د. خالد القاضى
د. خالد القاضى


يوميات الأخبار

ورقة .. وقلم .. ومراية !!

خالد القاضي

الخميس، 09 سبتمبر 2021 - 11:22 م

 

فى اليوم العالمى لمحو الأمية، نؤكد أنها «قضية أمن قومى» وندعو إلى استراتيجية تنفيذية عاجلة محددة التوقيتات والأهداف وفق المادة 25 من الدستور 
 

احتفل العام أول أمس الأربعاء الموافق 8 سبتمبر باليوم العالمى لمحو الأمية، ورحم الله المعلم الفاضل الأستاذ عبد البديع قمحاوى الذى كان يقدم برنامجًا إذاعيًا شهيرًا لمحو الأمية لمن حُرِموا من التعليم فى سن مبكرة، وكان نداؤه للمستمعين المستهدفين بإعداد (ورقة وقلم ومراية !! وخلوا بالكم معايا، يلا بقى سمع هس).. والمطالبة بالورقة والقلم لكى يكتب الأمى ما يوضحه المذيع من رسم الحروف، والمراية حتى يتعرف المستمعون على مخارج الألفاظ، على حد تعبيره.


وفى الواقع فإن هذا الملف جدٌ خطير، وفى قمة الأهمية.. ويستوجب التوقف عنده طويلا، ولا يحتمل أنصاف الحلول، ولا رفاهية الفعل من عدمه أو حتى إرجائه، سيما أننا فى احتفالات اليوم العالمى لمحو الأمية، نؤكد أنها «قضية أمن قومى» وندعو إلى استراتيجية تنفيذية عاجلة محددة التوقيتات والأهداف وفق المادة 25 من الدستور.. ويمكن أن تبدأ بنشر ثقافة مجتمعية لمحو الأمية بين مختلف فئات وأعمار الأميين وأهاليهم وأصدقائهم وجيرانهم، وهذا يتزامن مع إحكام القواعد والضوابط لعدم إنتاج أميين جدد، ويمكننا – كمجتمع – المواجهة الجمعية لهذه الظاهرة والقضاء عليها تمامًا فى أسرع وقت ممكن.. ولا ننتظر الحبيب كما كان يطلب محمد عبد المطب فى رائعته «هاتولى حبيبي».. بل نذهب نحن إلى أحبائنا الأميين الكرام فى بيوتهم وقراهم ونمحو أميتهم بحب وأدب وسمو ورقي.  


وحسنًا فعلت جامعة عين شمس برئاسة الصديق الغالى البروفيسور محمود المتيني، بالمساهمة مع الهيئة العامة لتعليم الكبار برئاسة الدكتور عاشور عمري، بتنظيم فصول محو الأمية عبر الإنترنت للمناطق الريفية والفقيرة، والذى يقدم برامج تدريبية لإعداد طلاب الجامعات للعمل كمعلمين لمحو الأمية فى المجتمعات، فضلاً عن استخدامه أدوات التعلم عن بعد لتعليم المهارات الرقمية ومهارات الاتصال وتعليم الكبار، وهى التى آتت أُكُلها بإعلان منظمة اليونسكو رسميًا فوز مصر بجائزة كونفوشيوس 2021 لمحو الأمية، بما يتسق وخطة مصر 2030 للتنمية المستدامة. 


وأُحَيّ تجربة شخصية للطالبة دُنيا هشام فريد الحاصلة على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف فى ليسانس الآداب جامعة عين شمس هذا العام، والتى كان شديدة الحرص على المشاركة فى هذه البرامج وهى من متطلبات التخرج، ونجحت بالفعل فى تقديم أنموذج عملى لأحد الكبار الأميين والتى ساهمت فى محو أميته، وأعلنت حالة طوارئ – حرفيًا – مع والدها اللواء قوات جوية، ووالدتها، وشقيقتها الزميلة (آية) ماجستير قانون بامتياز كذلك.. فعلا برافو يا (دنيا).. وشكرًا لوالديك الفاضلين. 


بقلم درية شرف الدين


أهدتنى الصديقة الوقورة الدكتورة درية شرف الدين مؤخرًا كتابها الأحدث «استرداد وطن» الصادر قبيل معرض الكتاب الأخير عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقد ضم الكتاب قرابة ثمانين مقالا نشرتها صحيفة «المصرى اليوم» بقلمها الوطنى الغيور الصادح بالحق الصادع بالولاء والوفاء لمصر وللمصريين. 


وجاءت فكرة الكتاب – كما تقول الدكتورة درية فى مقدمته – بجمع مقالاتها عن مرحلة حكم الإخوان فى مصر والتى وصفتها بأنها «القصيرة والخطيرة»، وأنها «أيام الألم والأمل»، وتؤكد أن هذا الأمل بل واليقين لم يغادرها من حتمية زوالها، وثقتها فى انتهاء حكم الإخوان وعودة مصر – مصرية، معتدلة، ضاحكة، ساخرة، منتصرة على قوى الظلام مهما بلغت قسوتهم واستنادهم إلى أموال وسلاح الخارج. 


وروت الدكتورة درية واقعة عرض الإخوان عليها منصب وزيرة الثقافة، وكان ردها – كما أثبتت فى كتابها – بالرفض القاطع المندهش المذيل بسلسلة من الاتهامات والانتقادات لحكم الجماعة الذى يحاول سرقة البلاد وإذلال العباد، وانتابتها ثقة متناهية لتصف لهذا العارض صورة مستقبل قريب لم يتعد أشهرًا قليلة سينتهى عندها حلمهم وستتحقق ثورة الشعب عليهم (وقد كان!). 


ورغم معرفتى الوطيدة بالدكتورة درية والتى تمتد لعشرات السنين، إلا أننى أعدتُ قراءة شخصيتها المتقدة وطنية وجرأة وجسارة من خلال مقالاتها تلك بين غلافى الكتاب، أكثر من مرة، وفى كل مرة أكتشف شيئًا جديدًا، تمامًا كمن يشاهد فيلمًا أكثر من مرة وفى كل مرة يكتشف جديدًا، إلى الحد الذى أعادنى للوراء سنوات طويلة، حينما كان والدى – رحمه الله – يدعونا لمشاهدة برنامجها الأشهر نادى السينما، بعد نشرة التاسعة مساء السبت، ليس فقط لكى نشاهد الفيلم ولكن كذلك لمتابعة مناقشة الدكتورة درية لضيوفها المحللين، ثم يطلب منا الدروس المستفادة سواء من أسرته أو المشاهدين من الأقارب والجيران ضيوفنا الأعزاء حيث كان لدينا التليفزيون الوحيد فى المنطقة، و كذلك محاولة تلخيص أحداث الفيلم والتحليلات.. هكذا تعلمتُ من والدى إعادة قراءة شخصية الدكتورة درية شرف الدين. 


وتمضى الأيام، وتجمعنى مع الدكتورة درية (قبة البرلمان) وقت أن كان اسمه مجلس الشعب، وأجلس معها فى قاعاته وجلساته، وتتوطد الصلة العلمية والثقافية معها، من خلال تلبيتها لدعوتى لرئاسة جلسات علمية وأوراق بحثية فى مؤتمرات جامعة الدول العربية، ثم نسافر معًا عام 2011 لمؤتمر عربى مهم، وأهنئها فى يوليو 2013 كأول سيدة مصرية تتولى وزارة الإعلام واستمرت حتى يونيو 2014 (حين تم إلغاؤها فكانت آخر وزير إعلام).. ثم فى يناير الماضى 2021 بعضوية مجلس النواب ورئاسة لجنة الثقافة والإعلام والسياحة.. (شكرا دكتورة درية لقد استمتعتُ بالفعل بهذا الكتاب التوثيقى المهم). 
سمركى البنى آدمين !!


أعانى – ككل أرباب الأقلام – من آلام متكررة بمنطقتى العنق والظهر، وعبر تجارب وزيارات لدول متعددة طلبًا للعلاج، نصحنى طبيب ألمانى بجلسة علاج طبيعى (طبي) مرتين فى الأسبوع، وعلى هاتين المنطقتين تحديدًا.


ومنذ هذه النصيحة، وأنا أحرص على ممارسة العلاج الطبيعى الذاتى بالأجهزة اللازمة، منها: جهاز الترا سونيك بالموجات فوق الصوتية لتوفير التدفئة العميقة للعضلات والمفاصل والأوتار والأربطة، وكذلك جهاز وتينس لتخفيف الألم، وتنبيه العضلات وتحسين حرق الدهون، وأيضًا القفز على النطاطة (الترامبولين) لتنشيط الدورة الدموية كما أنه بمثابة غسيل كامل للجهاز الليمفاوي. 


وعبر سنوات عمرى قابلتُ عددًا كبيرًا من كبار أساتذة العلاج الطبيعي، وكذلك علم «الطقطقة»، وأذكر أننى حينما كنتُ أعمل وكيلا للنيابة العامة بنيابة مصر الجديدة فى التسعينيات، تعرفتُ على واحد من أهم أساتذة هذا العلم، وكان بروفيسيرًا مرموقًا، وكنتُ أتردد عليه كل أسبوع تقريبًا، وكان – بالفعل – نطاسيًا بارعًا، وأخصائيًا خبيرًا فى ذلك العلم. 


هذا هو العلم، وهذه تجربتي..

أما مدعى «سمكرى البنى آدمين».. والذى تم القبض عليه مؤخرًا (بدون ترخيص)، فهذه مراكز انتشرت بكثرة وهى ليست علمية ولا طبية ولا رياضية..

وعتابى فى الواقع على المرضى المترددين على مثل هذه النماذج غير المؤهلة وغير المرخصة، فتركهم أولى.. مش كده ولا إيه يا متعلمين يا بتوع المدارس!!


سلام سلاح لروح العظيم حمدى الكُنيسى


أنعى بمزيد من الحزن والألم والمرارة الصديق والأخ الغالى الإعلامى العظيم حمدى الكنيسى أشهر مراسل عسكرى عرفته مصر فى العصر الحديث. 
عرفتُه منذ قرابة ثلاثين عامًا فى مبنى ماسبيرو (الإذاعة والتليفزيون)، حين تقدمتُ لاختبار المذيعين الجدد وكانت اللجنة منه وكل من المغفور لهما محمود سلطان وأحمد سمير.. واجتزتُ الاختبار بنجاح بفضل الله وثنائهم بإلقائى نشرة أخبار..

ثم تواصلنا حتى كان اللقاء الأخير بدار القضاء العالى منذ قرابة عامين، حيث تشرفتُ بزيارته، واصطحبتُه فى جولة لزيارة المبنى ولقاء شيوخ القضاة الأجلاء، وقد تعرض لكسر فى قدمه أقعده عن الحركة منذ بدايات العام 2021، حتى كان الخبر الحزين مؤخرًا بانتقاله لرحمة الله آمنًا مطمئنًا بإذن الله.


  وأنقل رسالة حملنى إياها الصديق حسين السيد الذى تشرفتُ بالعمل معه فى قطاع التشريع بوزارة العدل: 


«سلام سلاح لروح حمدى الكُنيسي».


 ولروح ياسين محمد الرحمة والمغفرة 


أفجعنى كثيرا خبر وفاة الشاب الرائع ياسين محمد سكرتير تحرير الأخبار، وكانت عبارة «هل لفظته دنيانا باعتباره نشازًا فى جوقة عازفيها» التى كتبها الكاتب الصحفى الأستاذ محمد درويش مدير تحرير الأخبار فى رثائه، من  أكثر ما زلزل كياني، وترك فى نفسى ووجدانى وجدًا وحزنًا وألمًا.. رحمك الله يا ياسين وألهمنا جميعًا الصبر على فراقك. 


(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِى فِى عِبَادِى وَادْخُلِى جَنَّتِي) صدق الله العظيم.


ويبقى القانون 


تنص المادة  25 من الدستور المصرى على أن: «تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين فى جميع الأعمار، وتلتزم بوضع آليات تنفيذها بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وذلك وفق خطة زمنية محددة».                          

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة