لا أعرف كم سيمضي من الوقت كي أكتب عن النكبة باعتبارها ذكري وتاريخا ودرسا قاسيا من الماضي أتحدث فيه عن إسرائيل العدو، إسرائيل المجرمة، إسرائيل السرطان الذي استشري في جسد أمتنا العربية، إسرائيل التي أقامت حفلات قتل جماعية للعرب منذ تاريخ نشأتها علي أشلاء شهدائنا الذين ماتوا دفاعا عن هذه الأرض وهذا الوطن.
إسرائيل التي بقرت بطون الأمهات وقتلت الأجنة كي لا يكون لنا مستقبل، إسرائيل التي انتصرت في أولي حروبها مع العرب بسبب الخيانة في صفوفنا التي غرزت سيفا مسموما في الظهر لم نشف منه حتي اليوم.
ولن أسهب في تفاصيل الذكري التي لم نحولها يوما إلي ذكري ونحن نعيش فصولها كل يوم مع اختلاف الشخوص والمسميات. لكني سأتحدث عن واقع نعيشه وعيد للنكبة نحييه كل عام، فقد انفرط عقد الأمة يوم أن ضاعت فلسطين.. أضعنا فلسطين وأضعنا العراق وأضعنا سوريا وأضعنا ليبيا وأضعنا اليمن وبقي الغباء وبقيت الخيانة التي لم تعد في قاموسنا عارا وتحولت اتفاقيات الخيانة السرية إلي اتفاقات معلنة وتحول العدو إلي حليف بل وأصبحت المقاومة خيانة. وأصبح حق العودة مطلبا علي مائدة المفاوضات مع العدو وتحولت قضية اللاجئين الفلسطينيين إلي قضية اللاجئين العرب التي يحلها العالم بشن المزيد من الحروب فوق أرضنا.
هذه المرارة التي ترفض الرحيل تنتظر جيلا جديدا يمتلك عزيمة وإصرارا علي تحرير الأرض، لا ينتظر مؤتمرات قمة عربية أو مبادرات أمريكية وبيانات أممية. تنتظر شعوبا تمتلك قرارها وتجيد تعريف كلمة العدو، تحارب كل متربص وكل محتل يدنس أرضها. وكما قال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: «لن تمروا….. أيّها العابرون علي جسدي لن تمرّوا.. أنا الأرضُ في جسدٍ لن تمرّوا».