لقطة من فيلم جسد شخصية سفاح النساء الفرنسي
لقطة من فيلم جسد شخصية سفاح النساء الفرنسي


حكايات| سفاح العذارى.. «جرينوي» يصنع العطور من «أجسام النساء»

هناء حمدي

السبت، 11 سبتمبر 2021 - 11:13 ص

 

قصص السفاحين التي دونها التاريخ بين صفحاته كثيرة ومتعددة ولكن من أكثر تلك القصص غرابة هي قصة سفاح من نوع خاص جدا، فما فعله لم يسبقه إليه أحد من سفاحي التاريخ القديم أو الحديث لأن دوافعه للقتل كانت الأكثر غرابة على مدار التاريخ.

فهناك من يقتل بدافع الثأر أو المتعة أو الحصول على المال والذهب كما كان دافع "ريا وسكينة"، أو حتى البحث عن لذة القتل ولكن هذا السفاح لم يكن يقتل النساء من أجل كل هذا وإنما كان يقتلهن من أجل جمع روائح أجسامهن لتجميع عطر بشري لم يصل إليه أحد من قبل.

نعم.. الحصول على روائح أجسام النساء كان الدافع وراء القتل لدى الفرنسي سفاح النساء الأغرب والأشهر "جان باتيست جرينوي" بائع العطور، الذي عاش في شوارع باريس في القرن الثامن عشر.

وكانت نشأته لا تختلف كثيرا عن حياته الغريبة فقد ولد "جرينوي" عام 1738 في إحدى أسواق السمك الباريسية لأم لم تكن ترغب في طفلها، وقررت التخلص منه فور ولادته بإلقائه بين أحشاء الأسماك التي كانت تنظفها.

ولكن مع صرخات الطفل المتشبث بالحياة انكشف أمرها وعثروا عليه بين أحشاء الأسماك فأخذوه إلى الملجأ بعد القبض على الأم وإعدامها ومنذ تلك اللحظة، عاش "جرينوي" طفولة مليئة بالتنمر والرفض بوجوده فبعدما قررت مربية الاعتناء به تشاءمت منه لكونه طفل غريب لا يشبه الأطفال في سنه فلم يكن لجسده أي رائحة مثل باقي الأطفال.

كان جرينوي بارد الملامح فاتر الشعور لتقرر المربية التخلص منه لينتهي به المطاف في دار أيتام السيدة "جايار"، التي تأوي الأطفال بمقابل مادي لتستمر حياته البائسة ويظل منبوذا من طرف أقرانه الذين لم يترددوا في محاولة قتله في أول ليلة له بالدار.

وفي سن التاسعة بدأ العمل كعامل في مدبغة، ومن هنا بدأت حاسة الشم الفريدة التي يمتلكها في الظهور فعلى الرغم من تذمر جميع العاملين من روائح المدبغة النتنة، إلا أنه كان يعيش بشغف وسط كنز من الروائح والاكتشافات الحسية التي كانت تشجع حاسة شمه الفذة التي يمتلكها ليكتشفه صانع العطور "بالديني"، وينتقل للعمل لديه ويوظف حاسة الشم الاستثنائية التي يمتلكها في ابتكار وصفات عطور جديد أعادت مجد "بالديني" الضائع ومكنته من مواجهة المنافسة الشرسة لصناع العطور الباريسيين حتى أصبح " جرينوي" أشهر صانع عطور في التاريخ.

سفاح العذارى

وبفضل موهبته الفذة استطاع "جرينوي"، أن يصنع أجمل العطور وحقق لمعلمه أرباح طائلة ورغم أنه كان يعيش وسط العطور إلا أنه كان دائما يفتقد عطره الخاص وبالنسبة لشخص تعرف على العالم من خلال حاسة الشم التي يمتلكها كانت حقيقة عدم فرز جسده لروائح خاصة به إحساسا يشبه عدم الوجود فقرر أن يصنع لجسده أفضل "عطر بشري " على الإطلاق ومن هنا ارتكب أبشع الجرائم

وكانت البداية حينما وقع "جرينوي" في حب بائعة البرقوق التي كان يشع جسدها رائحة مميزة وبينما كان يتعقبها بعد رؤيتها في السوق حتى مرت بميدان خالي فاقترب منها ليشتم عطرها وعندما شعر بوقع خطوات المارة وضع يده على فمها حتى لا تصرخ وتفضحه ولكنها لم تتحمل وماتت بين يديه ليقرر بعدها مغادرة باريس متوجها إلى كراس ومعه عطر فتاة البرقوق الذي لازمه طوال رحلته.

اقرأ أيضا : حكايات| آية «برنسيسة» العجلاتية.. مبادرة «السيسي» للدراجات تغزو شوارع كندا

واتخذ "جرينوي" فرصة تواجده في مدينة كراس عاصمة صناعة العطور الفرنسية لكي يصنع لنفسه عطرا يمنحه "رائحة بشرية" ويحسسه بوجوده كإنسان بين البشر وهناك تعرف على فتاة ذات عطر أخاذ وله تأثير أكبر من رائحة فتاة البرقوق ليبدأ بعدها "جرينوي" في تنفيذ جرائم قتل متتالية بغرض استخلاص العطور الطبيعية من أجساد النساء فقتل 24 فتاة من أجمل فتيات المدينة العذارى.

ووصل إلى فكرة تمكنه من استخلاص روائح اجسام النساء وهي تغطية الضحية بعد قتلها بطبقة من الدهن الحيواني ثم لفها بإحكام بقطعة من الثوب السميك وتركها بعض الوقت ثم يزيل طبقة الدهن التي غطى بها الضحية ويقوم بعدها بتقطيره حتى يتمكن من استخراج الرائحة التي علقت به وحفظها في زجاجة صغيرة وبعد جرائمه المتتالية غرقت كراس في دوامة الرعب حيث تستيقظ المدينة كل فترة على جثث لفتيات حليقات الرؤوس دون القدرة على الوصول إلى هوية القاتل.

سفاح العذارى

ليتمكن جرينوي من تركيب "العطر البشري" أكثر العطور كمالا بتوليف العطر المستخلص من جسد "لور ريشي" ابنة أكثر تجار عطور المدينة ثراء ونفوذا وآخر ضحاياه بالعطور الـ24 المستخلصة من أجساد باقي الضحايا لينكشف بعدها أمره ويلقى عليه القبض ليحكم عليه بالإعدام.

وعند اقتياده لساحة المدينة لتنفيذ الحكم وتحت أنظار الآلاف من سكان المدينة تطلع "جرينوي" إلى الجماهير المحتشدة وبهدوء شديد أخرج زجاجة صغيرة بها عطره الخاص أحمر اللون وصب منها بضع نقاط صغيرة على منديل ولوح به متفاخرا في الهواء ثم ألقاه ليسقط فوق رؤوس الجماهير العريضة.

ولغرابة هذه القصة تحولت جرائمه التي لا يزال العالم يتذكرها باعتبارها الأغرب في تاريخ الجريمة إلى أعمال أدبية كرواية "العطر.. قصة قاتل" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند والتي صدرت عام 1985 وتمت ترجمتها إلى 48 لغة وباعت أكثر من 20 مليون نسخة كما تحولت لفيلم سينمائي من إخراج توم تيكوير وتم طرحه عام 2006.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة