صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قلعة صناعة الألومنيوم بالدقهلية على حافة الهاوية

وائل المنجي

الأحد، 05 سبتمبر 2021 - 12:40 م

الضرائب أنهكتنا .. والمصانع أغلقت.. والباقي يعمل بطاقة ٢٠ ٪ 

صناع الألومنيوم: مازلنا نتميز عن المنتج المستورد بنسبه نقاء أفضل

المنطقة الاستثمارية.. حلم تحول إلى سراب مازلنا نتعلق بفكرة (عقدة الخواجة)
 

مدينة ميت غمر صرح صناعة منتجات الألومنيوم بمحافظة الدقهلية بل وفي مصر كلها، كانت بداية تشكيل صناعة الألومنيوم منذ قرابة عام ١٩٣٠، وبدأت بتشكيل الأواني النحاسية، والحديد، ثم تحولت المهنة فى عام ١٩٨٠ إلى صناعة الألومنيوم التي توارثها الأجيال،  تعتمد علي المهارة والذوق والقوة، لتصل مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية إلى مكان الصدارة، وقمة تصنيع الأواني من مادة الألومنيوم ، ولم يتجمد أصحاب الأيادي الماهرة في سباق التطوير بالفترة الأخيرة، وبدأت تدخل أنواع جديدة في التصنيع من التيفال، السيراميك، والجرانيت.

هناك عدد كبير من التساؤلات تفرض نفسها علي ساحة صناعة الألومنيوم بقلعة الصناعات المتوسطة والشبه متوسطة بميت غمر والتي يبلغ عدد المصانع إلى قرابة ٩٥٠ مصنعا، وأكثر من ٢٦٠٠ ورشة، تضم عشرات الآلاف من الأيدي العاملة، لإخراج المنتج النهائي.

قامت "بوابة أخبار اليوم" بزيارة لأحد المصانع بمدينة ميت غمر للتعرف علي مشكلات ومعوقات التصنيع، وكيفية الحفاظ عليها أمام المنتج المستورد، ولماذا تظل المنطقة الإستثمارية حلم أبناء ميت غمر، والذي تحول إلى سراب، بعد افتتاحها منذ قرابة ٤ سنوات، وإلى الآن خاوية علي عروشها.

 خطوات التصنيع 

كان الانطباع الأول أثناء الزيارة هو الإحساس بالفخر والانبهار لكافة مراحل التصنيع، والتي تبدأ من صهر معدن الألمنيوم، وتنقيته، ووضعه في سبائك، تختلف مقاسات السبائك وفق المنتج المطلوب تصنيعه، ثم مرحلة الدرفلة، لفرد المنتج، ثم فرن التخمير، والذي يجعل منتج الألومنيوم أكثر نقاء قبل التصنيع، وتليها مرحلة تقسيم ألواح المعدن الخام بقصها على مقاسات، ليتم نقلها لعامل رسم المعدن والذي يقوم بتشكيله، ثم عمال الفرز الذي يستبعد أي منتج  به عيوب، ويليها مرحلة غسل المنتج بالماء والبوطاس وتجفيفه وأخيراً التعبئة، ليخرج المنتج إلى الأسواق المصرية، وأيضاً إلى الأسواق الخارجية في عدد كبير من الدول الأفريقية.


يقول يحيي عابدين صاحب أحد مصانع تشكيل الألومنيوم: بدأنا التشكيل في الصناعة من الصهر والدرفلة لتوفير  جزء من تلك العمليتان، لأن الأسعار متفاوتة للمنتج الخام، بجانب الزيادة كل ثلاثة أشهر تقريباً، لذلك بدأنا من مراحل التصنيع الأولى، وهذا أعطي لنا قدرة للتتافس بالمنتج داخل الأسواق.

ويضيف صاحب المصنع أن في ميت غمر يوجد حوالي ١٥ مصنعا يقوم بالعملية التكاملية لتصنيع المنتجات، وهناك مصانع متوسطة قرابة ٩٥٠ مصنعا، وقرابة ٢٩٠٠ ورشة للصناعات الصغيرة، والجميع هنا يعمل على إنتاج كافة الأواني المنزلية، بمختلف أنواعها وخاماتها.

وأكد أن منتجات ميت غمر كانت تغزو الأسواق المصرية  بنسبة ٨٠ ٪ قبل ثورة يناير، بل والأسواق الأفريقية، ولكن بعد ٢٠١١ أغلقت عدد من المصانع والورش أبوابها، وبدأت الصناعة تشتهر في عدد كبير من المدن المصرية والمدن منها الصعيد والبحيرة والإسكندرية وغيرها، وأصبح الإنتاج بميت غمر يعمل بطاقة ٣٠ إلى ٤٠ ٪ على غرار السابق.

المنتج المصرى أفضل 100 مرة

المنتجات المستوردة من تيفال وجرانيت وسيراميك، أثرت تأثيراً كليا علي الصناعة المحلية، ولكن المنتج المصري أفضل ١٠٠ مرة عن المنتج المستورد، حيث يعتمد علي المنتج الخام من شركة مصر للألومنيوم صاحب درجة نقاء ٩٩.٧/٩٩.٨ /٩٩.٩، وهو خاص بمشاريع عالي الجودة وهو أنقى أنواع الألومنيوم ونستخدمها في مصر لإنتاج الجرانيت والتيفال والسيراميك بطريقة الكبس الهيدروليك.

أما المنتج المستورد والذي يعتمد على منتج (الداي كاست) عبارة عن مادة سائلة يدخل اسطنبات، وهي مادة أقل جودة بكثير، لأنها مأخوذة من بساتم السيارات (سيلكون ١٢) والألومنيوم الجاف، والتي تتميز بشكل أرقى في الفينش، بسبب قلة نقاء المنتج والذي يصل إلى ٨٦ ٪، فهذا هو الفارق بيننا وبين المستورد، لكن التاجر لا يميز درجات النقاء ولا المستهلك، والهدف الأول هو البيع، والمستهلك يبحث عن الشكل الأفضل، لذلك الألومنيوم الذي تكون درجة نقائه عالية لا يتم تصنيعه بالكبس، لأنها قوية على عكس مادة (الداي كاست)، لأنه سائل معتمد على الضغط، لهذا يتميز بالشكل، ونحن نتميز بالنقاء.

وأشار صاحب المصنع أننا مازلنا متعلقين بما يسمي بـ"عقدة الخواجة"، فالجميع يشعر أن المنتج الأجنبي أفضل من المصري والحقيقية هي العكس، والمستهلك عينه على المستورد، لذلك يجب تشجيع المنتج المصري، ولكننا محملين بالضرائب التي لا تجعلنا قادرين علي عودة المنافسة من جديد.

معوقات تهدد عرش الصناعة

ويستطرد صاحب المصنع: بعد ثورة ٢٥ يناير الجميع توقف وأغلق بسبب حالات الشلل العام التي أصابت مصر، والغالبية العظمى أغلق، والتزمنا منازلنا، فوجئنا بأن ضرائب المبيعات تعمل محاضر تهرب ضريبي، وتحاسبنا حساب جذافي، ففوجئت بمحاسبتي أثناء الغلق عام 2011 بـ ٢٥ مليون جنيه،٢٠١١ و٣٠ مليون جنيه عام ٢٠١٢.

ناشد صاحب المصنع من خلال "بوابة أخبار اليوم" السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يشعر دائما بأوجاع المصريين، والذي يبحث في الشارع ويسرع على أى مواطن لديه مشاكل لحلها وتذليلها، متمنيا من الرئيس أن ينظر إلى الصناعة بميت غمر، ومشكلاتها، ويكون لهم الأولوية لأنهم يصنعون، ويتميزون عن الآخرين. 

ويضيف قائلا: مصر بها كوادر ومهارات تؤهلنا للمنافسة بقوة، لكن الحساب الجزافي والتعدد الضريبي أثقل علينا، وأصبحنا اليوم نعمل بطاقة ٣٠ إلى ٤٠ ٪ من الإنتاج، وتم تقليل العمالة أيضاً، فنحن نطالب الاستمرارية، ولا نكون ضد الدولة في أخذ حقوقها، ولكن ليس جزافا.

 المنطقة الإستثمارية حلم تحول لسراب 

بعد أن وضع اللواء سمير سلام محافظ الدقهلية الأسبق حجر الأساس للمنطقة الصناعية عام ٢٠١٠ بمدينة ميت غمر، لجمع كافة المصانع بأشكالها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في مكان واحد، وحتى الآن بعد إعدادها مكان نفتخر به جميعا، ومنذ ثلاث سنوات تظل أبوابها مغلقة، خاوية على عروشها.

 

يقول يحيي عابدين إن المنطقة الاستثمارية كانت حلما لكل أصحاب المصانع والورش، خاصة وأن هناك ورش تعمل في الصناعة بأماكن غير مؤهلة تماماً، ومنها وسط المنازل وغيرها، فهي كانت تمثل لنا بيت يجمعنا ونصبح مثل العاشر و٦ أكتوبر وغيرها من المناطق الاستثمارية، ونحن فعلا في ميت غمر لسنا أقل منهم حرفة وتصنيع، ولكن فوجئنا بأن هيئة الاستثمار تقدم مبلغ ١٠٠٠ جنيها في المتر الواحد سنوياً، أى أقل منشأ تصنيع كامل يدفع مليون جنيها سنوياً، بجانب كهرباء ومياه وعمالة وتأمينات، فهذا يجعلنا محلك سر، وهذا يحدث في ظل ركود تام للتوزيع ومحاربة المستورد، وبالفعل تم مقابلة مسئولين في هيئة الاستثمار، وتم تقليل المبلغ إلى ٥٠٠ جنيه، وهذا أيضاً لا يناسب، لأن الصناعية تعتبر مهلهلة ضعيفة تحتاج لدعم قوي من مؤسسة الرئاسة، مطالبا الوزراء النزول على أرض الواقع والتعرف بشكل كبير على مشاكلنا، وأنا كلي ثقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيتدخل لإنقاذ تلك الصناعة وعمالها المهرة، فنحن هنا لدينا عمالة تفتح أكثر من بيت، وسيدات بـ ١٠٠ راجل، نطالب الأخذ بأيدينا، انعاشا للصناعة وتذليل المعوقات.

اقرأ أيضا: أحلام الجنوب تتحقق.. قلعة صناعة الألومنيوم تُزين نجع حمادي 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة