لازلنا نعيش أجواء صدمة سقوط الطائرة المصرية ولازلنا أسري للون الحداد الأسود الذي تصحبه مرارة سكنت القلوب، ورغم سقوط شهدائنا كل يوم إلا أننا لم نعهد هذا النوع من الفقد الذي لم يترك من الراحلين غير قصص مؤلمة وبعض المتعلقات التي انتشلت من البحر.
أمام هذه المأساة نجد أن بعض الإعلاميين قد عز عليهم أن يرقد الراحلون في سلام فاستباحوا خصوصيات الضحايا باعتبارهم مادة صحفية صالحة للنشر. (وكأننا لا نعرف حجم المأساة ). وتناسوا تماما الغضب المشروع والألم المضاعف الذي ستشعر به أم تأبي أن تصدق أن ابنتها رحلت وأب مكلوم لم تجف دموعه وأخ ينتظر بعضا من بقايا أخته كي يدفنها.
لم نكن نعرف مصير الطائرة بعد، وخرج إعلامي كبير ليناقش قضية التعويضات ومن سيدفع بينما انطلقت حملات للتبرع والتسول لأبنائهم الصغار وغيرها الكثير من قصص العار الصحفي والإعلامي الذي لم يرق للمستوي الإنساني وليس المهني فقط. في المقابل لم يختلف أداؤنا للمواجهة خارجيا وكان أيضا تحت الصفر أمام حملة إعلامية شرسة من فرنسا وأمريكا لإدانة مصر، وإن كان هناك شيء من المنطق في موقف فرنسا التي تريد أن تخلي مسئوليتها عن سقوط الطائرة، فما الذي يدفع أمريكا لقيامها بحملة إعلامية شرسة وتبنيها لسيناريو انتحار الطيار كما ادعت من قبل مع الطيار البطوطي بعد إسقاطها للطائرة المصرية علي سواحل أمريكا عام 1999؟ هل لأنها أسقطت لنا طائرة مصرية ولم يحاسبها أحد علي قتل 217 شخصا لم يعثر لهم حتي علي رفات ؟ ووسط هذا العبث من حقنا أن نعرف الحقيقة والجميع يسعي لتوظيف الحادث للحصول علي مكاسب سياسية حتي داعش؟ رحم الله شهداءنا وألهم ذويهم الصبر وأعاد لنا شيئا من إنسانيتنا المفقودة.