مع تغير نمط حياتنا الذي فرض علينا التعامل مع التكنولوجيا الحديثة التي ادخلتنا إلي العالم الافتراضي المذهل.. وجدنا علي الإنترنت الخير والشر وهناك من اساء استخدام هذا العالم للترويج لأفكار متطرفة او لاقتحام الحياة الخاصة للآخرين، كما استخدمه الإرهابيون لتجنيد الشباب والتغرير بهم واستخدموه ايضا لارسال شفراتهم واستكمال خططهم ضد الدولة. لكل هذا كان لابد من اصدار قانون لمواجهة الجرائم الالكترونية ولكن من خلال قراءة مشروع القانون الذي قدمته وزارة الاتصالات يلفت النظر تشديد العقوبات مقابل اتهامات (مطاطة) ومن الصعب اثباتها بشكل يقيني الا فيما ندر ـ فأحكام الحبس المقترحة تبدأ من سنتين الي ثلاث سنوات ومعها غرامة تبدأ من خمسين ألف جنيه وتصعد الي مائة ألف ومائة وخمسين ألفا وخمسمائة ألف جنيه، ثم تصل الي غرامة حدها الأدني مليون جنيه والاقصي 2 مليون جنيه لكل مزود خدمة أفشي بدون أذن أو طلب من احدي جهات التحقيق او الجهات الأمنية المتمثلة في القوات المسلحة ووزارة الداخلية والمخابرات العامة فافشي البيانات الشخصية لاي من مستخدمي خدمته او أية معلومات عن المواقع التي يدخل اليها الاشخاص والجهات التي يتواصل معها وتتعدد عقوبة الغرامة بتعدد المجني عليهم من مستخدمي الخدمة وللقاضي ان يحكم بالسجن او الغرامة او بهما معا. ولأن مبلغ الغرامة ضخم للغاية فغالبا ما سيعجز أي شاب عن دفعه ويتم سجنه مقابل الغرامة.
هذه العقوبات المغلظة هل تنجح في الحد من الجرائم الإليكترونية؟ أم ستمثل مصيدة للشباب من مدمني استخدام الانترنت والذين يمكن ان يتورطوا دون قصد في احدي هذه الجرائم فيجدوا انفسهم معرضين للسجن او الغرامة. ويضيع مستقبلهم! هل يمكن احكام السيطرة علي العالم الافتراضي؟ وهل يمكن تحديد الاتهامات الفضفاضة مثل تهديد الأمن القومي او الاخلال بالسلم الاجتماعي؟ الآن علي كل شاب ان يرجع نفسه قبل ان تمتد يديه نحو لوحة الكمبيوتر حتي لا يتعرض لعقوبات قانون الجرائم الإلكترونية حتي لا يتعرض لعقوبات قانون الجرائم الالكترونية الذي سمعنا منذ ايام بالمطالبة بأن يتضمن عقوبة الاعدام وتساءنا اذا كان المغتصب لا يحكم عليه بالاعدام فكيف بالجريمة الاليكترونية وكيف سيكون موقف المجتمع الدولي الذي يهتم بحقوق الانسان اذا ما طبق هذا الاقتراح، اتمني إعادة النظر في الاحكام المغلظة وتحديد نوعية الجريمة الإليكترونية ونقل المواد التي تخص النشاط الإرهابي الي قانون مكافحة الارهاب ونقل المواد التي تمثل الاعتداء علي الحياة الخاصة الي قانون العقوبات.. قليل من التريث لتقدير خطورة هذا القانون علي مستقبل شبابنا.