عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

محفوظ والإرهابى !

عمرو الديب

الأحد، 05 سبتمبر 2021 - 07:29 م

 

«وفى كلمة أو كلمتين نعرف سر الدنيا والآخرة، حقا إن المخاوف كثيرة، والظلمات محدقة، ولكن الله رحمن رحيم، ينشر عنايته الإلهية، فتحيط بكل شيء، وقد يسر لنا مفتاح الأمن والأمان، بالآية نتلوها، بالصلاة نقيمها، بالصوم نتقرب به إليه، فتصفو الدنيا وتحلو، ويهب الخير والبركة، ويتقهقر إبليس وجيوشه، وننتظر هناك الجنة ونعيمها»، ما سلف من كلمات ليست من إنشائي، وكذلك هى سطور لم يكتبها داعية بارع، أو عالم دين واسع الأفق، ولكنها كلمات خطها قلم أديب مصر العالمى نجيب محفوظ الذى احتفلنا منذ أيام بذكرى رحيله عن دنيانا، كتبها فى مستهل إحدى قصص مجموعته «القرار الأخير»، وهى تنم عن حس صوفى مرهف، وشذى يقين راسخ، وعطر طمأنينة نفس تدرك حقيقة الوجود والمآل، وليت الإرهابى الغارق فى أوحال الجهل قرأ هذه السطور، أو مثيلا لها فى أدب مبدعنا الفذ، قبل أن يقدم على جريمته الشنعاء، حين حاول اغتيال الأديب الكبير بسكين غادر، مدفوعا بالفتاوى الجاهلة، والإدعاء الوقح، بتكفير ذلك الهرم الفذ، وهو الإنسان الوادع المسالم، بعد أن أثرى الوجدان العربى بتراث هائل خصب من الإبداع المحلق فى سماوات البراعة والتفرد.

أقول ليته قرأ السطور السابقة، أو غيرها من الكلمات التى يشرق من أفقها يقين محفوظ وإيمانه العميق بالخير وانتصار القيم مهما طال المدى، بل ليته قرأ الرواية التى كفره الخوارج الجهلاء بسببها، وهى «أولاد حارتنا»،ولكن هيهات، هيهات، فالإرهابى أمى جاهل،لا يعرف الأبجدية كى يقرأ، وهكذا هم الخوارج غارقون فى الجهالة، والغلو والتطرف هما فى الحقيقة عين الجهالة المركبة، والضلال المزدوج، فكلاهما جهل بالدين، كما هو جهل بالدنيا، وعداء للعلم، وحقد على حامليه، وكما ظهر فى محاكمة ذلك الإرهابى الذى حاول اغتيال نجيب محفوظ، فإن الجهل والظلام هما البيئة الملائمة لنشأة التطرف، وبروز الغلو، فقد اعترف الإرهابى بأنه لم يقرأ كتابا فى حياته، لأميته، والحكاية انهم قالوا له إن «محفوظ» قد كفر، وحل دمه، وجرى تكليفه، باغتياله، وكالثور الأعمى الذى يدير الساقية مرغما، اندفع الإرهابى الجهول، ليطعن ذلك الهرم الفذ، ولكن الله الرحيم قرر ألا ينجح الجاهل فى محاولته، وأن يعيش محفوظ مزيدا من السنين، ليثرى حياتنا كما تعود دائما.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة