أحاديث الرئيس غالبا ما تحمل رسائل لا يصوغها إلا خبير عسكري أو رجل مخابرات فما بالك لو كان رئيسا سابقا للمخابرات العسكرية ؟!

لا أتصور أن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن القضية الفلسطينية ضمن كلمته أمس الأول في أسيوط خلال افتتاحه عددا من محطات الكهرباء الجديدة سيمر مرور الكرام.. من يقرأ ما بين السطور لابد أن يتوقع مفاجأة في الطريق تعيد مصر إلي مكانها الطبيعي ودورها الريادي علي المستوي الإقليمي.
هذه هي المرة الأولي التي يتحدث فيها الرئيس السيسي عن القضية الفلسطينية وضرورة التحرك بسرعة لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي بعبارات اختيرت بعناية لتبعث برسائل لكل الأطراف المعنية وفي مقدمتها إسرائيل حكومة وشعبا.
أتوقف أمام مطالبته الحكومة الإسرائيلية بإعادة بث كلمته ليسمعها الشعب الإسرائيلي.. هو يريد أن يعي الشعب الإسرائيلي فحوي الرسالة التي يبعث بها مؤكدا أنه لو سارعت الحكومة والأحزاب الإسرائيلية بالاتفاق علي أسس عادلة لحل القضية الفلسطينية وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي فإن المنطقة ستشهد تغييرا كبيرا إلي الأفضل علي كل المستويات لصالح شعوبها والأجيال القادمة.
اختيار الرئيس مناسبة محلية لطرح هذه الرؤية المرتبطة بقضية خارجية ليس له إلا معني واحد ان المفاجأة التي أتوقعها قريبة.. لكن مضمون المفاجأة وماهيتها هو السؤال الذي ستجيب عنه الأيام القادمة.. هل ستكون هناك دعوة أو مبادرة مصرية لعقد لقاء مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين علي أرض مصر؟ هل يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مصر بدعوة من الرئيس السيسي أو بطلب منه كخطوة أولي لتحريك المياه الراكدة في عملية السلام واستئناف المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ سنوات طويلة؟ هل يمكن أن تكون مثل هذه المبادرة المصرية -لو صح ظني- مكملة للمبادرة الفرنسية الحالية لإنهاء النزاع في المنطقة أم أنها ستسير في اتجاه منفصل لكن مواز للجهود الفرنسية.. أم تتخلي فرنسا عن مبادرتها لإفساح الطريق لنجاح المبادرة المصرية علي ان تكون تحت رعاية فرنسية؟
أسئلة كثيرة قفزت إلي ذهني بمجرد استماعي لحديث الرئيس.. ومن بينها أيضا هل تكون الخطوة الأولي هي رعاية مصرية لمصالحة فلسطينية حقيقية تمهد الأجواء لاستئناف محادثات السلام مع إسرائيل ؟
خبرتي بأحاديث الرئيس السيسي أنها غالبا ما تحمل رسائل لا يصوغها إلا خبير عسكري أو رجل مخابرات فما بالك لو كان رئيسا سابقا للمخابرات العسكرية ؟!
العالم كله رصد ردود أفعال الأطراف المعنية علي حديث الرئيس السيسي.. حركة فتح رحبت بشدة بما طرحه الرئيس والذي يأتي بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمصر.. إسرائيل صدرت للرأي العام العالمي -بسرعة- ترحيبها بما قاله السيسي وهو ما أكده رئيس وزرائها نتنياهو.. حماس أيضا رحبت لكنها كعادتها في وضع «العقدة في المنشار» اشترطت ضمانات مسبقة لنجاح الحوار مع حركة فتح ومع إسرائيل.
الرئيس ألقي بعبارة خلال حديثه مفادها أن مصر مستعدة لبذل جميع الجهود وتقديم الضمانات اللازمة لنجاح أية مبادرة لحل القضية الفلسطينية -وكما قال- لأنه في حل هذه القضية خير للجميع.. للشعوب الحالية والأبناء والأحفاد مستقبلا مؤكدا أنه يري ذلك ويدركه جيدا وهو محق بلا شك فتحقيق السلام لابد أن يعود بالخير علي الجميع فهل يدرك الإسرائيليون أن أمانهم واستقرارهم هو في حل القضية الفلسطينية وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي للأبد وأن هذا الحل لابد أن يمر عبر فكرة الدولتين؟.. لا خيار آخر إذا ما أرادت إسرائيل العيش بسلام وسط العرب.
وهل يدرك الفلسطينيون أن استمرار خلافاتهم هو كل ما تتمناه إسرائيل لتؤكد حجتها أنها لا تجد من تتفاوض معه ؟
أجهزة التكييف اختفت!
شاءت الظروف أن اكتشف منذ أيام أن سوق أجهزة التكييف في مصر يعاني أزمة شديدة وارتفاعا جنونيا في الأسعار بسبب أزمة الدولار وعدم توافر المكونات أو تأخر وصولها أو الافراج عنها في الموانئ.. السوق مرتبك جدا.. الكميات الموجودة بالمخازن سواء المصنعة محليا أو المستوردة محدودة للغاية والمصانع متوقفة.. هناك قوائم انتظار طويلة.. الشركات والموزعون يحصلون القيمة مسبقا ويحددون مواعيد للاستلام لا تقل عن شهر وهذا مستبعد.
الصيف لن يرحم والتكييف لم يعد رفاهية.. ومن يقول «بلاه التكييف.. خلينا في المراوح» سيفاجأ أن المراوح أيضا زادت أسعارها بجنون وتواصل الزيادة اسبوعيا.. لابد من تحرك سريع فهذا وضع لم يشهده السوق من قبل وهناك أطفال ومرضي لا يحتملون هذا الحر غير المسبوق.