نسرين موافي
نسرين موافي


ربيع القومية المصرية

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 09 سبتمبر 2021 - 12:28 م

 

" لن نسمح بدخول بضائع لمصر إلا وفقا للمعايير الأوروبية " 
جملة لم اتخيل يوماً اني سأسمعها ، نعم تمنيت بل و حلمت  كثيراً أن تناطح المعايير المصرية أعلى المعايير في العالم بل و تفوقها كثيراً أيضاً ، إلا إنني حتى مع هذا الحلم لم أتخيل أني سأعيش لأراه يتحقق و لو كبداية لتنظيف أسواقنا و ترسيخ فكرة قديمة قدم أرضنا أن المصري يستحق الأفضل ، فكرة هُجرت برغم أصالتها في تاريخنا .
سنوات طويلة من تعامل التجار و المستوردين مع الشعب علي أنه مفرمة للقاذورات و مقلب لقمامة العالم ، ليتجسد حتى في الأفلام التي تعبر عن نبض الشارع وقتها الإحساس برخص المواطنين، و تظهر جلية  في جمل كـ " "يابا احنا بتوع التالف"، "احنا شعب معدته تفرم الزلط " " و ان أي شيء و لو كان رديئا سيباع فالشعب لا يقول لا " " و أننا كثيرون جدا فما يضيرنا لو مات منا البعض "
جمل لا تعبر الا عن الهوان  والذل لمن لا يستحقون الا الكرامة .
سنوات طويلة من الإحساس بالدونية من الشعب و الاستغلال من التجار على كل الأصعدة بلا ضمير و سنوات أطول من غياب الرقابة و فساد الذمم ، مادام أي شئ سيدخل أرض المحروسة سيباع و يعاد تدويره و يُتقبل وجوده و انعدام جودته ، بل و سيكون الشعب راض بأقل القليل ، هو ليس رضا هو اقتناع بل و يقين انه لا يستحق الأفضل .
أوصلوا الشعب للإحساس بعدم الاستحقاق ، فهو لا يستحق عيشة كريمة و لا معاملة آدمية و لا حتى الحق في الحياة .

مع أن هذا القرار يتماشى تماما مع توجه الدولة و النظام الحالي في الاعتزاز  و الفخر بكل ما هو مصري تاريخاً و حاضرًا ، إلا أنه من أغلى أحلامي أن نمشي علي طريق استعادة المصري لمصريته و عزته بصورة أسرع و أقوي .
أستعادة الشخصية المصرية الحقيقية التي أثبتت و تثبت دائما - دون أن تتعمد ذلك حتي - أنها تفعل المستحيلات دون أن تصنفها كذلك ، فقط هي تحديات بالنسبة لها و قادرة علي مواجهتها .
هذه الشخصية التي فهمها جيداً اعدائها فعملوا عقود علي هد ثقتها بنفسها بل و جعلها تحتقر هويتها المصرية لتبحث عن قوميات و جذور بديلة واهية .

لا اعلم متي بدأت هذه الدونية و هذا الاحساس بعدم الإستحقاق لأصحاب أعظم حضارة و أحفادها يستحقون الأفضل ، إحساس طال حضارتنا و جدودنا ، عانينا سنوات طويلة ، و وقعنا ما بين اتهام بكفر و ظلم من فرعون موسي  و بين دفاع مستميت عن انه ليس مصريًا .
 و بغض النظر عن الحقيقة كونه مصريا ام لا ، لماذا توصم دولة و حضارة كاملة بكفر شخص و ان كان حاكمها ؟!  و ان كانت الدولة كافرة ماذا يضر هذا علمها و حضارتها ؟! هل ينتقص منها شيئا ؟! هل يتوجب علينا التبرأ من هذه الحضارة بسبب هذا ؟! أم أن هذا تمامًا ما يريدونه لتمام ضياع هويتنا ؟! 
 اليس الله يقيم الدولة العادلة و ان كانت كافرة ؟! إذن فالإيمان ليس شرطاً لإقامة الدولة هذا إذا إعتبرنا أن فرعون موسي هو كل حضارة المصريين القدماء !.
لماذا نأخذ نصف الآية و نتعامل بمبدأ و لا تقربوا الصلاة  .

تحولت قصة سيدنا موسي و خروجه من مصر لهولوكوست تُبتز به مشاعر المصريين حتي من قبل اصدقائهم حقدا أو حسدا أو كرها علي حضارة أضاءت الدنيا فاستكثروها علينا .
عانينا من معايرة و استعلاء و كل هذا من أجل فرعون موسي و ظلمه لبني إسرائيل .
 و لم يستطع احد ان يتذكر مثلا عبد العزي بن عبد المطلب ( أبا لهب ) عم الرسول عليه الصلاة و السلام  الذي آذاه و نزل فيه قرآن أليس  هذا هاشميا مكياً آذي نبينا و رسولنا ؟!  أليسوا أولي بالمعايرة من فرعون موسي .
و كآن مصر قدر لها ان تحمل ذنوب أبنائها دون انجازاتهم ، أو هكذا يريدون . 
حضارة يسبونها ليل نهار  ثم يتبارون  في محاولة سرقتها و نسبها لأي أرض غير أرضها .
تدبير علي مدار سنين لم يفطن له قريباً إلا بعض المصريين و مازال الكثيرون يحملون أوزار ليست أوزارهم و لا أوزار اسلافهم حتي .
مخطط لتدمير النفسية المصرية نُفذ علي مدار قرون فلا تقوم لهذا الشعب قامة و لا ترتفع له هامة . 
مخطط لهزم النفسية و تحطيم المعنويات ، ليتبرأ المصريون من تاريخهم و لا يعتزوا بمصريتهم و ينتسبوا لقوميات و أجناس غيرهم ، و هم أصل الحكاية و بذرة المنطقة و ليس العكس .
سنوات يرسخون في أذهان المصريين انهم ليسوا مصريين ، و ان المصريين بناه الاهرام هلكوا مع فرعون و اننا نسل هجين من اصقاع الارض كلها يمعنوا في جعل المصريين يحتقروا أصلهم و نسبهم ، و اصبح التفاخر ان تكون الجده او الجد  من هنا أو هناك حتي لو كان المنتسبين لهم لصوص حضارة أو محتلين أو قتلة حتي .
لتأتي الابحاث العلمية لتؤكد أن العرق المصري من أنقي الأعراق ، بعد مضاهاة الحمض النووي لمومياوات المصريين القدماء مع شريحة من المصريين الحاليين لتكون نسبة التطابق هي الأعلي ، و تؤكد كذب الافتراء باننا لسنا احفاد العظماء الذين يحاولون تشويههم و أيضا سرقتهم في كل وقت و كانها حضارة بلا أصحاب .

الكلمات جاءت لتعلن أن مصر ماضية في طريقها لتستعيد عزتها و ليست هيبتها فقط اعتزاز أبناءها بها و بنفسهم فلا يشعرون بدنو في مقابل اي جنسية اخري لا يتوارون أو ينكمشون من ضيف و هم أصحاب الأرض ، لا يقبلون أي معاملة أو بضائع لا تليق بهم .

فقد آن الاوان لأن يستعيد المصري فخره بمصريته بعيدًا عن القوميات و التحالفات ، فمصري بحد ذاتها تكفي ، كلمة مصر بحد ذاتها تكفي .
يستعيد إحساسه بقيمته و عزته في مقابل الجميع حتي ضيوفه الذين ينعمون بكرمه و يتجاوز البعض منهم معه .
آن الأوان لأن توضع الأمور في نصابها و لا يرتفع أي ما كان مقامه أو معاملته علي صاحب الأرض أو صاحب الحق ، فالضيف له إكرام لا انبطاح .

آن الأوان لتعلموا أولادكم أن هذه الارض حملت أجدادهم لآلاف السنين ،  و أن جذورهم أعمق من التاريخ ذاته ، أنه عندما صور المصري في منحوتة  أو صورة  صور مرفوع الرأس معتز بنفسه و ان الدونية هذه سلاح يحبطنا به ، و لا يليق بكونه مصري .
علموا اولادكم ان هذه الارض ارضهم واجب عليهم حمايتها و تعميرها و ان كما جعلها اجدادهم منارة للدنيا فهم يستطيعون ان يحذوا حذوهم .
علموهم أن لا يقبلوا بأقل من ما يستحوقون و هم يستحقون الكثير و الكثير .
حتما سنحتاج لسنوات لتتغيير هذه المفاهيم و تُنقي النفوس و الكثير من الرقابة و المكافحة ،  لكن ما اُنجز قبلا يؤكد أننا سنستطيع إعادة هذا الفخر و انجاز ما نعزم عليه ، فهذا حال المصريين دائما .
لتعود مصر كما قُدر لها دائما أم الدنيا و منارتها 
و معلمتها الأولي .

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة