همى أن أكمل حكايتى عن أبعد نقطة ممكنة
همى أن أكمل حكايتى عن أبعد نقطة ممكنة


نجاح أعمالى التلفزيونية يقف عائقًا نفسيًا فى طريقى الأدبى!

حوار| «عبد الرحيم كمال»: تأثرت بحارة «محفوظ» وحوار «شكسبير»

الأخبار

الأحد، 05 سبتمبر 2021 - 04:54 م

موهبته استثنائية منحته خصوصية بالغة وجعلته أحد أهم صائغي الوجدان في عصرنا، فلديه قدرة رائعة على تقديم تجارب من لحم ودم على شاشات التلفزيون والسينما ترسخ في ذهن المشاهد، وتسكن داخله، ومما لا يعرفه بعض المعجبين بإبداعه الدرامي أن صاحبنا أديب في الأصل وروائي في الأساس، ولكن طغت شهرة بصماته الدرامية على نصوصه الأدبية..

إنه الأديب والسيناريست الكبير عبد الرحيم كمال، الذى تمتليء رحلته الإبداعية بالكثير من العلامات البارزة التي تركت أثرا واضحا في الوجدان المصري والعربي، ويأتي على رأس هذه العلامات: «الرحايا، الكنز، ونوس، الخواجة عبدالقادر، دهشة».. فيما قدم إلى الأدب إبداعات منها «ظل ممدود، بواب الحانة، صاحب الوردة، منطق الظل، قصص بحجم القلب، أبناء حورة».. ونتيجة لجهوده الكبيرة فى تشكل الوعى الثقافى لدى الشباب المصري، أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسى بأعماله الأدبية والدرامية.. في هذه السطور يفتح الأديب عبد الرحيم كمال صدره «للأخبار» متحدثًا عن كواليس أعماله الأدبية، وعن الوجه الذى يجهله الكثيرون، كما يكشف لنا عن خطته المستقبلية لتطوير الكتابة فى مصر.

 

- هل تتوجه إلى جميع الفئات العمرية والمستويات الثقافية المختلفة أم إلى فئة معينة؟
لست مشغولا عند الكتابة بفئة عمرية معينة ولا مستوى ثقافى محدد، فأنا أكتب وأنا مدفوع دفعا إلى الكتابة، أكتب وأنا مشحون ومحتشد وربما بلا توقف إلا للمراجعة والتدقيق، وأعتقد أن جمهورى يشبهنى الى حد بعيد، فهو بلا حسابات ولا غرض ، يبحث عن الحكاية التى تدخل قلبه وعقله، ولا يبحث عن أدب منزوع الحكاية أو أدب ذهني، يبحث عن حكاية كتبها درويش، حكاية لم تجفف وتقدم له كحبة دواء أو طعام معلب، أنا أكتب ما أحب لمن أحب.

- ولماذا لا تتوسع وتتجه أيضا إلى الكتابة المسرحية؟
المسرحية نوع من أنواع الفنون التي أقع في غرامها كمتفرج بالأساس وكتابة المسرح ليست سهلة، وقد بدأت وأنا طالب فى الكلية بكتابة المسرح، وكتبت مسرحيتين إحداهما كانت تسمى ( ايجيبتا )، كانت رحلات متعددة لقصص حب من أيام الفراعنة إلى العصر الحديث، ثم كتبت مسرحية (كرتا والحجر) عن رجل فر من جحيم زوجته فى قريته ليبحث عن حياة جديدة، فوجد ورقة مكتوب فيها جملة غيرت مسار حياته، كنت أكتب وأحاول أن أخرج العرض المسرحى أيضا أنا وزملائى لكنها مشروعات لم تكتمل، وظللت عاشقا للمسرح كمتفرج وكقارىء للمسرح العالمى والمصرى من «شكسبير» إلى «صمويل بيكيت» ومن «توفيق الحكيم» إلى «يوسف إدريس»، واكتفيت سنوات طويلة بدورى كمتفرج ثم عاودنى الحنين فقدمت تجربتين مسرحيتين على المسرح القومى سنة ٢٠١٦ و سنة ٢٠١٧ كانت أقرب إلى الأمسيات الموسيقية الصوفية تعتمد على ثلاثة ممثلين وفرقة موسيقية ومزج بين التريالوج المسرحى والأغانى الصوفية، كان العرض الأول مأخوذاً عن كتاب فى الحكى الصوفى من تأليفى اسمه «ظل ممدود» والعرض باسم ( فى مديح المحبة) والعرض الثانى كان يحمل اسم قمر العشاق وكان أيضا حواراً ثلاثياً بين ملحد ودرويش وتائبة وفرقة موسيقية تقدم أغانى عاطفية كفواصل.. وكان العرضان على المسرح القومى من إخراج أستاذ محمد الخولى، ثم عدت مرة أخرى مجرد معجب ومتفرج، إلى أن كتبت أخيرًا مسرحية صاحب الوردة والتى نشرت وصدرت عن دار «مركز إنسان» وهى استلهام جديد لقصة مولانا الحلاج وماذا لو ظهر ثانية فى عصرنا هذا فى حى شعبى مصري،ومازلت أحلم بالقدرة على كتابة أعمال مسرحية لما لهذا النوع من الفنون من تاثير عظيم على النفس.

- أيهما يسعدك أكثر الإقبال على مسلسل كتبته أم على رواية صدرت لك ؟
الإقبال على مسلسل كتبته له إحساس يختلف تماما عن الإقبال على رواية صدرت فالمسلسل نجاحه أكثر انتشارا، والفرجة على المسلسل تكون ضخمة جدا، ملايين المشاهدين من المحيط إلى الخليج، وليس مصر وحدها، أكثر من ٣٠٠ مليون عربى وسعادة النجاح والإقبال تكون كبيرة، لكن الإقبال على الرواية المنشورة له طعم بالغ الخصوصية إنه نجاحك الخاص، فهو نجاح حكايتك التى حكيتها للجمهور فى كتاب، نجاح متفرد وخاص ومباشر لك ، سعادة مختلفة وجمهور مختلف، وجمهور المسلسل متسع يحمل كل المستويات التعليمية من الأمى وحتى صاحب أعلى الدرجات، لكن جمهور الكتاب أقل إلا أنهم جمهور مميز وعلى درجة عالية من الحب والوعى والثقافة.

- حدثنا عن خطتك الأدبية المستقبلية؟
التجربة الأدبية الجديدة تتشكل ملامحها ببطء وعلى استحياء، لكنها أرض جديدة جدا يمتزج فيها التاريخ بالحب والدين فى لعبة أدعو الله أن يوفقنى بالسير على حبلها دون الوقوع.

- وبمن تأثرت فى الرواية والأدب محليا وعالميًا؟
- تأثرت فى الرواية والقصة القصيرة والأدب بالكثيرين.. كان الأدب الروسى فى البداية ودستويفسكى وتشيكوف وتولستوى ومكسيم جوركى لهم النصيب الأكبر، ثم الأدباء الألمان وعلى رأسهم جوته، وكان لتأثير حوار شكسبير الفضل الأكبر فى مسرحياتى ثم ظهر الأدب اليابانى المترجم وروايات كاوباتا التى لها أثر كبير جدا وكذلك هرمين هسه الألمانى وبورخيس وساراماجو وسحر ماركيز وصوفية كازنتزاكس ،أما عن الأدباء المصريين، فقد تأثرت بحارة نجيب محفوظ وشخوصه وقلق يوسف إدريس وجمال عبدالحكيم قاسم وشاعرية يحيى الطاهر عبدالله وشياكة يحيى حقى اللغوية والبساطى والغيطانى وأصلان وخيرى شلبى وجار النبى الحلو والمخزنجى والمنسى قنديل ومجيد طوبيا والكثيرين جدا ممن لا أتذكرهم.

- و هل ترى أن النقد أنصفك بشكل جيد وسلط الضوء على أعمالك؟
- الكتابة الأدبية لا تنتظر الإنصاف النقدى السريع، الكاتب ينتظر سنوات طويلة حتى تصل روحه إلى أرواح الناس وتسكن وتستقر، أنا أنتظر من الأدب ما هو أكثر من التقدير النقدي، أنتظر أن تسكن حكاياتى أرواح الناس وتصحبهم وتنتقل منهم إلى أجيال تالية، الكاتب يراهن على أشياء لا يعاصرها ولايراها ولا يشعر بها غيره، النقد معقول لكن المرضى ان تعبر حكاياتك أبواب العقول والقلوب والأرواح وأن تغزو حتى من لا يشاركك نفس الذوق الفنى لكنه يتلقى حكاياتك بصدق وقبول واستمتاع وتفكير أيضا،أن يكون العمل الفنى مثيرا للاهتمام والجدل والمتعة ، أهم شيء أن تقدم عملا يحرك ما هو ساكن، ويسكن أحيانا ما هو متحرك، عملا يجعل من يقرأ شخصا مختلفا، لن أقول أفضل ولا أسوأ ولكن مختلف لأنه قد مسه شيء ما.

- وما أقرب أعمالك الأدبية إلى قلبك؟
«أبناء حورة» تجربة فارقة فى حياتى الأدبية، وفى كتابتى بشكل عام،كنت طوال سنة أكتب بلا حسابات أحكي، وأنا فى حالة عجيبة لا أخشى ولا أرتجى شيئا سوى أن أكمل حكايتى عند أبعد نقطة ممكنة للحكاية، ورواية «المجنونة» كانت فى بداياتى وكانت فى سنة ٢٠٠٠ مملوءة بالجنون ومحاولة التجريب ورواية «بواب الحانة» ٢٠١٥ كانت حالة ومحطة فى تجربتى ونظرتى للوجود والتصوف أما «أبناء حورة» ٢٠٢١ فهى المحطة الثالثة والأقرب لأنى شعرت معها وبها، كما أننى تخليت كثيرا عن حذرى وصرت لنفسى أقرب لذلك مكانتها فريدة هى و «ظل ممدود» وهو كتاب فى الحكى الصوفى. صدر ٢٠١٦، وأعيد نشره قريبا أراه أيضا قريبا من قلبى وعقلي.

- حدثنا عن أبرز الصعوبات التى وقفت فى طريقك الأدبى وكيف اجتزتها؟
خوفى من فقد القدرة على كتابة الأدب وابتعادى بسبب نجاحى فى كتابة رواياتى التلفزيونية والسينمائية، صار كل عمل تليفزيونى ينجح لى صعوبة جديدة فى طريقى الأدبى وكيف سأعود إلى كتابة القصة والرواية؟ وماذا سأكتب؟ وبأية لغة وبأية طريقة للسرد ؟ هل فقدت قدرتى تماما على كتابة الأدب ثم أعود أحاول وأتوقف عن كل شيء فى سبيل البدء فى رواية جديدة، وما أدراك أن تبدأ فى رواية جديدة، إنها اللحظة التى تختلط لديك فيها كل الأمور، وتشعر أنك مضغوط جدا ومقدم على شيء مؤلم وممتع ومجهول وخطر تماما مثل لحظة الميلاد والموت.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة