاب بما يحقق المساواة المرجوة عند الحصول على فرصة عمل أو مع دخول الجامعة، غير أن التطوير اقتصر فى نهاية الأمر على مدارس التعليم العام المصرية الحكومية والخاصة، بل إن بناء منظومة تعليمية جديدة واجه اعتراضات من جانب أولياء الأمور الذين طالبوا بمساواة طلاب المدارس الرسمية اللغات بأقرانهم فى المدارس الخاصة، وهو ما استجابت له الوزارة بعد جدال طويل.


بالنظر إلى تجارب العديد من البلدان العربية كالمملكة العربية السعودية والأردن والمغرب فإنها تتيح الفرصة لطلابها نحو الالتحاق بالمدارس الدولية والحصول على شهادات متعددة إلى جانب الشهادة القومية، وكذلك فإن دولة مثل سويسرا وهى إحدى الدول المتقدمة تعليميًا تتيح أيضًا لطلابها الحصول على الشهادات الدولية الأمريكية والبريطانية شريطة أن يكون ذلك بإذن من الوزارة المسئولة عن التعليم هناك ويكون ذلك وفقًا لشروط محددة وفى أضيق الحدود.


بعكس فنلندا مثلاً التى يعد أبرز نقاط القوة التى تميز تعليمها هو قدرته على ضمان نفس فرص التعليم للجميع، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية، وهناك نوع واحد فقط من المدارس هو المدارس الحكومية، ويدخل جميع الطلاب ما يسمى بـ«المدرسة الشاملة» للحصول على شهادة التعليم الأساسى، ويُكمل نصف التلاميذ ـ حوالى 60% من الفتيات و42% من الفتيان ـ تعليمهم فى المدارس الثانوية العليا. تستغرق الدراسة فى المدارس الثانوية العليا من عامين إلى أربعة أعوام، وتُختتم بامتحان شهادة الثانوية العامة والقبول بالجامعات.
أما النصف الآخر من الطلاب، فيتجهون إلى التعليم الفنيّ. كما لا يكمل حوالى 5% من الطلاب، الذين ينتهون من الدراسة فى المدارس الشاملة، تعليمهم. غير أن الهدف الأساسى يتمثل فى أن يكمل جميع الطلاب تعليمهم بالمدارس الثانوية العليا على الأقل، أى أن يحصلوا على شهادة الثانوية العامة أو التأهيل الفنى الأساسيّ.


تحتل فنلندا مركز الصدارة، أو أحد المراكز الأولى، فى كافة دراسات بيسا (PISA)، والتى تنظمها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD) كل ثلاثة أعوام منذ عام 2000. ويقيس برنامج بيسا (PISA) قدرات الطلاب البالغين 15 عامًا من العمر فى إجادة الرياضيات والعلوم والقراءة. ومن الجدير بالملاحظة أن الفروق بين الحاصلين على أعلى الدرجات والحاصلين على أقلها، من بين الطلاب الفنلنديين، ضئيلة، وأن مستويات القدرات عالية فى جميع أنواع المدارس.


من جانبه، تؤكد الدكتورة نسرين نورالدين، الخبيرة التربوية ونائبة مدير مدرسة بريتش كولومبيا الدولية الكندية، أن الأساس فى غالبية دول العالم وجود شهادة قومية موحدة للدولة وتكون شهادة منتهية بمعنى أنها تؤهل مباشرة لسوق العمل ويكون ذلك لضمان المساواة بين الطلاب، ولا يوجد نظم تعددية كما الوضع حاليًا فى مصر.


وأضافت لـ«آخرساعة»، أن الطلاب وأولياء الأمور فى مصر ينجذبون نحو المسميات العديدة للشهادات، فى الوقت الذى تنقل فيه المدارس الدولية نظم التعليم المقررة فى الدول التابعة لها إلى المدارس التى تفتتحها فى مصر، وتهيئ للطلاب الأجواء التى تجعلهم يشعرون بأنهم سافروا إلى الخارج للحصول على الشهادة كما أنها معتمدة من الجهات الرسمية هناك، وهو ما يجعل هناك إقبالاً عليها من قبل فئات محددة.


وأوضحت أن رهبة الثانوية العامة المصرية غير موجودة فى أى من البلدان المتقدمة تعليميًا، وهو ما يكون دافعا آخر نحو وجود أكثر من نظام تعليمى لجذب الطلاب الهاربين من صعوبات التقييم، ومن المتوقع أن تكون نتيجة الثانوية هذا العام دافعًا نحو مزيد من الإقبال عليها، مشيرة إلى أن عملية بناء نظام تعليمى جديد فى مصر تحظى بإشادات عديدة وقد يؤدى استمرار التطوير ووصوله للمرحلة الثانوية محفزاً نحو إعادة الزخم والاهتمام للشهادة الثانوية الحكومية.


وذهب الدكتور رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم العام الأسبق بوزارة التربية والتعليم، للتأكيد على أن هيمنة التعليم الحكومى على نظم التعليم فى الدول المتقدمة تجعل هناك شهادة قومية واحدة للثانوية العامة دون أن يكون هناك فروع عديدة كما الحال فى مصر، مشيراً إلى أن مصر شهدت خلال الثلاثين عامًا الماضية تعدداً وتنوعاً فى النظم التعليمية وانجذب أولياء الأمور إلى المدارس الدولية قناعة منهم بأنها تتيح التميز لأبنائهم.


وشدد على أن هناك حالة من الإبهار بالتعليم الإنجليزى والألمانى والأمريكى وبالتالى فإنه لا يمكن القول بأن هناك شهادة قومية للثانوية العامة فى مصر بنسبة 100%، لأن وجود نظم أخرى يقلل من أى جهود تستهدف تطوير الشهادة الثانوية الحكومية، كما أنه يقتل الولاء والانتماء ويكون الطالب انتماؤه الأول للمنظومة التعليمية الأجنبية التى يتبع لها.


ووصف مسعد الذى شارك من قبل فى عمليات تطوير سابقة للثانوية العامة، التعليم بالجيش الوطني، إذ إنه يحارب عدوا غير مرئى يتمثل فى الجهل، وبالتالى فإن وجود نظم مختلفة منه سيؤدى إلى تعارض يستفيد منه العدو، وهو ما يقوض قدرات الدولة فى التطوير والقضاء على الأمية، مشيراً إلى أن تطبيق مزايا ومعايير التعليم الدولى المتقدم فى المدارس الحكومية أول الطريق لتوحيد شهادة الثانوية العامة.


وأوضح أن الثانوية التراكمية التى يرفضها أولياء الأمور فى مصر هى التى تطبق فى غالبية دول العالم لكن المختلف أن التعليم الجامعى فى كثير من الدول غير مجانى وبالتالى لا يشهد تنافسًا قويًا كما الحال فى مصر، كما أنها شهادة منتهية تؤهل الطالب لسوق العمل مباشرة، مشيراً إلى أن هذه التجربة لا تناسب الحالة المصرية فى ظل الاعتماد بشكل أساسى على الدروس الخصوصية وبالتالى فإن الأعباء ستتضاعف على أولياء الأمور، والسبيل الوحيد لتطبيقها حال جرى التخلص من هذه الثقافة السائدة، وقد يكون الحل فى تفعيل أدوار المدرسة من خلال منح درجات للحضور والغياب على المجموع الكلى لا يتدخل فيها المعلمون وتكون من خلال بصمة إلكترونية تحدد معدلات حضور الطلاب.


وأشار إلى أن استمرار توجه الوزارة نحو عقد امتحانات نهاية العام بعيداً عن الارتباط المباشر بالكتاب المدرسى فإن ذلك سوف يقضى تدريجيًا على الدروس الخصوصية لأن الطلاب سيدركون أن التفوق يكون عبر الفهم والتطبيق وليس التلقين، وأن ما ينقص التجربة الحالية هو تطبيق نظام التحسين لإتاحة الفرصة أمام الطلاب لتحسين مجامعيهم المنخفضة.. فيما يقول الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، إن الصورة الحالية لتطوير الثانوية العامة ليست الصورة المثلى ومن المتوقع إدخال تعديلات على النظام القائم حاليًا لتكون قريبة من القاعدة العامة للشهادة الثانوية فى أغلب دول العالم، والتى تقوم على أن الثانوية العامة شرط أساسى لدخول الجامعة لكنها ليست شرطاً كافيًا، وتلك القاعدة تأخذ أشكالاً مختلفة سيجرى الاستقرار على أحدها.


وأضاف أن السيناريو الأول يتمثل فى أن تكون امتحانات الثانوية المعيارية التى تم الأخذ بها هذا العام وهى امتحانات من خارج كتاب المدرسة وتقيس الفهم والتطبيق والتحليل تمثل 60% من مجموع القبول بالجامعات على أن يكون هناك 40% عبر امتحانات الميول لتحديد اتجاهات الطلاب وقدراتهم تجاه قطاع الطب أو الهندسة أو العلوم الإنسانية.. وأكد أن الصورة الثانوية تكون عبر الارتكان على الثانوية العامة المعيارية يضاف إليها مجموع الطلاب فى المواد المؤهلة للجامعة مثل الرياضيات والفيزياء لقطاع الهندسة والكيمياء والأحياء لقطاع الطب واللغات لقطاع الآداب والإعلام، أو الاتجاه نحو تطبيق الصورة الثالثة التى يؤدى فيها الطلاب امتحانات الثانوية العامة بحد أقصى 50% ثم يؤدون امتحاناً آخر فى القطاع الذى ينتمون إليه فى الطب والهندسة والعلوم الإنسانية تضاف إلى المجموع النهائي.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة