حكم أرباح «التيك توك» مرتبط بما تقدمه من محتوى
حكم أرباح «التيك توك» مرتبط بما تقدمه من محتوى


ترويج الفواحش محرم..

أستاذ الفقه المقارن بالأزهر: حكم أرباح «التيك توك» مرتبط بما تقدمه من محتوى

ضياء أبوالصفا

الخميس، 09 سبتمبر 2021 - 11:57 م

كثر الكلام فى الآونة الأخيرة حول ما يسمى بأرباح «التيك توك» وذلك من خلال تحميل ابلكيشن معين، ودعوة المشاهدين لرؤيته، مقابل الحصول على مقدار معين من المال، ومن ثم يسأل البعض عن حل هذه الأموال من عدمه ؟

د. عبد الحليم منصور

حول ذلك يوضح الدكتور عبد الحليم منصور أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن الحكم الفقهى حول هذه المسألة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يقدم فى هذه المحتويات، ومدى الجهد المبذول من الشخص الذى يحصل على هذه الأموال، فإذا كان المحتوى المقدم مرذولاً، وينافى قيم المجتمع ومبادئه،وينافى الأخلاق الفاضلة التى دعت إليها الأديان السماوية،ويعمل على الإخلال بمنظومة القيم فى المجتمع، ففى هذه الحالة يكون هذا المال محرماً،لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام،ولأن للوسائل حكم الغايات،ولأن ترويج ما ينافى الأخلاق ويعمل على إشاعة الفاحشة محرم شرعاً لما يأتى :قول الله تعالى :» إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ « النور : (19)، فضلًا عن إيذاء مشاعر المواطنين المحرم عملاً قول الله تعالى :» وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا « الأحزاب: (58)،وأيضاً لما فى هذا من الإضرار بأخلاق المجتمع، والتعدى عليها ، لقوله عليه الصلاة والسلام :» لا ضرر ولا ضرار « وقوله أيضاً :» من ضار ضار الله به ، ومن شق شق الله عليه « وأيضاً لما فى هذا العمل من المجاهرة بالمعصية والعمل على ترويجها ، وكل منها إثم عظيم وشر مستطير ، قال عليه الصلاة والسلام :» كلُّ أُمّتِى مُعافًى إلا المُجَاهِرِينَ وإِنَّ من المُجَاهَرَةِ أنْ يَعمَلَ الرّجُلُ بِاللَّيلِ عمَلًا ثمَّ يُصبِحَ وقد ستَرَهُ الله فيَقُولَ يا فُلانُ عَمِلتُ البَارِحَةَ كذا وكذا وقد باتَ يَستُرُهُ ربُّهُ وَيُصبِحُ يَكشِفُ سِترَ اللّهِ عنه « رواه البخارى ، قال ابن تيمية :» فما دام الذنب مستوراً فعقوبته على صاحبه خاصة ، وإذا ظهر ولم ينكر كان ضرره عاماً ، فكيف إذا كان فى ظهوره تحريك لغيره إليه «.

ويشير إلى أنه إذا  كان المحتوى المقدم منضبطاً ومتناغماً مع الأخلاق ، ولا يعمل على إشاعة الفاحشة فى المجتمع،ولا يصادم قيم المجتمع وأخلاقه ، ففى هذه الحالة يكون المحتوى مباحاً ، والعمل على ترويجه مباحاً أيضاً ،ويكون المقابل المالى الذى يحصل عليه الشخص فى هذه الحالة مشروعاً، إذا كان الجهد المبذول يساوى المبلغ المتحصل عليه ، فإن لم يكن كذلك ، بأن كان المال أكثر من العمل، أو مبالغاً فيه ، ففى هذه الحالة يكون ما زاد عن الجهد المبذول فى ضوء عرف هذه المهنة وأهلها محرماً ، لأنه من قبيل الإثراء بلا سبب على حساب الغير ، وأخذاً لمال الغير بغير حق لقول الله عز وجل :» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا « النساء : (29)، أما إذا تساوى العمل مع المقابل المتحصل عليه وفقاً للمتعارف عليه فى مثل هذه الأعمال ، وكان المحتوى منضبطاً ومتناغماً مع أخلاق المجتمع ففى هذه الحالة يكون المال حلالاً ، والعمل حلالاً أيضاً .

ويختتم كلامه قائلاً: أدعو الجهات المعنية ذات الاختصاص بمراقبة هذه الأشياء ، والأخذ على أيدى العابثين بمنظومة الأخلاق فى المجتمع ، حتى نرقى بوطننا الحبيب ، ونحمى أخلاقه ، ونحصن أبناءه ، وتظل مصر دائماً ورافة بكل معانى الأمن ، سواء الفكرى ، أو الأخلاقى ، أو النفسى ، فى ضوء قول الله تعالى :» ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين .

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة