الرئيس عبد الفتاح السيسي
أيمن سلامة: الرئيس رد إعتبار كتاب مصر بعيدا عن «دكاكين الكتابة»
رسائل الرئيس للفنانين.. طوق نجاة للفن الهادف
الثلاثاء، 07 سبتمبر 2021 - 09:45 ص
ريزان العرباوى
لم تمنع الحياة السياسية ومتابعة شئون الدولة, رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، من الاهتمام بالفن ودعمه, إيمانا منه بأن الفن وسيلة من وسائل التثقيف قبل الترفيه, فهو يدرك تماما مدى تأثيره على النفوس والعقول, وجاء ذلك واضحا من خلال تصريحاته الأخيرة بشأن دعمه للفن الجاد الحقيقي الذي يتناول قضايا الإصلاح في المطلق، ويعمل على تشكيل الوعي بمفهومه الشامل, تلك التصريحات كانت بمثابة بارقة أمل لصناع الفن وردا لإعتبار الدور المحوري الهام الذي يقوم به الفن.. فماذا بعد أن أصبحت الكرة في ملعبهم؟.
دعم الرئيس وتشجيعه للفن وأهله, ليس فقط بالتصريحات، لكن بالعديد من الإجراءات والقرارات التي من شأنها النهوض بالفن والحفاظ على حقوق الفنانين, حيث أيد صنع الأعمال الفنية الهادفة بدعم شخصي منه, من خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “صالة التحرير” الذي تقدمه الإعلامية عزة مصطفى, مخاطبا المؤلف والسيناريست عبد الرحيم كمال أثناء استضافته في البرنامج.
كما أصدر توجيهات بإطلاق اسم الفنان الراحل سمير غانم على الكوبري الجديد بمحور محمد نجيب بمنطقة شرق القاهرة.
وتوجيهه لتوفير الرعاية الطبية الكاملة للإعلامي الراحل حمدي الكنيسي رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، وذلك قبل وفاته.
كذلك متابعته لحالة الفنان شريف دسوقي بعد أزمته الأخيرة التي أدت إلى بتر ساقه أثناء إجراء عملية جراحية, وأعطى توجيهات بصرف معاش استثنائي له.
وبعد استغاثة الراحل علي حميدة بأحد البرامج التلفزيونية ومطالبته بعلاجه على نفقة الدولة, استجاب له الرئيس على الفور، وأمر بتحمل وزارة الصحة كافة التكاليف العلاجية.
كما شهدت الفترة الماضية تطورا ملحوظا في قطاع الثقافة والفنون وتنفيذ العديد من المشروعات منها.. ترميم وتأهيل المسرح القومي وتطوير 11 مسرحا.
وإعادة تأهيل وافتتاح عدد من قصور الثقافة, فضلا عن إنشاء دار الأوبرا بالعلمين والعاصمة الإدراية الجديدة.
وانطلاقا من الرسائل التي وجهها الرئيس لصناع الفن لتقديم فن حقيقي يساهم في بناء المجتمع, أصدرت الإعلامية نادية مبروك - رئيس شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات - بيانا صحفيا ناشدت فيه شركات الإنتاج الخاصة للدخول معها في شراكة لتمويل المسلسل التاريخي “طلعت حرب” الذي كتبه المؤلف محمد السيد عيد, ليرى النور بعد أن ظل حبيسا في الأدراج لفترة طويلة.
ووصفت نادية تصريحات الرئيس, بـ”طوق النجاة”, مما دفعها لاتخاذ تلك الخطوة المهمة.
«رد اعتبار»
المسئولية الكبرى الآن ملقاة على عاتق الكتاب والمؤلفين، فهم عقل الدراما والمحرك الأساسي لها.. فكيف ينظرون إلى مستقبل الفن بعد رسائل الرئيس ودعمه للفن الهادف؟, وهل ستتوارى الأعمال السطحية أو التي تحمل بين طياتها أهدافا هادمة للقيم والمعتقدات وتؤثر بشكل سلبي على عقول الأجيال الجديدة ومستقبل الوطن؟.
يقول الكاتب والسيناريست أيمن سلامة: “مبدئيا مكالمة سيادة الرئيس بمثابة رد اعتبار لجميع كتاب مصر الحقيقيون, وتقديرا لمكانتهم بعيدا عن الورش وأصحاب (الدكاكين) الذين يكتبون بلا فكر وبلا ثقافة أو وعي, فما قاله هو كلام في الصميم، لأننا فعلا بحاجة لعودة الدراما إلى رسالتها الأولى التي كانت موجودة في فترة من الفترات، وتعمل على صياغة وبناء وعي الجمهور والشعب, نحتاج إلى أعمال تطرح قضية الإصلاح في المطلق كما نوه سيادته, في قوالب فنية متعددة, فلم يقصد أن تختزل الأنماط الفنية فقط في نمط الأعمال الوطنية مثل (الاختيار) أو (الممر), إطلاقا لم يشترط ذلك لأن همه مخاطبة الشباب لفهم حياتهم بالتطرق للقضايا الملحة وإدراك التحديات ومواجهاتها, وذلك من الممكن ترجمته من خلال أعمال إجتماعية تطرح القضايا المسكوت عنها, ليتغير مسار الدراما من جديد بعد أن سيطرت عليها قضايا لا تخصنا، وأعمال تعتمد على الترجمة والفبركة والاقتباس والسرقة من أعمال أجنبية ضد هويتنا وثقافتنا, فأن الآوان أن نعود مرة أخرى إلى دراما عربية مصرية حقيقة”.
ويتابع قائلا: “مستقبل الفن الصحيح وحتى تعود الدراما إلى وضعها عندما كانت مصر رائدة في مجالها بالسبعينيات والثمانينات بوجود (قطاع الإنتاج) و(صوت القاهرة) و(مدينة الإنتاج), فلابد من الاهتمام وتقدير دور المؤلف لنرى صورة المؤلف مع المنتج قبل صورته مع النجم وعندما يتم الاتفاق أولا مع المؤلف على كتابة عمل فني، ثم يأتي بعد ذلك البطل, ففي السنوات الماضية وضعت العربة أمام الحصان، وأصبح النجم هو المتحكم في العملية الفنية برمتها، ليكتب النص خصيصا له ، فعلى المنتجين البحث وإعطاء الفرصة للمؤلفين الجادين بالدرجة الأولى، والقادرين على صياغة موضوعات تخص هذا الوطن، وأرى أنه مع اهتمام الدولة بعجلة الإنتاج الفني سيصبح هناك خط إنتاج جديد ومختلف, كما أننا بحاجة لعودة المسلسل التاريخى والديني الذي أختفى تمام من الخريطة، وبحاجة أيضا إلى المسلسلات التي تعتمد على الروايات المصرية العظيمة لكبار الكتاب مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس، والتي تساعد في مهمة استرجاع هويتنا وثقافتنا”.
«آليات التنفيذ»
ما لمسناه من اهتمام ودعم من الرئيس هو دعوة للتميز, فالتميز هو القوة بل هو الهوية من وجهة نظر الكاتب والمؤلف محمد سليمان عبد المالك، والذى أكد على ضرورة البدء في التنفيذ وفقا للأهداف التي أشار اليها الرئيس والتي تعمل على بناء الوعي والقيام بالدولة وترتقي بالفن, ويقول: “هي خطوة عظيمة من الرئيس ،فبالرغم من انشغاله بأحوال البلد وجه اهتمام خاص بالفن والفنانين, فهي مسألة تدعو إلى التفاؤل والاطمئنان بأننا نسير في الطريق الصحيح نحو الإصلاح الشامل النابع من إيمانه بأهمية الفن ، والذي يعتبر أحد أشكال «القوة الناعمة» التي تعمل على الارتقاء بالعنصر البشري، والذي يمثل الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة, فإذا أسيء استخدامه سنهوى إلى الحضيض، وندفع بالشباب إلى الهاوية ، لذلك أكد الرئيس على تذليل العقبات المادية التي قد تقف حائلا أمام الأعمال الهادفة ، لكن تظل النقطة الأساسية حول التنفيذ الجاد على أرض الواقع، ومدى استجابة المسئولين لتحويل هذا الكلام إلى واقع ملموس, فالمشكلة أننا بصدد الحديث عن صناعة تخص السينما والتلفزيون، وهي صناعة تعاني من مشاكل كثيرة، أولها مشاكل إنتاجية لها علاقة بآليات الإنتاج والعرض وغيرها”.
ويضيف قائلا: «ضمير الفنان والمؤلف موجود طوال الوقت، فنحن على استعداد تام لتقديم أعمال مهمة, والحقيقة أن تشجيع الرئيس أعطى لنا بارقة أمل لتحسن الأمور خلال الفترة المقبلة، فنحن بحاجة لأعمال كثيرة تؤكد على قيم ومعاني كبيرة لتنير وعي الجمهور للمعاني والقيم التي ناشد بها الرئيس في خطابه, صحيح بدأت خطوات فعلية نحو هذا الإصلاح وفتح الأبواب أمام الفنانين لتقديم أفضل ما لديهم منذ عامين تقريبا، ولكن تظل هناك بعض السلبيات يجب الوقوف عندها لنتجاوزها, لأن الفن ضرورة وليس رفاهية على الإطلاق”.
« مرحلة مهمة »
وعن وقع وتأثير هذا الدعم من قيادة الدولة على مستقبل الفن يقول الناقد محمود قاسم: “ليس هناك حجة أمام المبدعين بعد تأكيد وإعلان الرئيس لدعمه الكامل للفن والأعمال التي تهدف لتنمية وبناء وعي المواطن, وكنت أتمنى أن تأتي تلك المبادرة قبل أن نفقد أسماء بارزة ومهمة جدا في تاريخ الفن المصري أمثال فيصل ندا ومصطفى محرم ووحيد حامد, فأرى أنه بعد تلك التصريحات ستكون المرحلة المقبلة مهمة بالنسبة للفن وصعبة في نفس الوقت, لذلك أرى ضرورة لفتح باب الإنتاج لأكثر من شركة وجهة إنتاجية لخلق حالة تنافسية والتي تساهم بدورها في خلق الإبداع واتساع دائرة المشاركين بالصناعة حتى لا يتم احتكارها من قبل جهة واحدة فقط, لنتمكن من غربلة الغث من السمين، والمكسب في النهاية للدولة والمشاهد, كما أدعو أيضا إلى إقامة مدارس وورش لإكتشاف المواهب الحقيقة التي تجد صعوبة في الوصول بموهبتها للنور، وأتمنى عودة قطاع الإنتاج ومهرجان الإذاعة والتلفزيون ومهرجان سينما الأطفال والاهتمام بثقافة الطفل”.
ويتابع قائلا: “أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد إقبالا كبيرا نحو الدراما الاجتماعية الهادفة التي تعالج قضايا تمس عمق المجتمع, وقد تنال الدرما التاريخية والدينية نصيبا من الاهتمام, لكن فكرة أن تتوارى أعمال البلطجة وغيرها فهو متوقف على قناعات المنتج, لأن دور الرقابة توقف فقط عند الألفاظ النابية والشتائم دون النظر إلى الرسائل المبطنة, فهناك اتجاه آخر لنشر ثقافة هادمة ضد شرقيتنا لكسب مزيد من المال وتصدر التريند بلغة العصر, فهي مسؤولية المنتج قبل المؤلف”.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة