تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر في إيجارات المساكن القديمة تعد من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل فعلي مدي عدة عقود نسمع ونشاهد ونقرأ عن مناقشات وحوارات ساخنة تطرح خلالها مبادرات لقوانين لحل هذه المسألة وللاسف سرعان ما تهبط حالة الشد والجذب ويبقي الحال كما هو عليه. ملاك يصرخون من الظلم ويسعون دون جدوي لأنهاء معاناتهم وسكان يضعون ايديهم علي أملاك الآخرين بحكم قوانين صدرت منذ أكثر من نصف قرن شقق يتوارثها الأولاد والأحفاد ويضرب صاحب العقار رأسه في الحائط.
تتفاقم المشكلة يوما بعد يوم ، ملاك العقارات يحصلون علي مبالغ صغيرة لا تتناسب مع قيمة رأس المال ولا يجدون شققاً لابنائهم في ملكهم الخاص عندما يصل احدهم لسن الزواج بينما المستأجر بكل بساطة يترك الشقة الإيجار لابنه أو ابنته واسرهم الجديدة ليعيشوا بداخلها بنفس الأجرة القديمة رغم أن دخل الابناء في عصرنا هذا يفوق بمراحل كبيرة جداً دخل الاباء عندما استأجروا هذه الشقق. فهؤلاء السكان يثرون علي حساب المالك وورثته الشرعيين بحكم قانون ظالم صدر في عهد كان هدفه القضاء علي طبقة الاثرياء حتي أصبح احفادهم فقراء يستحقون معاش وزارة التضامن.
وظهرت مشكلة الشقق المغلقة فعدد ليس بقليل من مستأجري شقق وسط البلد والدقي والزمالك والجيزة ومصر الجديدة... هاجروا من الأحياء المزدحمة واشتروا شققاً فاخرة وفيلات بل وقصوراً في المدن الجديدة، وتحايلوا علي القانون بطريقة أو بأخري للاحتفاظ بشققهم القديمة مغلقة والاكتفاء بتسديد الأجرة الزهيدة ولا يوجد مخرج قانون للمالك لاستعادة شقته وأن رفع قضية تستمر لسنوات طويلة. واصبحت اتابع باهتمام مناقشات لجنة الاسكان بالبرلمان وما يسفر عنها من المقترحات والتعديلات وتوصيات.. والبعض يطالب بالتريث في اجراء تعديلات لدواعي الأمن الاجتماعي وحتي الوصول إلي تصور متكامل لتوفيق الأوضاع بين المالك والمستأجر بصورة تتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية المتغيرة باستمرار.
وأري ضرورة الفصل في قضايا الاسكان دون السماح لها بالاستمرار لوقت طويل. فقد واجهت منذ اسبوع موقفا محزنا وجدت نفسي في حيرة أمامه. فقد توفي شخص يعيش وحيداً دون زوجة أو أبناء في شقة استأجرتها أمه الراحلة في أوائل الستينيات، واعتبرها أهله جزءا من الميراث رغم علمهم أنها اصبحت من حق المالك. الا أن أحد المعزين نصح اهل الفقيد بمساومة صاحب العقار للحصول علي مبلغ معللا ذلك بأن صاحب العقار سيرضخ ويفضل الدفع لانهم مازالوا يضعون ايديهم علي العين وأن هذا افضل له من الدخول في مشوار المحاكم!