◄مصر لم تطلب قروضا والصندوق يرحب برؤيتها للإصلاح
◄تخفيض عجز الموازنة وإصلاح مشكلتي السكان والتعليم على رأس الأولويات
أكد المدير التنفيذي وممثل مجموعة مصر والدول العربية بصندوق النقد الدولي، د.حازم الببلاوي أن هناك تفاهما كبيرا بين المسئولين المصريين ومسئولي صندوق النقد الدولي بشأن التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري خاصة ما يتعلق بالدين المحلي والذي لابد من خفضه بنسبة كبيرة.
وأشار إلى أن الوضع الأمثل للدين المحلي لدول العالم يجب ألا يتجاوز 60 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بينما يصل في مصر إلى مستوى 90% .
وقال إنه رغم التحديات والصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري إلا أن هناك ما يدعو للتفاؤل إذا تم اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي بجدية والتزمت بها الحكومة والمواطن جاء ذلك خلال تصريحات صحفية لوفد الصحفيين المصريين المرافقين لبعثة طرق الأبواب التي تنظمها الغرفة التجارية الأمريكية بمصر لواشنطن برئاسة انيس اكليمندوس.
وقال أن الحكومة المصرية لم تتقدم للصندوق بطلب أي قروض حتى الآن وإذا ما تقدمت سوف يأخذ الصندوق طلبها بمأخذ الجد وذلك بعد دراسة البرنامج الذي ستتقدم به.
وفيما يتعلق بقضية الدعم، أشار الببلاوي إلى أن أهمية مواجهة هذه القضية في برنامج واضح ومناسب وقد يكون قاسيا إلى حد ما ،إلا انه لابد وأن تلتزم به الحكومة.
وأضاف أن الحكومة نجحت في عبور الخطوة الأولى في برنامج إصلاح الدعم وهي الخطوة الأصعب والأخطر، إلا أن عليها استمرار متابعة تنفيذ خطوات الإصلاح حتى تنجح وتحقق النتائج المرجوة منها.
وقال إن مصر أمامها فرصة جيدة للتقدم ولكن بشرط أن تواجه الحكومة القضايا الصعبة بجدية .
وأشار إلى أن مصر ذات موارد محدودة بالنسبة إلى عدد السكان الضخم والذي يتزايد سنويا بمعدلات كبيرة وتحتاج مصر إلى اتخاذ إجراءات قوية في هذا الصدد مشيرا إلى أن بناء الدولة ليست نزهة ولكنه عمل شاق.
وقال أن طريق النجاح إلى تسعى إليه مصر لابد أن يبدأ بعملية شد الحزام وبعدها سيتحسن الوضع كثيرا، وبالنسبة للمشروعات القومية طويلة الأجل أو قصيرة الأجل شدد الببلاوي على أهمية دراستها بشكل مستفيض قبل تنفيذها.
وقال إن المحاور الرئيسية لأي حلول تضعها الحكومة لعلاج المشاكل الاقتصادية لابد أن تشمل أولا حل مشكلة السكان وإصلاح التعليم وبث حالة من التفاؤل والشعور بأهمية النجاح لدي المصريين .
وقال إن القطاع المالي هو الأكثر تأثيرا في الحياة الاقتصادية أو النشاط الاقتصادي، ولا يمكن تحقيق أي معدلات ايجابية للنمو الصناعي دون وجود قطاع مالي قوي ومستقر ومنضبط وملتزم بالمعايير الدولية، مؤكدا أن العالم كله يتجه إلى وضع قواعد موحدة للمعايير المصرفية وعلي جميع الدول الالتزام بها حتى يمكنها التعامل مع بعضها البعض على أسس ومعايير واضحة .
وحول أهمية التعامل مع المؤسسات المالية الدولية،قال انه لا يوجد دولة ترغب في النمو يمكن أن تترك فرص التمويل المتاحة لها ولا تطرقها أو تستغل كل الفرص التمويلية المتاحة لها بشرط أن تتناسب هذه الشروط مع ظروفها الاقتصادية.
وقال إن مصر لديها برنامج قوي للإصلاح الاقتصادي ومن مصلحتها أن تنسق مع مؤسسات التمويل الدولية، مشيرا إلى أن المناقشات التي أجرتها الحكومة مع صندوق النقد خلال اجتماعات الربيع المشتركة مع البنك الدولي كانت جيدة، وأن الجانب المصري نجح في عرض مشاكله الاقتصادية ورؤيته للإصلاح، وقد لاقت هذه الرؤية ترحيبا من جانب المسئولين والخبراء في صندوق النقد .
وقال إن رؤية الجانبين متفقة على ضرورة تخفيض عجز الموازنة ،وان نسبة خفض هذا العجز سنويا تتوقف على مدى التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح ومدى الكفاءة في تنفيذه .
وأضاف أن صندوق النقد هو جهة تمويلية واستشارية، ولا يلزم الدول بإجراءات معينة، موضحا أن الصندوق كالطبيب الذي يكتب روشتة وأسلوب العلاج وعلى المريض أن يأخذ به أو لا يأخذ به وفقا لقناعته وحاجته للشفاء مشيرا إلى انه في حالة مصر لا خلاف على التشخيص والعلاج ولكن الخلاف حول جرعة الدواء التي يمكن للمريض تحملها .
وأشار إلى أن أزمة الدولار في مصر يمكن التغلب عليها من خلال حزمة من الإجراءات المتكاملة يجب أن تتخذها الحكومة .
وقال إن مصر تحتاج حاليا إلى قدر كبير من الانضباط المالي والالتزام بالسلوكيات السليمة،مشيرا إلى أن الإصلاح الاقتصادي لا يتحقق فقط بإصلاح العجز في الميزانية، وإنما لابد من حزمة إجراءات مكملة تتضمن على سبيل المثال مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وإصلاح منظومة الدعم حتى نضمن وصوله لمستحقيه ونحقق العدالة الاجتماعية، كما يجب إصلاح نظام التعليم والصحة .
وأشار إلى أن هناك كثير من القضايا في مصر تتطلب جرأة في اتخاذ القرار واقتحام المشكلات ووضع الحلول اللازمة لها حتى لا تتفاقم بمرور الزمن مثل قضية إيجارات المساكن القديمة وقضية الدعم ، موضحا أن انخفاض أسعار البترول وتقبل المواطن للخطوة الأولى في دعم الطاقة يمكن أن يساهم في إصلاح دعم الطاقة بصورة كبيرة.
وأكد أن البناء ليس نزهة ولكنه عمل شاق وطويل وإذا أرادت الحكومة بناء هذا الوطن فعليها ان تكون قدوة في السلوك والانضباط .
وقال إنه لا يمكن أن تكون نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية في الموازنة 16% فقط من الناتج المحلي في حين أن النسبة المتعارف عليها في الدول الكبرى تصل إلى 35 % .
وحول ما أثير مؤخرا حول جزيرتي تيران وصنافير، قال حازم الببلاوي إن الحكومة المصرية فشلت في إخراج المشهد بالشكل السليم، وأن غياب المعلومات أدى إلى تفاعل كل شخص وفقا لعواطفه وليس وفقا للقواعد القانونية، بالإضافة إلى أن المعارضة وجدت في هذا الموضوع فرصة للتشفي .
وقال إن الأوضاع في صندوق النقد تتغير وفقا للمتغيرات والأحداث الدولية، وأصبح هناك اهتمام واضح بمساندة الدول الفقيرة، بالإضافة إلى تنامي الدور الذي تلعبه الدول الأكثر نموا مثل الصين وتركيا واندونيسيا والبرازيل.
وأشار إلى أن الشرق الأوسط أصبح منطقة مليئة بالمشاكل المتعلقة بالأمن والاستقرار وغسل الأموال ولذلك أصبحت هناك ضرورة بالالتزام بالمعايير المصرفية الدولية .